حذر رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير من أن حزب العمال مهدّد بأكبر خطر يتعرّض له في تاريخه، الذي يمتد منذ 100 عام، وأنه يواجه احتمال الزوال والفناء، إذا انتُخب المرشح اليساري جريمي كوربن لقيادة الحزب.


عبدالاله مجيد: في نداء حار إلى أعضاء حزب العمال ومؤيديه، دعاهم بلير إلى تنحية آرائهم السلبية به جانبًا، لاسيما تحالفه مع جورج بوش في حرب العراق، وإنقاذ الحزب من تدمير نفسه، برفضهم سياسة كوربن.&

الوحدة أو الفناء
وكتب بلير في صحيفة الغارديان: "لا يهم سواء أكنتم تقفون على يسار الحزب أو يمينه أو وسطه، وما إذا كنتم تؤيدونني أو تكرهونني، لكني أرجوكم ان تفهموا الخطر الذي نحن فيه.& فالحزب يمشي مغمض العينين، وذراعاه ممدودتان على حافة الهاوية". وأضاف إن هذا ليس وقت التردد في منع الحزب من المضي نحو الهاوية بدعوى ما سيحدثه ذلك من انقسام.&

جاء نداء بلير في صحيفة الغارديان بعدما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة يوغوف أن اليساري المخضرم كوربن سائر نحو تحقيق فوز ساحق، وأن منافسيه الثلاثة الآخرين آندي برنهام وإيفيت كوبر وليز كندال فشلوا في كسب ناخبي الحزب وإبعادهم عن كوربن.&

سوابق تقسيمية
ويشير نداء بلير إلى هلع متزايد على مستوى القيادة التاريخية لحزب العمال من فكرة فوز كوربن. وحرص بلير على أن يكون نداؤه موجّهًا بصورة مباشرة إلى أعضاء الحزب القدماء ثم إلى المؤيدين الجدد الذين انضموا "بلا أجندة". لكن نوابًا عماليين معارضين للمرشح اليساري يخشون أن تكون لنداء بلير نتيجة عكسية بسبب سمعته التقسيمية في السابق، ويفضلون لو جاء النداء من زعيم الحزب السابق إيد ميليباند أو رئيس الوزراء السابق غوردن براون.&

وقال بلير في مقاله في الغارديان إنه من "المضحك" الاعتقاد بأن كورين يقدم أفكارًا جديدة، بل إن وضع حزب العمال أسوأ منه في الثمانينات أيام مايكل فوت، الذي كان على الأقل "شخصية عملاقة"، وتوني بن، الذي وصفه بلير بأنه "شخصية سياسية هائلة ذات خبرة طويلة في الحكم".&

وأضاف بلير "إذا أصبح جريمي كوربن قائدًا لن تكون هزيمة حزب العمال في الانتخابات المقبلة، كما كانت في 1983 أو 2015، بل ستعني محقه، وربما فناءه". وردًا على مقال بلير، قال متحدث باسم حملة كوربن: "نحن نُبقي حملتنا إيجابية، ونستمر في التركيز على سياساتنا، التي تقدم خيارًا اقتصاديًا سليمًا للاستثمار والنمو، وليس أجندة التقشف والاستقطاعات المسيَّسة التي تمنع الانتعاش الاقتصادي".&

مؤشرات مخيفة
وكان كوربن رفض في تموز/يوليو تحذيرات بلير، التي سماها "سخيفة"، وسلط الضوء على هبوط شعبيته إلى الحضيض بعد حرب العراق. تزامن نداء بلير المستميت ضد كوربن مع حدوث زيادة حادة في عدد الأعضاء والمؤيدين الجدد لحزب العمال، الذين دفعوا رسم الانتماء، ليتمكنوا من المشاركة في انتخاب قائده الجديد.

وزادت النقابات العمالية عدد مثل هؤلاء المؤيدين أكثر من مرتين إلى 190 ألفا، وارتفع عدد الذين دفعوا رسم التصويت من 70 ألفا عضو إلى 120 ألف عضو. ومن المتوقع أن تكون زيادة الأعضاء النقابيين لمصلحة حملة كوربن بعد إعلان عدد من أكبر النقابات تأييدها انتخابه.&

وشهد حزب العمال انضمام نحو 400 ألف عضو ومؤازر جديد، ليرتفع عدد المؤهلين للإدلاء بأصواتهم إلى أكثر من 610 آلاف، يجري التدقيق في سيرة كل منهم، للتوثق من أنهم ليسوا "مندسين" من أحزاب أخرى، سواء أكانت يسارية أو حتى من المحافظين، بهدف التأثير في نتيجة الانتخابات لمصلحة كوربن.&

فحص عضويات
واقترح عضو مجلس العموم العمالي جون مان تأجيل موعد الانتخابات إلى حين الانتهاء من تدقيق سيرة آلاف الأعضاء الجدد. ثم دعا كتلة حزب العمال البرلمانية إلى اختيار أحد المرشحين الثلاثة الذين ينافسون كوربن ليكون السباق ثنائيًا.&

وقال مان لتلفزيون بي بي سي "إن السباق يجب أن يكون بين اثنين"، مشيرًا إلى أن جريمي كوربن يقف في مواجهة "البقية"، وما يجب على البقية أن تفعله هو أن يكون لها مرشح واحد ينافسه". وأضاف ان المرشحن الثلاثة الذين ينافسون كوربن يستطيعون الاتفاق على تخويل نواب حزب العمال إعادة الترشيح، والذي يحصل على أكبر عدد من ترشيحات النواب يكون هو المتنافس الوحيد مع كوربن. كما اقترح مان ان تجري مناظرة تلفزيونية بين الاثنين، توقع ان تحظى باهتمام هائل من البريطانيين، وان تضع كوربن وأجندته تحت المجهر بسجالات فعلية أمام الجمهور.&

&