بهية مارديني: كشف مصدر مطلع لإيلاف أن حركة أحرار الشام، أعادت التفاوض مع الإيرانيين في مدينة الزبداني قرب العاصمة دمشق، وأن الإيرانيين رجعوا للتفاوض "بطلب منهم وبشروط أقل عجرفة"، وأعاد المصدر السبب "إلى انتصارات سهل الغاب والتهديد الذي حصل لبعض القرى الموالية للنظام".
&
وقال "أبدوا تنازلات مهمة في مسألة الزبداني، مقابل تخفيف الضغط على قرى الساحل وحماة".
وكانت حركة أحرار الشام، أعلنت الأربعاء أنها أجرت مفاوضات تتعلق بمدينة الزبداني مع وفد إيراني لكنها أوقفتها.
وقالت الحركة في بيان لها إن سبب إيقاف المفاوضات مع الوفد الإيراني، يعود لإصرارهم على إخلاء الزبداني من المقاتلين والمدنيين، وتهجيرهم إلى مناطق أخرى... "ونعتبر هذا خطة تهجير طائفي وإخلاء دمشق وما حولها، وجميع المناطق المتاخمة للحدود مع لبنان من الوجود السني".
&
ملحمة الزبداني
ورأى الكاتب والمحلل السياسي محمد خليفة &في حديث مع إيلاف أن ملحمة الزبداني استغرقت 32 يوما من الصمود الاسطوري للثوار السوريين في وجه أعتى حملة عسكرية تعرضت لها أي مدينة أخرى في سوريا، بما فيها القصير عام 2013 وقصفت بألف برميل ومئات الصواريخ الباليستية، وشارك فيها اربعة آلاف عسكري من الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الاسد، وقوات نخبة حزب الله، وجنرالات ايرانيين وقوات فلسطينية من عصابة أحمد جبريل، وكان الثوار لا يزيدون عن 1500 مقاتل، ليس بينهم لا أجنبي ولا ضابط محترف بل ثوار مسلحون بإيمانهم واستطاعوا الصمود واستنزاف المهاجمين وكبدوا القوات السورية بزهاء 400 قتيل وحزب الله بحوالي 50 مقاتل خلال شهر" .&
وأضاف متحدثا عن ظروف ثوار الزبداني "قاتل الثوار ببسالة نادرة رغم افتقارهم لكل شيء من العتاد إلى الغذاء والدواء، لأنهم محاصرون منذ ثلاث سنوات ونصف حصارا محكما. وأثقل كاهلهم الشعور بالمسؤولية تجاه 30 الف مواطن مدني بقوا في المدينة وتعرضوا للقصف والجوع والاصابات بلا أي مستشفى أو أدوية ".
وأشار إلى أنه "أيا كانت النهاية فإن الثوار انتصروا بشجاعتهم التي فاقت شجاعة المهاجمين بكثير، وانتصروا أدبيا ووطنيا واخلاقيا لأن دفاعهم عن أنفسهم واهاليهم ومدينتهم هو دفاع مشروع واخلاقي بينما قتال المهاجمين غير اخلاقي ولا مشروع، فضلا عن انه وحشي وهمجي اعتمد أسلوب الأرض المحروقة والإبادة الشاملة وتدمير كل شيء".
&
واعتبر خليفة أن "معركة الزبداني لم تبدأ الشهر الماضي، بل في عام 2011 ، وكانت أول مدينة سورية تتحرر وتقهر إرادة جيش الأسد وتجبره على الانسحاب والقبول بشروط الثوار، ولذلك انتقم منها الأسد واراد الانتقام وطلب من شقيقه مسحها عن الخريطة، وهذا ما فعله الوحوش طوال شهر بمساعدة حزب الله والايرانيين فعلا لأسباب طائفية. وكان واضحًا أن النظام وحلفاءه يريدون الزبداني بأي ثمن، لا لأنها تتحكم بالطريق الوحيد مع لبنان وتتحكم بالقلمون وطريق الساحل، ولها مزايا أمنية عديدة فقط، بل لأنهم الآن يخوضون معركة فاصلة وكبرى للسيطرة على دمشق، وتغيير تركيبتها السكانية المذهبية وهويتها لضمها للدولة العلوية في الساحل وحمص".&
&
مفاوضات غير جدية
وقال "تؤكد المعلومات أن مناطق عديدة من محيط دمشق وريفها، أجبر سكانها على النزوح منها بالقوة لإسكان مجموعات سكانية أجنبية فيها للمحافظة على دمشق". ونقل خليفة تأكيدات مصادر عديدة من ثوار الزبداني وأطراف سياسية خارجية "أن مفاوضات سرية دارت طوال أسبوعين بين حركة احرار الشام ووفد عسكري ايراني بالكامل، بوساطة دولة اقليمية بهدف إنقاذ الثوار والسكان المدنيين، وأصر الايرانيون على انسحاب الجميع وانتقالهم إلى إدلب بإشراف الإيرانيين، وتسليم المدينة خالية من السكان للايرانيين، لإسكان جماعات شيعية اجنبية محلهم"، موضحا ما ذكرته مصادر الثوار أنهم في النهاية وافقوا، ولكن" الايرانيين انهوا المفاوضات فجأة وانسحبوا بدون أي سبب مفهوم، مما يكشف أن المفاوضات لم تكن جدية وكانت للخداع وأن الهدف المبيت هو الابادة للثوار والسكان!".
