ساراييفو: يحيي العالم السبت ذكرى مجزرة بلدة سريبرينيتسا في شرق البوسنة، حيث لا يزال الارتياب والكراهية بعد مرور عشرين عاما يقضيان على اي امل في حصول مصالحة بين الصرب والمسلمين.

وبذلت جهود من اجل المصالحة فقامت مثلا جوقة من الاطفال المسلمين والصرب في سريبرينيتسا باحياء حفل موسيقي في حضور البابا فرنسيس في حزيران/يونيو، في بادرة اعتبرت بمثابة زرع لبذور حياة مشتركة في المستقبل.

كما انشئت فرقة روك تضم موسيقيين مسلمين وصربا. إلا ان اي تقدم يتم تحقيقه يسقل وتطفو الاحقاد من جديد كل سنة بحلول شهر تموز/يوليو حين تستعد سريبرينيتسا لاحياء ذكرى المجزرة حين قامت قوات صرب البوسنة بقتل ثمانية الاف رجل وشاب مسلم في تموز/يوليو 1995.

وبأسف قال الكاهن الكسندر المسؤول عن ابرشية سريبرينيتسا الارثوذوكسية: "السنة تبدأ عندنا وتنتهي في 11 تموز/يوليو. وجودنا هنا يدور حول شهر تموز/يوليو المشؤوم هذا".

ويعبر عن الرأي نفسه كميل دوراكوفيتش، رئيس بلدية سريبرينيتسا المسلم. ويقول "يتنبهون لنا في تموز/يوليو فقط. انا عمدة يتوسل باستمرار من تموز/يوليو الى آخر من اجل الحصول على استثمارات" مؤكدا ان "تأمين العمل للناس هو مفتاح المصالحة".

لكن ما زال هناك عقبات مستعصية في وجه المصالحة، مثل معاناة صباحيتة فايزيتش التي فقدت في مجزرة سريبرينيتسا ابنها (16 عاما) وزوجها الذي لم يعثر عليه بعدها.

وقالت هذه المرأة التي تعيش في ساراييفو منذ ابعادها من سريبرينيتسا "لا اقوى على العودة للعيش هنا. جيراني الصرب السابقون يرسلون اشارات من اجل استئناف الاتصالات. لكني لست بحاجة الى ذلك. لقد رأيتهم بالزي العسكري يوم تم اقتياد ابني. لماذا لم يفعلوا شيئا لانقاذه؟".

اما نظيرة سليمانوفيتش ففقدت ابنيها في المجزرة، فيما قتلت احدى بناتها في القصف خلال الحرب بين المجموعتين في 1992-1995 التي اسفرت عن 100 الف قتيل.

وعادت نظيرة للعيش في سريبرينيتسا. لكن اول ما تراه كل صباح في اسفل التلة، هو المدفن الذي يرقد فيه ابناها وسط اكثر من ستة الاف مدفن لضحايا المجزرة الذين عثر عليهم وتم التعرف الى هوياتهم.

وقالت المرأة التي تتحدث بنبرة حادة "حتى لو انني استيقظ باكية وانا اتامل قبري ولدي، ففانا عدت الى هنا لان هذا بلدي، وهنا اريد ان انهي ايامي. الصرب لا يخيفونني".

وفي حديقة الكنيسة الصربية الارثوذوكسية التي تشرف على مدينة الاشباح، يعرب الكاهن الكسندر ملادينوفيتش في المقابل عن قلقه على مصير مجموعته.

ويقول "ان تكون صربيا في سريبرينيتسا، امر يزداد صعوبة كل يوم. ومنذ عشر سنوات يشيعون اجواء لنشر الشعور بالذنب تهدف الى طرد الصرب من هنا".

ويرفض الزعماء السياسيون لصرب البوسنة وصف مجزرة سريبرينيتسا بالابادة، كما وصفها القضاء الدولي، وهي الاكبر التي تقع على ارض اوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال الزعيم السياسي لصرب البوسنة ميلوراد دوديك السبت "كل ما يحصل اكذوبة تتكرر. يقولون لنا +يجب الا تنفوا+. كيف لا ننفي اكذوبة؟"

ويعرب افدو بوركوفيتش& عن تشاؤمه وهو الذي يمتلك فندقا صغيرا يحقق القسم الاكبر من مداخيله خلال ذكرى المجزرة، حين يؤمه عشرات الالاف من مسلمي البوسنة.

ويقول ان "سياسة زعمائنا، سواء كانوا صربا او مسلمين، سياسة مدمرة ولا تطرد الناس من سريبرينيتسا فحسب، بل من البوسنة عموما".