وضعت وزارة العدل المغربية في متناول المغاربة خطًا ساخنًا للتبليغ عن شكاوى الفساد، كما أطلقت تطبيقات قانونية رقمية من شأنها الحد من الفساد.
حسن العلوي: في سياق رغبة المغرب محاربة الرشوة بلا هوادة، خصصت وزارة العدل المغربية رقمًا هاتفيًا يمكن المغاربة من التبيلغ عبره عن حالات الابتزاز والرشوة التي يتعرضون لها. كما اطلقت تطبيقًا للخدمات القضائية الالكترونية على الهواتف الذكية، لرفع مستوى فعالية وشفافية الخدمات القضائية وتحسين جودتها، وهي اجراءات تروم الحد من الفساد.
أداة فعالة
كشف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات المغربي مساء الخميس في الرباط عن مشروع كبير لتحديث الادارة القضائية شرع في تنفيذه ضمن سلسلة الاجرءات الهادفة لاصلاح العدالة في البلاد. وقال الرميد إن عزيمة الدولة منعقدة على محاربة الفساد الذي لن يتسنى محاربته من دون مساهمة المواطنين، وقال: "سنعطي المواطن الاداة الفعالة ليساهم معنا في محاربة الرشوة".
وذكر وزير العدل المغربي أن المكالمات الهاتفية الواردة من قبل المبلغين عن الرشوة سيتلقاها ثلاثة قضاة لديهم تجربة وسلطات احالة بلاغات المواطنين مباشرة على النيابة العامة التي ستتحرك لضبط المرتشين في حالة تلبس.
وكشف الرميد ايضًا عن بعض الاجرءات التي سيجري تنفيذها في اطار مشروع تحديث الادارة القضائية، وقال: "نسبة تحيين المواقع الالكترونية للمحاكم المغربية تتجاوز 95 في المئة".
وأعلن الرميد انه سيجري خلال النصف الثاني من 2015 تحديد الاعمار المفترضة للملفات الرائجة في المحاكم، حسب نوعية القضايا، من أجل البت فيها في آجال معقولة.
وقال: "أي تجاوز للأجل المتوافق عليه يستوجب تنبيه المسؤولين من كافة المستويات ومساءلتهم بدء من القضاة وحتى الوزير نفسه"، وأعطى مثالًا على ذلك "التطليق بالشقاق" الذي لا ينبغي أن تتجاوز مدة البت فيه ستة اشهر، وفي حالة التأخر في البت سيظهر لون احمر على شاشة الموقع الالكتروني للمحكمة.
تطبيقات قانونية
وأوضح الرميد أن الوزارة ستعمل على تحديد المعدل الذي ينبغي أن يعتمد لكل قاض للبت في القضايا، "وذلك سيصبح معيارًا موضوعيًا يحتكم اليه المجلس الاعلى للسلطة القضائية لتقييم اداء القضاة وترقياتهم، وحتى تأديبهم، إذا كان هناك اخلال جسيم في واجب البت في القضايا وفق المعدلات المنصوص عليها" .
وخلص الرميد إلى القول إن مشروع التحديث سيصبح اكبر واوسع حيث أن الوزارة بصدد التنسيق مع الادارة العامة للامن العام والدرك الملكي من اجل التبادل الالكتروني للمحاضر بين الشرطة القضائية بكافة مكوناتها وبين النيابة العامة، بالاضافة إلى برنامج مماثل بين المحامين والمحاكم سيمكن المحامين من تسجيل دعاويهم القضائية الكترونيًا، بما فيها التوقيع الالكتروني واداء الرسوم القضائية، لافتًا إلى أن هذا الاجراء شرع في تنفيذه مع الموثقين، وسيشمل لاحقًا كتاب العدل والمفوضين القضائيين.
وفي معرض حديثه عن تطبيق الخدمات القضائية الالكترونية على الهواتف الذكية، قال وزير العدل المغربي: "أهمية التطبيق تكمن في أن المواطنين لن يصبحوا في حاجة إلى الوقوف امام مكاتب الموظفين والتنقل بين المحاكم، وبالتالي ستتقلص الرشوة التي كان المواطن يضطر لدفعها احيانا للحصول على المعلومة، كما أن علاقة المواطن بالمحامي ستصبح اكثر شفافية".
تحد من الفساد
سيوفر التطبيق سلسلة من الخدمات، ضمنها خدمة تتبع القضايا، وخدمة السجل التجاري التي توفر امكانية البحث والتقصي حول الوجود القانوني للمقاولات المسجلة بالسجلات التجارية، وخدمة الاطلاع على مآل طلبات السجل العدلي، وخدمة الاطلاع على لائحة الاعلانات القضائية الخاصة ببيع العقارات المعلن عنها في مختلف محاكم البلاد، وخدمة الخريطة القضائية، وهي خدمة تمكن من معرفة المحكمة المختصة للبت في النزاع.
وقال الرميد إن من شأن جميع هذه الخدمات الحد من الفساد، مشيرًا إلى انه باعتباره محاميًا فإن الحصول على مثل هذه الخدمات والمعلومات كانت تشكل عبئًا مضنيًا للمحامين انفسهم، ناهيك من المواطنين.
من جهته، وصف عبد السلام بودرار رئيس الهيئة المركزية لمحاربة الرشوة هذه الخطوة بـ "المهمة والحاسمة في مسار اصلاح منظومة العدالة"، مشيرًا إلى وجود تكامل بين تحديث العدالة وتخليق القضاء الامر الذي سيمكن المغاربة من الوصول بشكل سلس إلى المعلومة وبالتالي مراقبة ومحاسبة جميع المرافق.
وذكر بودرار أن الرشوة جريمة تمر في الخفاء، "وبالتالي لا بد من اشراك المواطنين في فضحها حتى يوضع حد للافلات من العقاب، وهو مطلب طالما نادى به المواطنون والمجتمع المدني".
التعليقات