يثير إقدام تنظيم الدولة الإسلامية على قتل كرواتي يعمل لحساب شركة فرنسية بقطع رأسه في مصر مخاوف من تراجع إقبال السيّاح والمستثمرين الأجانب، غير أنه في المقابل يعزز مصر في الدور الذي تطرح نفسها فيه، وهو دور التصدي للحركات "الجهادية".


إيلاف - متابعة: ارتكاب هذه الفظاعة الجديدة بقتل الكرواتي توميسلاف سالوبيك، الذي اعلنه جهاديو تنظيم الدولة الاسلامية الاربعاء، قد يؤدي الى تعزيز مبررات سياسات بعض الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، بغضّ الطرف عن انتهاكات حقوق الانسان في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، والاستمرار في بيع الاسلحة لمصر في حربها الشرسة ضد الجهاديين.

تكتيكات جديدة
ويشهد حكم السيسي، قائد الجيش السابق الذي اطاح بسلفه الرئيس الاسلامي محمد مرسي، حملة قمع واسعة ضد الاسلاميين خلفت مئات القتلى، اضافة الى سجن الالاف. وجرى تعزيز الجيش المصري، الذي يعتبر من اقوى جيوش المنطقة وأحدثها تسليحًا، أخيرًا بدفعات جديدة من طائرات اف-16 الاميركية وطائرات الرفال الفرنسية.

لكن يبدو ان الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية، والذي يطلق على نفسه اسم "ولاية سيناء"، غيّر استراتيجتيه في حربه ضد نظام السيسي. فبعد عامين من شن هجمات دامية ضد قوات الامن في معقله في شمال سيناء، يتبنى التنظيم الجهادي الآن تكتيكات أشبه بتلك التي ينتهجها التنظيم& في العراق وسوريا، مثل خطف اجانب وقطع رؤوسهم.

هذا التغيير يهدد السيّاح والموظفين الأجانب في الشركات الغربية، وهما قطاعان يعتبران من ركائز الاقتصاد المصري، المتداعي اصلا، بسبب الاضطرابات السياسية المتواصلة منذ اطاحة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 2011.

أهداف دبلوماسية
لم تقتصر هجمات تنظيم الدولة الاسلامية في مصر على استهداف قوات الامن أو انحصرت في حدود منطقة شمال سيناء فقط، بل توسعت، لتشمل هجوم بسيارة مفخخة استهدف القنصلية الايطالية في القاهرة في 11 تموز/يوليو الفائت، وتبني قتل موظف اميركي في شركة اباتشي النفطية في العام الماضي في الصحراء الغربية في منطقة ليست بعيدة عن مكان اختطاف الرهينة الكرواتي.

واعتبر ماتيو غيدير الخبير في المجموعات الجهادية في جامعة تولوز الفرنسية ان قتل الرهينة الكرواني يشير الى ان "العناصر المصرية في تنظيم الدولة الاسلامية الذين عادوا من سوريا والعراق اخذوا زمام المبادرة في تنظيم ولاية سيناء، ويطبقون استراتيجية داعش نفسها".

يقول المحلل غيدير "بالنسبة إلى السلطات المصرية، فان هذا يعني تشددا اكبر، وامتداد العمليات، لتشمل الاجانب، كما يتضمن تركيزا على الاهداف الاقتصادية لاضعاف النظام بشكل اكبر". وبالنسبة الى ااقتصاديين، فانه رغم ان عدد الاجانب الذين يعملون في مصر ليس كبيرًا، الا ان الحوادث الاخيرة دقت ناقوس الخطر في اوساطهم.

تدابير مشددة
وقال الخبير الاقتصادي انغوس بلير مدير معهد "سيغنيت" ان "الهجمات جعلت السفارات والشركات تعزز تدابير الحماية المحيطة بها واماكن اقامة موظفيها والموظفين العاملين في قطاع النفط على وجه الخصوص". واكدت معظم السفارات الغربية لوكالة فرانس برس انها لم تتخذ اي تدابير امنية جديدة منذ قطع رأس الرهينة الكرواتي الاربعاء، لانها اتخذت فعلا اجراءات أخيرًا، قبل الحادث الاخير، خصوصا اصدار تعليمات الى رعاياها لتوخي الحذر في بعض المناطق.

رغم ذلك، قال مسؤولون في هذه السفارات انه منذ اعلان قطع راس سالوبيك يتلقون مكالمات هاتفية عديدة من شركات اجنبية تطلب نصائح او تسال عن اي تعليمات امنية جديدة. وفي الواقع تراجعت معدلات وفود السائحين الى مصر بشكل كبير منذ الاطاحة بمبارك، لكن قتل الرهينة الكرواتي سالوبيك يمكن ان يثني اخرين عن السفر لمصر.

وقال حسام هزاع، عضو غرفة شركات السياحة لفرانس برس "سيكون هناك تأثير سلبي، لكن ليس كبيرا". وتابع "لكن يجب الان تعزيز الاجراءات الامنية في الاماكن السياحية". وتفادت مصر حدوث مذبحة كبيرة في 10 حزيران/يونيو الفائت في معبد الكرنك الشهير، عندما حاول مسلحون يعتقد بانهم جهاديون القيام بهجوم على السائحين في المعبد. وقام احد المسلحين بتفجير الحزام الناسف الذي كان يحمله، فيما قتلت الشرطة مهاجما اخر، واصابت ثالث باصابات بالغة.

لمصلحة السيسي
وقد زار عشرة ملايين سائح مصر في العام 2014، اي اقل بكثير من العام 2010، حيث زار قرابة 15 مليون سائح، زاروا المناطق الاثرية ومنتجعات البحر الاحمر. لكن وقع قتل سالوبيك بقطع رأسه على الاقتصاد المصري لا يزال غير واضح، الا ان خبراء يعتقدون انه سيعزز تدفق المساعدة المالية والاسلحة لنظام السيسي، الذي "يخوض حربا على الارهاب"، كما قال هو بنفسه في محافل دولية وامام الراي العام المصري.

ويقول الباحث في الشؤون العربية في معهد "ايريس" في باريس كريم بيطار "تسعى مصر في ظل حكم السيسي إلى وضع نفسها في موقع الحصن الاخير ضد الارهاب وجذب دعم دولي مالي وعسكري يتجاهل انتهاكات حقوق الانسان". واضاف ان قطع راس الكرواتي سالوبيك "يكشف مرة اخرى مأزق +الحرب على الارهاب+ والقمع في مصر اللذين على العكس يعززان داعش والتابعين له".