يبقى بشار الأسد متمسكًا بالحسم العسكري الذي يبدو أنه عاجزًا عن تحقيقه، لكن ذلك مرده إلى معرفته أن المجتمع الدولي يبحث جديًا في حل لسوريا من دونه.

بيروت: ألمح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس السبت إلى مفاوضات جارية مع أطراف داخل نظام الأسد، تحضيرًا لتسوية سياسية في سوريا، لا يشارك فيها بشار الأسد. وقال فابيوس في مؤتمر صحفي عقده في القاهرة، خلال جولة شرق أوسطية يقوم بها، إن بلاده تؤيد حلًا سياسيًا في سوريا بعيدًا عن بشار الأسد.

وحول وجود مفاوضات بين المعارضة السورية وأطراف من نظام الأسد، تمهيدًا لاستبعاد بشار الأسد، أضاف: "ليس سرًّا أن هناك محادثات كبيرة تجري بهذا الشأن، فالمصريون استقبلوا اجتماعًا موسعًا للمعارضة السورية، وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان في زيارة إلى روسيا". كما أوضح أنه سيلتقي بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء في باريس، للتباحث معه بهذا الشأن أيضًا.

الحسم أولًا

إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ" عن مصدر سياسي في دمشق رفض الأسد طلب المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بحجة أن الأوضاع الأمنية في سوريا لا تسمح بذلك، حتى لو كانت بإشراف دولي، "فالوضع القائم حاليًا هو وضع دستوري مؤيد من الشعب السوري"، بحسب الأسد.

وكشف المصدر أن دي ميستورا ركز على عدة محاور في محادثاته، منها الحل السياسي، وإيقاف القصف بالبراميل، وإيجاد طرق آمنة للمناطق المحاصرة، وإطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين مقابل مواقف معينة من المعارضة، لكن الأسد كان واضحاً بالقول إن الحسم العسكري أولًا ثم الحل السياسي، "لأن واجب الدولة هو القضاء على الإرهاب"، بحسب زعمه.

وكرر الأسد ما قاله سابقًا عن أن طيرانه لا يقصف المدنيين بالبراميل المتفجرة، "إنما يستخدم قذائف تستعملها كل جيوش العالم، ومع ذلك سنحاول تخفيفها قدر الإمكان لتجنب المدنيين".

من يحسم؟

ويأتي كلام الأسد عن الحل العسكري بعدما أطلق دي ميستورا تصريحات نارية طالب فيها الولايات المتحدة الضغط عسكريًا لعزل الأسد، مشددًا على أن رحيل الأسد يفتح الطريق أمام تسوية سياسية في سوريا.
كما اعتبر دي ميستورا خلال لقائه معارضين سوريين في جنيف قبل أسبوعين أن الضغط العسكري المطلوب على الأرض لن يأتي عن طريق الأمم المتحدة، بل عن طريق واشنطن التي عليها أن تتجاوز مجلس الأمن الذي يعيق العملية السياسية عبر بعض الدول.

إلا أن مراقبين على الطلاع على الأوضاع في سوريا يسألون: "من يحسم في سوريا إن كان الأسد اليوم لا يسيطر على أكثر من 18 في المئة من الأراضي السورية، وإن كان جيشه يتهاوى بفعل الضربات المتتالية التي توجهها إليه الفصائل المعارضة من جهة وتنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة من جهة ثانية؟".

إلا أن بعض المراقبين يتخوف من تدخل عسكري فعلي لقوات إيرانية في سوريا، تحمي السد من السقوط، الذي تجمع الدول الغربية على اعتباره وشيكًا، خصوصًا أن الحراك السياسي الناشط يتجه نحو حل للأزمة السورية، يستبعد الأسد، بموافقة روسية صارت واضحة.
&