قالت مصادر دبلوماسية إن الأزمة السورية تحتل قائمة الاولويات في الملفات التي ستطرح على بساط البحث خلال المفاوضات الروسية السعودية المرتقبة في موسكو.

نصر المجالي: يلتقي وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نظيره الروسي سيرغي لافروف غدا الثلاثاء، حيث ينتظر أن يستكملا نقطة الانطلاق التي ارتسمت خلال اللقاء الثلاثي الذي عقد في الدوحة في 3 آب (أغسطس) وضم وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية والذي فتح الباب على مصراعيه امام جدية البحث عن حل سياسي للنزاع في سوريا.

وتعمل موسكو والرياض بلا كلل على بلورة معادلة تسمح بوضع نهاية للازمة السورية بشرط ان تلبي الحد الادنى للاطراف الاقليمية والدولية المعنية بها.

ويشار إلى أن حرص المملكة العربية السعودية على ابراز اهمية الدور الروسي في معالجة الازمة السورية ظهر خلال الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان لروسيا ومباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سانت بطرسبورغ في حزيران (يونيو) الماضي.

مخاطر الإرهاب

وقال البروفيسور في معهد اسيا وافريقيا التابع لجامعة موسكو فلاديمير ايسايف في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان "ادراك الجانبين الروسي والسعودي للمخاطر الجدية التي يمثلها الارهاب الدولي وتنظيم الدولة (داعش) ادى الى حدوث تقارب ملموس في وجهات نظر الجانبين وساهم في حث الخطى على طريق البحث عن سبل لنزع فتيل الازمة التي تشكل ارضية خصبة لتنامي التنظيم واتساع رقعة نفوذه".

واعرب ايسايف عن رأيه بأن الرؤية الروسية في معالجة الازمة السورية تستند الى ثلاث قواعد اساسية هي اعطاء الاولوية لمكافحة الجماعات الارهابية من خلال تشكيل جبهة عريضة دولية واقليمية تهدف الى القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية والجماعات الارهابية الاخرى.

وحسب ايسايف، تنص القاعدة الثانية من الرؤية الروسية على ترك مصير النظام ليحدده الشعب السوري عبر الحوار الوطني وصناديق الاقتراع اذا اقتضى الحال وثالثا الحصول على ضمانات اقليمية ودولية بعدم مشاركة الجماعات المسلحة المتطرفة مثل جبهة النصرة وجيش الفتح وغيرهما في السلطة في سوريا في المستقبل.

ووصف ايسايف المساعي الرامية الى معالجة الازمة السورية بأنها معقده مشيرا الى ان ابرز العراقيل التي تعترض جهود البلدين في بلورة المعادلة المطلوبة لتسوية الازمة في سوريا تكمن في قناعة موسكو بضرورة مشاركة لاعبين اقليميين مثل ايران في عملية التسوية وعدم ربط الحل بضرورة تخلي الرئيس بشار الاسد عن السلطة في الوقت الحاضر.

منظومة أمنية&

واضاف بأن موسكو تسعى نحو بلورة منظومة امنية اقليمية قادرة على التعامل مع المخاطر الارهابية والاستناد الى قواعد القانون الدولي والالتزام بأطر منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن في اي تحرك ضد الارهاب بما في ذلك التنسيق المسبق مع الحكومة السورية في العمليات المسلحة ضد الارهابيين على اراضي هذه الدولة واستمرار تدفق شحنات الاسلحة الروسية الى الجيشين السوري والعراقي.

واكد ايسايف ان موسكو "حرصت على مراعاة مخاوف المملكة العربية السعودية حيال التطورات الجارية في المنطقة وانعكس هذا التوجه في مسارعة موسكو الى عرض مساعدتها على الرياض في التصدي للارهاب بعد التفجير الذي استهدف مسجدا في مدينة ابها وتطمينها بأن الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الايراني لا يشكل اي خطر على امن دول المنطقة".

ولفت الى تصويت موسكو لصالح قرار مجلس الامن لاجراء تحقيق في هجمات الاسلحة الكيميائية في سوريا معتبرا ان "القرار يشكل في بعض جزئياته عاملا ضاغطا على النظام السوري".

تناغم إيجابي

ورأى ايسايف في حديثه لـ"كونا" ان روسيا في المقابل تتوقع من الرياض "التناغم الايجابي مع اقتراح موسكو بتشكيل جبهة عريضة للتصدي للارهاب وتأييد المبادرة الروسية المطروحة منذ سنوات طويلة والرامية الى اقامة منظومة امنية في منطقة الخليج والعمل المشترك للحيلولة دون حدوث هبوط خطير لأسعار النفط لاسيما مع استمرار فرض عقوبات اقتصادية ثقيلة الوطأ على روسيا".

وقال "يضاف الى ذلك سعي موسكو لبلورة ارضية مشتركة مع السعودية في معالجة بقية الملفات الملتهبة التي تعاني منها المنطقة بخاصة الأوضاع في ليبيا والعراق".

وتبدي موسكو اهتماما كبيرا بحدوث نقلة نوعية في العلاقات التجارية والاقتصادية مع الرياض والتي ترى انها "لا تنسجم بتاتا مع المخزون الذي يمتلكه البلدان" لا سيما وان الشركات الروسية العملاقة اعربت مرارا عن استعدادها لتنفيذ مشاريع على اراضي المملكة.

&