وأضاف "في داخل الزبداني حتى هذه الساعة نحو 3000 سوري مدنيين ومقاتلين وبينهم مئات المصابين، وإذا لم تتدخل الأطراف الدولية لوضع تسوية تحفظ ارواحهم، فإن قوات الأسد وشبيحته وقوات حزب الله سيقومون بإبادتهم جميعا".&

تسليم الثورة لإيران
وينقل خليفة أيضا عن مصدر سياسي مطلع أن من أسماهم "الكبار الذين يديرون اللعبة ويتحكمون بمفاصل الساحة، متواطؤون مع مخطط السيطرة على دمشق وتسليمها لإيران والأسد بدليل أن الائتلاف الوطني طالب عدة مرات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، ببذل مساعيه لانقاذ الزبداني وسكانها مقابل مناطق اخرى في الشمال، ولكنه فشل او لم يرغب. وهناك دول عديدة طلب منها المحاولة او دعم الثوار ورفضت او اعتذرت".
وقال "تطرح مسـألة الزبداني تساؤلات كثيرة، عن مدى التواطؤ بين أطراف الأزمة الإقليميين والدوليين، وأطراف الداخل، بما فيهم بعض اكبر الفصائل المرتبطة بالثورة، لأن هذه كان بإمكانها فعل الكثير لنصرة للزبداني وظلت تتفرج على المشهد إلى النهاية بلا أسباب مقنعة وعلى رأسها جيش الإسلام بقيادة زهران علوش".
وسيم أبا زيد، عضو المكتب التنفيذي لتيار التغيير الوطني المعارض، اعتبر في تصريح لـ"ايلاف" أن بيان أحرار الشام لم يأت بأي جديد، فهذا المخطط نبهنا إليه بالأدلة منذ أكثر من عامين، وكانت بدايته في دمشق المدينة، ونبهنا إلى مشروع تقسيم لسوريا على أساس مذهبي، وبما يضمن دويلة تابعة لايران متصلة مع مناطق نفوذ حزب الله في شمال لبنان، وهذا المخطط الايراني كان هو البديل الحقيقي في حال عدم تمكن نظام الأسد من السيطرة على كامل الأراضي السورية، وهاهم يحاولون أن يكتمل الآن وتحويل سوريا إلى كانتونات طائفية، يبدو أنه نتيجة تناسب الجميع اليوم، ما عدا الشعب السوري" .&
&
وقال إن "من سعى لتطييف الثورة كرد فعل على طائفية النظام، هو أيضا شريك بما وصلنا إليه".
وحول رأيه إلى أين ستصل الأمور في مدينة الزيداني، ولماذا نجد الإعلام يركز على مناطق دون أخرى، رغم ان سوريا كلها ملتهبة أجاب أبا زيد "طالما هناك من يصر على تحويل الثورة السورية العظيمة، من ثورة وطنية إلى معركة طائفية ومذهبية، فالأمور متجهة إلى ممالك طائفية، ويحول هؤلاء القادة إلى ملوك طوائف (كما ذكّر بهم البيان)، في حين على الإعلام أن يكون شفافا، فقد تحول الإعلام السائد اليوم بكل أشكاله إلى إعلام مأجور، أو إعلام إعلان وترويج لجهة معينة لتعميم أجنداتها، والتقسيم الذي نسير إليه بدأ اساسا من الإعلام، على الورق، قبل أن يصبح قناعات وأهداف في العقول".
واعتبر أنه "لاحل إلا بإعادة الثورة إلى الشعب السوري، ليعيد إليها بعدها الوطني الجامع، وعندها سيعود الشعب إلى حضن الثورة، ويطوّر إعلاماً وطنياً ثوريا شفافاً وفاعلاً ويقطع الطريق على ممالك الطوائف وملوكها، وإعلامهم الموتور".
&