يعاني 77 في المئة من أصحاب السيارات الألمان "فوبيا" الشاحنات على الطرقات السريعة. وتجرّب مرسيدس أول شاحنة "روبوت" آلية الحركة على هذه الطرقات.
ماجد الخطيب: يمكن لسيارة مرسيدس& F015 التجريبية أن تنطلق بسرعة 200 كلم/ساعة على الطرقات السريعة، من دون أن تتسبب بأية حادثة، رغم أنها تسير بلا سائق. وهي سيارة شخصية أمينة مخصصة لعائلة صغيرة، وقد تبدو الأمور أصعب بكثير بالنسبة إلى شاحنة "روبوت" أو حافلة بلا سائق، تسير بسرعة 120 كلم/ساعة، لكن مهندسي الشركة الألمانية العريقة لا يعتقدون بذلك.
إجازة خلال أيام
شاعت في السنوات الأخيرة ظاهرة النقل بحافلات نقل الركاب الضخمة والفخمة، بسبب أسعارها التي لا تصل إلى ربع أسعار النقل بالقطارات في ألمانيا. ولهذا، تدرس الحكومة الآن طلب شركات الحافلات رفع الحد الأقصى لسرعة حافلاتها من 100 كلم إلى 120 كلم/ساعة كي تزيد من جاذبيتها للركاب. مثلًا، كانت سيارات البريد تنتقل بين المدن لنقل البريد فقط، في حين تحولت منذ بضع سنوات إلى حافلات أنيقة تستغل توزيع البريد لنقل الركاب أيضًا.
وكشفت شركة مرسيدس انها ستنال خلال أيام إجازة تجربة الشاحنة الآلية على الطرقات السريعة في ولاية بادن فورتمبرغ، حيث مصانعها الشهيرة في العاصمة المحلية شتوتغارت. إنها أول شاحنة كبيرة ذاتية الحركة، التي توقعت الشركة أن تسير بمحرك قوته 449 حصانًا على الطرقات قبل الوقت الذي يقدره خبراء السيارات لها، وأن تنال الشاحنة التجريبية إجازة تحركها على الطرقات من السلطات الألمانية خلال أسابيع من الآن.
وقال فولفغانغ بيرنهارد، من رئاسة قسم إنتاج الشاحنات في شركة دايملر-بنز، إن الشاحنة ستنال الاجازة قريبًا، وإنهم على ثقة بأنها ستسير بلا سائق على الطرقات الألمانية في العام الجاري. وأكد أن الشركة ستتحول إلى انتاج السوق من الشاحنات الروبوت حال نيل الشاحنة الـ "اوتونوم" إجازة الحركة.
شاحنة تسبق السيارة
يمكن أن يرتفع انتاج مرسيدس من الشاحنات الروبوت إلى مستوى إنتاج السوق خلال سنتين أو ثلاث، وستسبق من ثم السيارة الروبوتية الصغيرة في ذلك، بحسب اعتقاد بيرنهارد. وكانت الشركة قد أعلنت عن تجريب أول شاحنة ذاتية الحركة في العام 2014 على قطعة مهملة من الطريق السريع رقم 14 بالقرب من مدينة ماغدبورغ (شرق)، وقدرت الشركة حينها أن تجرب الشاحنة الروبوت الأولى على الطرقات المأهولة في العام 2025، لكن قسم إنتاج الشاحنات الروبوتية تفوق على نفسه، وها هو يعلن عن تجربتها في العام 2015.
وطمأن بيرنهارد مخاوف الغالبية المعانية من رهاب الشاحنات بالقول إن تجربة الشاحنة الذاتية الحركة على الطرقات السريعة لن يحصل من دون اشراف بشري. وستجرى التجارب بوجود سائق يراقب كافة الأنظمة ويطمئن إلى أن كل شيء يسير على ما يرام. ويمكن للمشرف، وليس السائق، أن يتدخل لوقف الشاحنة أو تعديل مسارها حال حصول شيء مقلق، لكن ذلك لن يحدث، لأن غالبية حوادث السيارات يتسبب بها العنصر البشري وليس الأنظمة الروبوتية.
