ظهرت في بغداد اليوم تفاصيل وحقائق جديدة عن قصة غرق الطفل السوري الكردي إيلان في البحر إثر محاولة عائلته الهرب إلى أوروبا عبر تركيا، حيث أكد والدان عراقيان أنهما كانا وأطفالهما الثلاثة في قارب الموت عندما غرق وتوفي اثنان منهما مع إيلان، الذي كان والده يقود القارب، متهمين الحكومة العراقية بعدم الاهتمام بمأساتهما.


أسامة مهدي: تعتبر قصة الطفل السوري إيلان واحدة من أكثر قصص المهاجرين الى أوروبا مأساة، لكن ما لايعرفه العالم هو أن القصة الحزينة لها وجه آخر يتمثل في غرق طفلين عراقيين في المركب نفسه الذي ضم عائلتين سورية وعراقية حاولتا الفرار من جحيم الحرب، والوصول إلى بلد آمن في أوروبا، وثمة حقائق "صادمة" تكشفت اليوم ولم تعرف من قبل.

تحدثت الام العراقية زينب عباس بكلمات حزينة عن غرق طفليها، وهما ولد وبنت، مع الطفل ايلان، متسائلة "أين الحكومة العراقية التي بعثت تعزية الى ذوي الطفل السوري بينما نحن نسيتنا، ولم يواسينا أحد".. وقالت "إنها وزوجها وأطفالها الثلاثة كانوا في القارب الذي انقلب مع عائلة الطفل السوري إيلان، وفقدت اثنين من أطفالها، بينما نجا أحدهم، لكنهم أهملوا، ولم يحظوا باهتمام العالم، على الرغم من أنهم هم الضحايا الرئيسون للمأساة"، بينما تتهم والد الضحية السوري بـ"الضلوع" في المأساة.

عند بوابات مطار بغداد الدولي، كان الأب أحمد هادي ذو 51 عامًا، منهارًا، ولا يقوى على الكلام، وزوجته زينب في حالة هستيرية، وهما ضمن جمع عائلي يستقبل جثماني ولديهما الطفلة "زينب" ذات الـ 11 ربيعاً، وشقيقها حيدر ذي التسعة أعوام، اللذين قضيا الى جانب الطفل إيلان وشقيقه وأمه في الرحلة المشؤومة عينها.

تبكي وتحتضن صور طفليها الراحلين، وتقول الأم الثكلى بغضب، إن "الحكومة العراقية مسؤولة عن موت أولادي، لأننا خرجنا بسبب الحكومة"، مبينة أن "عائلتها فضلت الهجرة خوفاً من التفجيرات، وعدم وجود حقوق لنا في العراق، وبالتالي ذهب لي طفلان في البحر، ولم يقف معنا أحد". وتشدد الأم الثكلى بالقول، "لم نرد شيئا، أردنا فقط تسلم الجثتين، ولم يساعدنا أحد".

أحمد هادي وزوجته زينب وطفلته الناجية، عادوا الى العراق بعدما واجها مصيبة مصرع طفلين لهما، وأخفقا في محاولة الفرار الى بلد أوروبي بحثا عن مستقبل أفضل للعائلة.

مغامرة قاتلة&
تقول زينب، وهي تروي يوم الرحيل "الأسود" لوكالة "السومرية نيوز" العراقية التي نشرت تقريرا مفصلا عن الواقعة اليوم "بعد مكوثنا في كافتيريا في إحدى المناطق التركية القريبة من البحر، جاء المهرّب في نحو الساعة العاشرة مساء، وذهبنا بصحبته في سيارة خصوصي، وبصحبتهم شاب عراقي أراد الهجرة أيضاً يدعى أمير، وهو ابن صديق زوجي"، مبينة أن "السائق كان يقود بجنون في طريق جبلي وعر، ويقول (هش هش) لإسكاتهم، بينما كانت معهم سيارة أخرى تقل عائلة ثانية".

