سيطر المقاتلون الاكراد الاثنين بشكل شبه كامل على مدينة تل ابيض الاستراتيجية، وباتوا بذلك يسيطرون على شريط حدودي يمتد من ريف حلب في شمال سوريا حتى مثلث الحدود السورية التركية العراقية، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.


بيروت: سيطر المقاتلون الاكراد الاثنين بشكل شبه كامل على مدينة تل ابيض الاستراتيجية بعدما استولوا على المعبر الحدودي مع مدينة اقجه قلعة التركية، وباتوا بذلك يسيطرون على شريط حدودي يمتد من ريف حلب في شمال سوريا حتى مثلث الحدود السورية التركية العراقية، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "سيطر المقاتلون الاكراد بشكل شبه كامل على مدينة تل ابيض في محافظة الرقة (شمال) باستثناء بعض الجيوب، حيث لا تزال تتحصن مجموعات صغيرة من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية بعد فشلها في الفرار الى خارج المدينة".

واوضح عبد الرحمن ان "المقاتلين الاكراد باتوا يسيطرون على شريط حدودي بطول 400 كيلومتر، يمتد من ريف حلب الشمالي الشرقي في شمال سوريا وصولا الى مثلث الحدود السورية التركية العراقية، باستثناء معبر القامشلي" في محافظة الحسكة (شمال شرق).

وبحسب المرصد، قتل ما لا يقل عن اربعين جهاديا لدى محاولتهم الفرار من تل ابيض الى بلدة عين عيسى المجاورة والواقعة شمال غرب مدينة الرقة، وتمكنت مجموعات صغيرة من الوصول اليها.

وفي وقت سابق، استولى المقاتلون الاكراد على المعبر الحدودي بين مدينة اقجه قلعة التركية وتل ابيض السورية من مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية، بحسب مصور وكالة فرانس برس، كما تمكنوا من قطع طريق امداد للتنظيم يربط تل ابيض بمدينة الرقة السورية.

وافاد مصور فرانس برس ان العديد من المقاتلين التابعين لوحدات حماية الشعب الكردي تمركزوا عصر الاثنين في الجانب السوري من المعبر.

وفي وقت سابق اعلن القائد في وحدات حماية الشعب الكردي حسين خوجر لوكالة فرانس برس "قطعنا طريق امداد تنظيم الدولة الاسلامية الى الرقة"، في اشارة الى طريق تمتد من تل ابيض باتجاه الجنوب الى الرقة، معقل التنظيم المتطرف.

واوضح ان المدينة "باتت محاصرة تماما"، مضيفا ان "وضع مقاتلي داعش بات صعبا وهم لا يستطيعون ان يهربوا".

واوضح شرفان درويش، الناطق الرسمي باسم قوات "بركان الفرات" المعارضة التي تقاتل الى جانب عناصر الوحدات الكردية، لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي ان "اشتباكات عنيفة متواصلة بين الطرفين".

وقال ان اكثرية المدنيين الذين كانوا يقيمون جنوب تل ابيض نزحوا من منازلهم تحت وطاة الاشتباكات بين الطرفين.

ويعد هذا التقدم ضربة لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يقاتل للحفاظ على تل ابيض والابقاء على طريق الامداد الرئيسي بين الرقة والحدود التركية.

وبدأ المقاتلون الاكراد والمسلحون السوريون تقدمهم باتجاه تل ابيض في 11 حزيران/يونيو بدعم من الحملة الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

واسفرت الاشتباكات وقصف طائرات التحالف الاثنين عن مصرع 11 عنصرا على الاقل من التنظيم، جثث معظمهم لدى الوحدات الكردية، فيما قضى ثلاثة مقاتلين اكراد، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

ويشن التحالف الدولي ضربات جوية منذ عشرة اشهر استهدفت مواقع الدولة الاسلامية في شمال سوريا، ما سمح للاكراد باستعادة مدينة عين العرب (كوباني) في كانون الثاني/يناير وعدد كبير من القرى والبلدات المحيطة.

وبدأت تركيا الاحد باستقبال السوريين الهاربين من المعارك في محيط تل ابيض، بعد ان كانت اغلقت الحدود امامهم لايام.

وقال مصدر رسمي تركي لوكالة فرانس برس ان نحو 20 الف لاجئ سوري دخلوا الى تركيا بعد فتح احد المعابر الحدودية.

وتسبب تدفق السوريين في حالة من الفوضى في بعض المرات حيث تسلل عدد منهم عبر ثغرات في السياج الشائك بسبب اغلاق المعبر وتاخير دخولهم.

واعادت السلطات التركية ظهر الاثنين فتح المعبر.

