الخرطوم: بعد ان سجنها مسلحون لشهرين تعرضت خلالهما لانتهاكات جنسية، فرت المراهقة ايفالينا من بلدها جنوب السودان الى الخرطوم مسقط رأسها بحثا عن مساعدة تقدمها وكالة الامم المتحدة للاجئين.

والشابة البالغة من العمر 18 عاما عادت الى المدينة التي قضت فيها طفولتها السعيدة ضمن 190 الف شخص فروا من الحرب الاهلية الدائرة في جنوب السودان. وايفالينا ليس اسمها الحقيقي، وقد اصبحت هذه الشابة اول امرأة من جنوب السودان تتلقى الدعم عبر برنامج لضحايا العنف الجنسي تديره وكالة الامم المتحدة للاجئين في الخرطوم.

وتتذكر ايفالينا كيف انتزعها رجال مسلحون من بيتها في بنتيو عاصمة ولاية الوحدة بجنوب السودان في تموز/يوليو من العام الماضي. وقالت وهي تجلس بهدوء في احد مكاتب وكالة الامم المتحدة للاجئين في الخرطوم حيث تتلقى الدعم "اخذوني الى معسكر صغير وبقيت هناك حتى جاء ضابط برتبة لواء او عميد واعطوني له ".

وبينما كانت تنتظر قرب منزلها اخذت والدتها اشقائها الستة الصغار الى مخيم تابع للامم المتحدة قرب بنتيو عاصمة الوحدة. وايفالينا لا تعرف هوية الرجال الذين اخذوها لمعسكرهم، ما اذا كانوا من الجيش النظامي او من المتمردين. وتغلق عليها خيمة يوميا "واعتبرت زوجة للقائد"، ثم افرج عنها بعد شهرين فقط عندما اقترب القتال من المعسكر ووجدت اسرتها في مخيم الامم المتحدة وهناك اكتشفت انها حامل.

واندلع نزاع جنوب السودان عام 2013 عندما اتهم الرئيس سلفا كير نائبه السابق رياك مشار بالقيام بانقلاب، مما ادخل البلاد في دوامة عنف انقسمت البلاد على اثرها على اساس قبلي. ووفق تقديرات الامم المتحدة، قتل عشرة الف شخص منذ بدء القتال وفر 600 الف شخص للبلدان المجاورة .

وانجبت ايفالينا في نيسان/ابريل الماضي طفلة بعد فترة قصيرة من انضمام اسرتها للفارين، وعبرت& للحدود لتقطع 760 كيلومتر الى الخرطوم، حيث كانت اسرتها تعيش قبل انفصال جنوب السودان. ومعظم الذين فروا الى السودان من النساء والاطفال.

وقالت انجيلا لي روسي نائبة رئيس وكالة الامم المتحدة للاجئين في الخرطوم "اثناء قيامهم بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر يواجهون اوضاعا صعبة بما في ذلك الاعتداء الجسدي". ورغم قلة التمويل وصعوبة التعرف الى الضحايا اطلقت وكالة اللاجئين بالتعاون مع منظمة محلية في ايار/مايو الماضي برنامجا لمساعدة الذين يعانون من عنف جنسي في جنوب السودان.

وعالج البرنامج حتى الان فقط ثماني نساء من جنوب السودان، بينما عالج عشرات النساء من اريتريا واثيوبيا وسوريا واليمن. ماريا صابر التي تتولى حالة ايفالينا هي من تقوم باستقبال النسوة عند وصولهن طلبا للمساعدة. وبعد اجراء مقابلة معهن واجراء الفحص الطبي، تحيلهن صابر على العلاج النفسي مرتين اسبوعيا على مدى ثلاثة اشهر.

وقالت صابر "حالة ايفالينا مثل بقية حالات نساء من جنوب السودان جئن للعلاج منذ ايار/مايو الماضي". واضافت "نحاول مساعدتهن بقدر الامكان وخاصة الرعاية النفسية والاجتماعية لانهن لا يستوعبن ما حدث". ولا تستطيع الامم المتحدة وشركاؤها معرفة اعداد الجنوب سودانيين بدقة عقب وصولهم الى الخرطوم رغم انها تكافح من اجل ذلك.

وضمن الرئيس السوداني عمر البشير لمواطني جنوب السودان حرية الحركة والا تتم معاملتهم كلاجئين. ويعيش الالف في مخيمات في ولاية النيل الابيض على الحدود مع الجنوب بينما تنقل اخرون الى اجزاء اخرى من البلاد بحثا عن حياة في ظروف افضل. ايفالينا وعائلتها عادوا الى ضاحية الخرطوم التي كانوا يعيشون فيها قبل عام 2011 حيث قدم اليهم جارهم سكنا من دون ان يدفعوا ايجارا. ووالدها فقد منذ السنة الماضية.

وفي ورشة عمل للتوعية مع الجنوبيين في الخرطوم سمعت صابر عن نساء اخريات تعرضن لهجوم قبل فرارهن، ولكن جرى توزيعهن في اطراف المدينة مما يجعل الامر صعبا في التعرف اليهن. وتواجه وكالة الامم المتحدة للاجئين صعوبات مالية لتمويل برامج تعنى بجنوب السودان مثل البرنامج الذي يهتم بايفالينا.

وقالت روسي "ازمة جنوب السودان تزامنت مع ازمات اخرى مثل سوريا واليمن وهناك منافسة على التمويل". وتبدو ايفالينا سعيدة وهي تبتسم اثناء تلقي الرعاية النفسية. لكنها اكدت انها تواجه صعوبات مع اخوتها وشقيقتها وابنتها مشيرة الى انها كانت تحلم بدراسة الصيدلة، ولكنها الان تكافح من اجل ايجاد عمل لاطعام اسرتها.

ووقع سلفا كير ومشار اتفاق وقف اطلاق نار في 29 اب/اغسطس الماضي، ولكنهما يتبادلان الاتهامات بخرقه. وحتى لو تم التوصل لسلام فان ايفالينا تفضل الخرطوم على عاصمة ولاية الوحدة بنتيو حيث احرق منزلها. وقالت "ان ذهبن للجنوب ساذهب للزيارة فقط".