وتوضح زينب، "أنهم وصلوا الى مكان قرب البحر، وبشكل عاجل صعدوا الى القارب"، مبينة "أنها أمسكت بأولادها بعد جلوسهم على أرضية المركب، في حين لم تتمكن من إحكام سترات النجاة التي ارتدوها نتيجة السرعة الشديدة للقارب".

وتكشف زينب، عن حقائق أخرى تتعلق بالمأساة، تروى للمرة الأولى، أن والد السوري إيلان المعروف بـ"أبو غالب"، هو من كان يقود القارب، بعد دفعهم عشرة آلاف دولار للمهرّب، وكان ينوي الهجرة معهم، مبينة أن "السوري أبو إيلان طلب جلب ابنه قربه بعد مضي نحو خمس دقائق على تحرك القارب، وعندها حصل اهتزاز في القارب، وتوقف محركه عن العمل، ثم أعاد تشغيله".

وتلفت زينب، الى أن "زوجها شعر بالخطر، وأبلغ أبو غالب السوري، بضرورة تخفيف سرعة القارب، لأن الماء بدأ حينها التسرب الى الأرضية، لكنه لم يأبه للتحذير، ودخل في أمواج عالية، حينها انقلب القارب".

وتبيّن زينب، "أولادي كانوا يرتدون سترات نجاة، وطفوا على سطح المياه، لكن القارب انقلب عليهم، وتسبب بغرقهم في النهاية"، مبينة أن "زوجها سحبها بعدما أغمي عليها مع طفلتهما الثالثة خارج القارب، وتمكنوا من الوصول الى الساحل".

وتابعت، "عندما صحوت، وجدت أمير وسألته، هل رأيت زينب وحيدر، فأجاب كلا لم أرهما"، مبينة أن "توجه إلى خفر السواحل من اجل إبلاغهم بالحادث، وفي هذه الأثناء جاء أبو غالب السوري، وسألها، هل فقدت أحدًا، فأجابته نعم اثنين".

وتلفت زينب الى أن "أبو غالب أبلغها بأنه فقد أولاده أيضًا، لكنه ترجاها بأرواح أولادها أن لا تشتكي عليه، من أجل أن لا يسجن"، مبينة أن "والد الضحية إيلان "هو المسؤول عن المأساة، ولم يكن همه سوى حياته، بينما حظي باهتمام العالم والإعلام، وسلموه جثث طفليه وزوجته ودفنهم، "في حين أن زوجي يعاني منذ أكثر من أسبوع من اجل تسلم جثث طفليه".

والد إيلان هو المسؤول
ويقول خال الطفلين العراقيين ويدعى، أبو فاطمة، "أريد من الحكومة العراقية أن يصل صوتها، ويعلو على الصوت العربي والعالمي، الذي يواسي الطفل السوري، ولم يواسِ الطفل العراقي"، مشدداً بالقول "أريد أن "يصل صوتنا، ولكن الحكومة لم يصل صوتها".

يضيف أبو فاطمة، "لدينا سفارة في تركيا، لكنها لم تقدم أي مساعدة الى أختي في محنتها"، مبينا أن "الشاب أمير موقوف في تركيا بعدما اتهمه السوري بأنه هو المهرب، وهو الذي يقود المركب، وهذا كذب". ويوضح أبو فاطمة، أن "أمير، مريض بالسكري، وعلى السفارة العراقية متابعة قضيته والمسؤولين"، مؤكدا أن "سبب الحادث هم المهرّبون السوريون، والذي كان يقود المركب هو أبو إيلان السوري".

وتساءل أبو فاطمة بحرقة، "ما هذه الهالة الإعلامية التي أحاطت بالضحية السوري فقط، وتجاهلت العراقيين، وهي قضية إنسانية، ما هو السبب أوجه السؤال الى السياسيين العراقيين".

وأثار انتشار صورة الطفل الكردي الغريق المهاجر مع أسرته في بحر بين اليونان وتركيا ردود فعل قوية على الصعيد العالمي والمحلي وسط مطالبات بوضع حد لمعاناة المهاجرين إلى أوروبا.

&