واصطف نحو الف سوري منذ صباح الاثنين، قرب معبر اقجه قلعة الحدودي، بانتظار ان تسمح لهم قوات الامن التركية بالدخول، بحسب مصور وكالة فرانس برس.

وكانت تركيا منعت على مدى ايام دخول سوريين الى اراضيها قائلة انها لن تسمح بذلك الا في حال حصول مأساة انسانية.

وصرح نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش لقناة سي ان ان ترك الاثنين "اذا وافقت تركيا على موجة جديدة من اللاجئين القادمين من تل ابيض، فهذا يعني انها يجب ان تكون مستعدة لتدفق ما لا يقل عن مئة الف شخص".

وتقع تل ابيض على بعد نحو 85 كلم شمال مدينة الرقة التي تعتبر عاصمة تنظيم الدولة الاسلامية، ويقول محللون انها نقطة عبور رئيسية للاسلحة والمقاتلين الجهاديين وكذلك لعبور النفط الذي يباع في السوق السوداء.

وقال تشارلي وينتر الباحث في شؤون الجهاد في مؤسسة كويليام في لندن ان تل ابيض "معقل لتنظيم الدولة الاسلامية منذ فترة، ووصفت بانها البوابة الى الرقة، ولها اهمية استراتيجية بالتاكيد لانها بلدة حدودية تمر عبرها المعدات والمقاتلون المجندون وغير ذلك".

كما تبعد تل ابيض مسافة 70 كلم فقط شرق بلدة كوباني التي تسكنها غالبية من الاكراد وشهدت قتالا استمر اشهرا قبل ان تتمكن القوات الكردية من طرد عناصر تنظيم الدولة الاسلامية منها.

وقال موتلو تشيفيراوغلو المحلل في الشؤون الكردية ان تل ابيض هي "شريان الحياة الرئيسي لتنظيم الدولة الاسلامية" حيث يربط مدينة الرقة بالعالم الخارجي.

واضاف "تل ابيض هي المركز المالي واللوجستي لتنظيم الدولة الاسلامية. واذا خسر التنظيم هذا المركز سيكون من الصعب جدا عليه تهريب مسلحين وبيع النفط والمتاجرة بسلع اخرى يتاجر فيها حاليا".

وخلال الاشهر الثلاثة الماضية تمكنت القوات الكردية من استعادة السيطرة على بعض المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم المتطرف في محافظة الرقة.

وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، تمكن الاكراد في الاشهر الاخيرة من السيطرة على أكثر من خمسين قرية وبلدة في الريف الشمالي الغربي لمحافظة الرقة.

وبحسب وينتر فان تنظيم الدولة الاسلامية سيقاتل بشراسة للحفاظ على البلدة الاستراتيجية كما انه سيزرع فيها الكثير من الالغام.

واكد "لا اعتقد انهم سيستسلمون دون قتال".

واثار التقدم الكردي انتقادات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

وترتبط القوات الكردية السورية التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية بحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.

وقال نهاد اوزكان المحلل في معهد "تيباف"، ومقره انقرة، ان انتقادات اردوغان سببها مخاوف من تصاعد "المشاعر الانفصالية" بين الاكراد في جنوب شرق البلاد.

واضاف "اذا سيطر الاكراد على تل ابيض بعد تحريرهم كوباني، فانهم سيظهرون كقوة قتالية في وجه تركيا".

كما اتهمت بعض الجماعات المسلحة السورية الاكراد ب"التطهير العرقي" وقالت ان وحدات حماية الشعب الكردي تطرد العرب السنة والتركمان من المنطقة.

&وترفض القوات الكردية هذه المزاعم مؤكدة انها طلبت من المدنيين اخلاء مناطق القتال تجنبا لسقوط ضحايا بينهم.

وفي مدينة حلب شمال سوريا قتل 23 شخصا على الاقل بينهم سبعة اطفال وجرح مئة آخرون، نصفهم من الاطفال، جراء سقوط قذائف صاروخية استهدفت احياء عدة خاضعة لسيطرة قوات النظام في المدينة، بحسب ما ذكر التلفزيون السوري الرسمي الاثنين.

وافاد التلفزيون في شريط عاجل عن "مجزرة ارتكبها الارهابيون في حلب" تسببت بسقوط "23 شهيدا بينهم سبعة اطفال بالاضافة الى اكثر من مئة جريح نصفهم من الاطفال".

وقال ان القذائف استهدفت احياء عدة بينها "منطقة جامع الرحمن ومساكن السبيل والراموسة والاشرفية" في غرب المدينة.

وتشهد مدينة حلب مواجهات عنيفة منذ عام 2012 بين قوات النظام والمعارضة اللتين تتقاسمان السيطرة على احيائها.

&