إلا أن مرحلة الاشراف البشري على أنظمة السيارة الذاتية الحركة مرحلة "عابرة" حالما ستليها مرحلة تسليم نظام القيادة الأوتوماتيكي بالكامل. وتسعى شركتا "غوغل" و "آبل" للمشاركة التقنية في مشروع شاحنة مرسيدس ذاتية الحركة، إلى شركات أخرى تحاول دخول المنافسة. وإذا كانت هذه المنافسة لا تقلق مرسيدس، فإن الشركة لن تترك المجال لأحد "لسرقة الزبدة عن خبزتها"، بحسب تعبير بيرنهارد.
ثورة صغيرة
تحدث مارتن فنتركورن، مدير شركة مرسيدس، عن ثورة تقنية ضرورية في عالم السيارات الذاتية الحركة خلال الأعوام المقبلة. وأكد فنتركورن أن قطاع إنتاج السيارات التقليدية مقبل على فترة كساد لن ينقذه منها غير التحول الكامل إلى الأتمتة. وتوقع مدير أكبر الشركات الألمانية أن تباع في أوروبا فقط، خلال السنوات الخمس المقبلة، أكثر من 90 مليون سيارة من نوع الـConnected Car.
ترتفع نسبة الأنظمة الاوتوماتيكية التي تتحكم بالسيارة التقليدية إلى 30% الآن، مع توقعات أن ترتفع هذه النسبة حتى العام 2020 إلى 50%، وعلى هذا الأساس يمكن للسيارة الكاملة الأتمتة أن تسبق السيارة الكهربائية إلى السوق في العام 2020 أيضًا، بحكم معدل تطورها الأسرع.
ويؤكد بيرنهارد أن الخشية من الحوادث ليست إلا رهابًا سيتخلص الإنسان منه كما تخلص من رهاب الطيران الأول، إذ تثبت الاحصائيات أن العنصر البشري مسؤول عن 97% من حوادث السيارت. والمعروف أن الروبوت أبرع من الإنسان في قيادة السيارة، ولا يتعب ولا ينام على المقود، ولا يتعاطي الكحول أو المخدرات أو الأدوية.
دون رقابة بشرية
يقف إنتاج السيارات ذاتية الحركة على أعتاب مرحلة ازدهار كبيرة، بحسب تقدير بيرند ديغنهارد رئيس شركة كونتننتال الشهيرة لإنتاج الاطارات. وعبر ديغنهارد عن قناعته بأن تتحرك السيارات ذاتيًا من دون الحاجة إلى رقابة بشرية على الطرقات السريعة خلال 10 سنوات. وأضاف الخبير أن القيادة على الطرقات السريعة مفتوحة وسهلة، على عكس شوارع المدن، ولهذا يمكن أن تغزوها السيارات الذاتية الحركة قبل غيرها.
ستقفز مبيعات السيارات الآلية بشكل هائل خلال 15 سنة بحسب تقدير خبراء مركز (Center Automotive Research CAR). وقدر فيردناند دودنهوفر، رئيس المركز، أن تقفز سوق أنظمة السيارات الآلية المساعدة، في إنتاج السيارت، من 55 مليار يورو في العام 2020 إلى 300 مليار في العام 2030. ستتضاعف مبيعات أنظمة الاستشعار التي تتحكم بالسيارات، من مليار دولار الآن إلى 10 مليارات دولار في العام 2020.
من ناحيته، ذكر درك هوزل، من شركة بوش المتخصصة في صناعة أنظمة السيارات الإلكترونية، أنه يتوقع أن تنطلق أولى السيارات الذاتية الحركة 100% على الطرقات السريعة خلال 5 سنوات.
وبدأت التجارب على نظام الشاحنات الإلكتروني قبل 7 سنوات، من خلال تعاون جامعة آخن التقنية مع شركتي مان ومرسيدس لصناعة الشاحنات. وعمل مهندسو هذه المؤسسات من ذلك الحين على تطوير نظام إلكتروني - راداري لتحريك الشاحنات من دون سائق إلى أهدافها، باستخدام أجهزة الاستشعار ونظام تحديد المواقع من الأقمار الصناعية.
ويستغني هذا النظام عن سائقي الشاحنات، لكنه لا يحل أزمة الزحام على الطرقات، ويكون بالتالي الأصلح للطرقات السريعة. كما أن النظام يحرك الشاحنات من دون سائق بشكل مجموعات من شاحنتين أو ثلاث، تتحرك بحسب ايعازات شاحنة المقدمة وتتقدم وتلف وتفرمل حسب تقديرات أجهزة الاستشعار والكاميرات التي تتحكم بها.
التعليقات