وصل الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الاحد الى اثيوبيا بعد زيارة غير مسبوقة لكينيا& استمرت يومين. وحطت طائرة اوباما اول رئيس اميركي يزور اثيوبيا قرابة الساعة 18,00 (15,00 تغ) في العاصمة اديس ابابا حيث كان في استقباله رئيس الوزراء هايلي مريم ديسالين وزوجته.

نيروبي: جري اوباما الاثنين محادثات مع ديسالين قبل ان يلقي كلمة الثلاثاء في مقر الاتحاد الافريقي. وبين الموضوعات المحورية في هذه الزيارة الحرب الاهلية الجارية منذ 19 شهرا في جنوب السودان وقد اوقعت ي: عشرات الاف القتلى بحسب المراقبين.

واثيوبيا التي تشارك في قوة تابعة للاتحاد الافريقي تتصدى لحركة الشباب الاسلامية في الصومال، هي حليف رئيس للولايات المتحدة في مكافحة "الارهاب" في القرن الافريقي.

لكن هذا البلد يواجه بانتظام اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان وتكميم المعارضة والانتقادات الصادرة عن صحافيين او معارضين سياسيين. فاز الائتلاف الذي يتزعمه ديسالين في الانتخابات التشريعية التي جرت أخيرا حيث حصد جميع مقاعد البرلمان.

يقدم باراك أوباما بتوقفه في أديس ابابا في سابقة لرئيس أميركي، مكافأة لاثيوبيا الحليف المهم لمكافحة الارهاب في القرن الافريقي، ولو أتى ذلك ربما على حساب ملف انتهاكات حقوق الانسان في البلاد.
&
وغادر الرئيس الاميركي باراك اوباما كينيا بعد ظهر الاحد متوجها الى اثيوبيا في ختام زيارة استمرت يومين وخصصها لمسائل الامن والاقتصاد وحقوق الانسان.
واقلعت الطائرة الرئاسية من مطار نيروبي قبيل الساعة 16,30 (13,30 تغ) متوجهة الى اديس ابابا حيث سيقوم اوباما باول زيارة لرئيس اميركي ويلقي كلمة امام الاتحاد الافريقي.

وكان اوباما اعتبر في خطاب مليء بالمشاعر، ان كينيا واقعة على "تقاطع طرق"، داعيا اياها الى طي صفحة القبلية والتصدي للفساد المزمن. وقال اوباما في مجمع رياضي بالعاصمة نيروبي، في كلمة نقلتها مباشرة قنوات التلفزيون، ان "كينيا تقع على تقاطع طرق، في لحظة مشحونة بالمخاطر، لكنها زاخرة ايضا بالوعود الكبيرة".

اتخذت تدابير امنية مشددة خلال زيارة الرئيس الاميركي اقفلت خلالها احياء في نيروبي واقفل المطار فترة وجيزة لدى مغادرته - لان كينيا تتعرّض منذ سنوات لهجمات كبيرة ودامية تشنها حركة الشباب الاسلامية في الصومال. لكن مظاهر التعبير عن الترحيب باوباما سبقت الزيارة ورافقتها، ولم يكتم الكينيون فرحهم بأن يستقبلوا اخيرا "ابن البلاد" الذي اصبح رئيسا اميركيا.

قبل وصوله الى البيت الابيض في 2009، زار باراك اوباما كينيا ثلاث مرات بحثا عن جذوره. فقد ولد في هاواي من والدة اميركية ووالد كيني لم يعرفه سوى فترة وجيزة. لكنه لم يزر كينيا بعد توليه الرئاسة. وقد اسهب الرئيس الاميركي في استخدام الخطاب العاطفي خلال زيارته، وروى كثيرا من النكات عن والده وجده وعائلته الكبيرة، حرصا منه على ان يلطف من انتقاداته الحازمة للآفات التي تنخر المجتمع الكيني.

ولليوم الثاني على التوالي، دعا اوباما الحاضرين -حوالى خمسة الاف شخص بينهم مجموعة من المسؤولين الكينيين وعدد كبير من الشبان ايضا- الى رفض اعتبار الفساد امرأ حتميا. وقال "يجرى التغاضي عن الفساد في معظم الاحيان، هنا في كينيا، كما هي الحال ايضا في اماكن اخرى، لان الامور دائما ما سارت على هذا المنوال". واضاف "هذه آفة تشد بكم نحو الاسفل".

واضاف الرئيس الاميركي في خطابه الذي استمر حوالى اربعين دقيقة وقوطع بالتصفيق الحاد، ان "على الناس العاديين ان ينهضوا ويقولوا +كفى+". ثم اختلط بعد الخطاب بالناس فترة قصيرة. واسهب الرئيس الاميركي ايضا في انتقاد القبلية، معتبرا ان "السياسة التي تقوم على الانتماء الى قبيلة او اتنية هي سياسة تؤدي الى تمزيق البلد".

اندلعت اواخر 2007 ومطلع 2008 اعمال عنف بعد الانتخابات اججها تنافس اتني واسفرت عن اكثر من الف قتيل وتشريد مئات الاف. وكانت المحكمة الجنائية الدولية اتهمت الرئيس الكيني اوهورو كينياتو بارتكاب جرائم ضد الانسانية، بسبب دوره المفترض في اعمال العنف تلك. وكان آنذاك حليفا للرئيس المنتهية ولايته مواي كيباكي الذي ادت اعادة انتخابه المثيرة للخلاف الى تفجير اعمال العنف. وحالت هذه التهمة فترة طويلة دون قيام الرئيس الاميركي بزيارة كينيا، حتى اسقاطها في اواخر كانون الاول/ديسمبر. ولا يزال نائب الرئيس الكيني ويليام روتو الذي كان مع الفريق المنافس لكينياتا خلال الانتخابات الرئاسية في 2007، متهما بارتكاب جرائم ضد الانسانية امام المحكمة الجنائية الدولية.

وقد تمحورت زيارة باراك اوباما رسميا حول التعاون على صعيد مكافحة "الارهاب". وتتصدى كينيا والولايات المتحدة لحركة الشباب الاسلامية في الصومال: الاولى في اطار قوة عسكرية للاتحاد الافريقي (اميصوم)، والثانية عبر غارات منتظمة تشنها طائرات من دون طيار. لكنها كانت ايضا مناسبة ليعرب اوباما عن هواجسه حيال حقوق الانسان.

وذكر اوباما بتمسكه "بالمساواة في الحقوق" لمثليي الجنس في القارة الذين يتعرضون كما قال لتمييز شبيه بالتمييز الذي تعرض له الافارقة الاميركيون في الولايات المتحدة.
والمثلية الجنسية غير قانونية في معظم البلدان الافريقية ومنها كينيا.

لكن تصريحات الرئيس الاميركي لم تؤد الى اي رد فعل مبالغ فيه في شوارع نيروبي، حيث عبر سكان مثل ريو ماينا (50 عاما) عن رأي يؤمن به عدد كبير من الناس. وقال "طالما بقيت المثلية محصورة وخاصة، فانها لا تزعجنا". وبعد خطابه، التقى اوباما مندوبين عن المجتمع المدني الذي يعرب عن استيائه من تزايد القيود على حرية تحركه باسم "الحرب على الارهاب" التي تخوضها كينيا.

واشنطن: واحة استقرار

وخلافا لكينيا التي سيأتي منها أوباما، والتي غالبا ما تشهد هجمات ارهابية، فإن اثيوبيا تشكل واحة استقرار في القرن الافريقي بظل نظام يمسك البلاد بقبضة من حديد.

وفرضت اثيوبيا نفسها حليفًا قويًا في مكافحة حركة الشباب الاسلامية من خلال مشاركتها بفرقة من اربعة الاف عنصر في قوات الاتحاد الافريقي اميصوم المنتشرة في الصومال حيث تؤمن الدعم للقوات المحلية الضعيفة.

الا ان منظمات الدفاع عن حقوق الانسان تخشى ان تفسر السلطات الاثيوبية زيارة أوباما بمثابة ترخيص لقمع وسائل الاعلام والمعارضة. وتأتي الزيارة بعد شهرين على انتخابات شهدت فوز الائتلاف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء هايلي مريم ديسيلين بمقاعد البرلمان بنسبة 100%.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية اشارت في تقريرها السنوي الصادر في حزيران/يونيو حول حقوق الانسان في اثيوبيا الى "القيود على حرية التعبير" و"مضايقة وتخويف اعضاء المعارضة والصحافيين" بالاضافة الى "محاكمات سياسية".

مكافأة؟

ويقول عبد الله هالاخا من منظمة العفو الدولية "لا نريد أن يتم استغلال الزيارة لغض النظر عن انتهاك السلطات لحقوق الانسان او لاعتبارها بمثابة مكافأة. نشجع أوباما على التحدث عن حقوق الانسان وتقديم دعمه للمنظمات المحلية".

ومن ابرز محطات الزيارة كلمة سيلقيها أوباما في مقر الاتحاد الافريقي. وسيتحدث أوباما من قاعة نلسون مانديلا امام مجمل القارة ليعيد التاكيد على التزام بلاده منذ القمة الافريقية الأميركية في اب/اغسطس 2014.

وقال جاكوب اينوه ايبن المتحدث باسم رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي نكوسازانا دلاميني زوما، "نتوقع تنفيذ عدة مبادرات في مجال بناء بنى تحتية للاتصالات والنقل".

وتابع المتحدث أن "أوباما سيأتي مع ممثلين عن شركات أميركية كبرى وزيارته دليل على اهمية القدوم الى افريقيا فهي بمثابة تشجيع للقطاع الخاص. يجب الا تفوت الولايات المتحدة هذه الفرصة بينما افريقيا في مرحلة حاسمة من النمو".

وفي الوقت الذي تشهد فيه القارة الافريقية ازمات عدة من بوروندي الى جنوب السودان مروراً بافريقيا الوسطى، فإن المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني يتوقعون من أوباما أن يحث الاتحاد الافريقي على الالتزام بشكل اكبر من اجل احترام شرعته حول الديموقراطية والانتخابات والحوكمة.

واعتبر ديزيريه اسوغبافي ممثل منظمة اوكسفام لدى الاتحاد الافريقي أن "غالبية النزاعات الجارية في القارة الافريقية مرتبطة بمسائل الحوكمة السياسية".

واضاف أن "مجال المواطن في تراجع في عدد متزايد من الدول الافريقية، ومن بينها الدولتان اللتان تشملهما زيارة أوباما. وعندما يتحول الامر الى توجه اقليمي، فإن الاتحاد الافريقي في الموقع الافضل لتبني موقف مشترك من شأنه أن يضع حدا لهذا الميل".

زيارة تعويضية

ويرى كثيرون أن زيارة أوباما محاولة للتعويض عن ما فات من قبل اول رئيس أميركي اسود خصوصاً، وانه تعرض للانتقاد لعدم تقديمه الاهتمام الكافي للقارة الافريقية.

واضاف اسوغبافي أن "أوباما هو ابن القارة. كنا نريد أن تأتي الزيارة في السنوات الاولى لولايته الرئاسية بدلاً من اللحظة الاخيرة لافساح المجال امام تطبيق قرارات، لأن لا شيء يضمن أن يتقيد الرئيس الأميركي المقبل بالالتزامات التي سيعلن عنها الان".