أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأربعاء عفوًا عن مئة من الشباب، بينهم صحافيا الجزيرة محمد فهمي وباهر محمد، و16 ناشطة من المدافعات عن الديموقراطية خصوصًا يارا سلام وسناء سيف، بحسب بيان رسمي لرئاسة الجمهورية.


إيلاف - متابعة: يأتي هذا القرار قبل ساعات من مغادرة السيسي الخميس الى نيويورك حيث سيشارك في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة ويلقي بيان مصر امامها. وكانت السلطات المصرية تعرضت لانتقادات شديدة من الدول الغربية ومنظمات حقوقية دولية بسبب الاحكام ضد صحافيي الجزيرة وانتهاكات اخرى لحقوق الانسان منذ انتخاب السيسي رئيسا في ايار/مايو 2014.

وبعد الظهر، خرج بالفعل من سجن طرة صحافيا الجزيرة وانزلتهما سيارة تابعة لوزارة الداخلية في حي المعادي الراقي المجاور لهذا السجن. وقال محمد فهمي لفرانس برس "انا لا اصدق نفسي، لا اصدق انني لن انشغل بعد الان بالمحامين وبامور السجن وانني سأقضي الليلة في بيتي مع زوجتي الحبيبة". اما باهر محمد، الذي كان ينتظر مع فهمي مجيء اسرتيهما لاصطحابهما الى منزليهما، فقال "اننا سعداء جدا جدا، ولكننا استغربنا قليلا، ولا نعرف كيف حدث هذا".

ورحبت قناة الجزيرة القطرية بالافراج عنهما، وقالت في بيان "نحن سعداء من اجلهما ومن اجل عائلتيهما"، معربة عن الاسف لانهما "اضاعا اكثر من سنتين من حياتهما لمجرد انهما صحافيان". وعبر زميلهما الاسترالي بيتر غريست عن "سعادة غامرة" للافراج عنهما، وقال ان الرئيس السيسي "اتخذ خطوة كبيرة لاعادة الثقة بالنظام".

كلوني تشكر السيسي
وفي بيان، عبّرت المحامية امل كلوني، التي كانت احد اعضاء هيئة الدفاع عن فهمي، عن سعادتها بالعفو عن الصحافيين، وقالت "لقد كانت محنة طويلة، ونحن ممتنون للرئيس السيسي، لاستخدامه صلاحياته للعفو عن" فهمي ومحمد. واضافت "انه يوم تاريخي في مصر، اذ صححت الحكومة اخيرًا ظلما استمر فترة طويلة، وحررت رجلين بريئين".

واكد بيان الرئاسة ان السيسي اصدر "قرارا جمهوريا بالعفو عن مئة من الشباب الصادر بحقهم احكام نهائية بالحبس في قضايا تتعلق بخرق قانون التظاهر أو التعدي على قوات الشرطة، فضلاً عن عدد من الحالات المرضية والإنسانية".

واضاف البيان ان "من بين أبرز الأسماء التي تضمنها القرار الجمهوري، محمد فهمي وباهر محمد المتهمين في القضية المعروفة بـ"خلية الماريوت (قضية الجزيرة)"، إضافة إلى الناشط السياسي عمر حاذق، والناشط السياسي بيتر جلال يوسف، والناشطة السياسية سناء سيف، والناشطة السياسية يارا سلام". يذكر ان سناء سيف هي طالبة جامعية وشقيقة الناشط المعروف علاء عبد الفتاح المحبوس في قضايا عدة. اما يارا سلام فهي محامية تعمل في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، وكانت كذلك من ابرز معارضي مرسي وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها.

دومة حرا
ولم تنشر بعد القائمة الرسمية للمئة شخص الذين شملهم العفو، ولكنها لا تتضمن على الارجح ناشطين اخرين بارزين محبوسين في قضايا عدة، ابرزهم علاء عبد الفتاح واحمد ماهر ومحمد عادل من مؤسسي حركة 6 ابريل (التي شاركت في اطلاق الدعوة لثورة العام 2011) واحمد دومة وهو من ابرز وجوه الثورة والمحامية المدافعة عن حقوق الانسان ماهينور المصري.

واكدت منظمة العفو الدولية في بيان انها ترحب بالقرار الرئاسي، ولكنها اكدت ان "مئات مايزالون خلف القضبان، لانهم تظاهروا او بسبب عملهم الصحافي". واضافت ان "كل الذين سجنوا لانهم مارسوا بشكل سلمي حقهم في حرية التعبير والتجمع والتنظيم او بسبب عملهم الصحافي او في مجال الدفاع عن حقوق الانسان ينبغي ان تلغى الاحكام الصادرة ضدهم، ويتم الافراج عنهم فورا".

وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية اوضحت ان العفو ينطبق على 33 من المدانين في قضية خرق قانون التظاهر بتنظيم مسيرة امام قصر الاتحادية الرئاسي في مطلع العام 2014 ومنهم يارا سلام وسناء سيف و18 من المدانين في قضية خرق قانون التظاهرة بتنظيم تجمع امام مجلس الشورى في العام نفسه احتجاجا على بند في الدستور يبيح محاكمة المدنيين امام القضاء العسكري.

كما شمل قرار العفو المدانين في قضية التعدي على قوات الشرطة في وسط الاسكندرية (شمال) في العام 2013 ومن بينهم الناشط السياسي عمر حاذق وقضية صحافيي الجزيرة التي تشمل الصحافي الاسترالي بيتر غريست الذي سبق ترحيله الى بلاده ومحمد فهمي وباهر محمد. وجرى ترحيل غريست في شباط/فبراير الماضي بموجب قانون يسمح للرئيس المصري بترحيل الاجانب الى بلدانهم اثناء المحاكمة.

وعقب ذلك تناول محمد فهمي عن جنسيته المصرية واحتفظ بالكندية املا ان يتم ترحيله مثل زميله الاسترالي، الا انه لم يصدر له قرار رئاسي بلترحيل. واعرب مسؤولون كنديون عن ارتياحها للافراج عن فهمي ونيله العفو، وفق ما ذكرت لين يليتش وزيرة الدولة للشؤون القنصلية. وقالت ان "سعت لدى اعلى السلطات الى الافراج عنه" وان العمل سيتواصل لترحيله من مصر.

وفي 30 اب/اغسطس الماضي قضت محكمة جنايات القاهرة بسجن غريست غيابيا ثلاث سنوات وبالعقوبة نفسها لمحمد فهمي وباهر محمد اللذين تم حبسهما فور صدور الحكم.
وكانت هذه ثاني محاكمة لهم اذ الغت محكمة النقض المصرية حكما اول صدر في حزيران/يونيو 2014& وقضى بالسجن سبع سنوات لمحمد فهمي وبيتر غريست وعشر سنوات لباهر محمد. وعقب اطاحة مرسي في تموز/يوليو 2011 شنت السلطات المصرية حملة قمع دامية ضد انصاره.

وامتد القمع بعد ذلك ليشمل الناشطين الشباب المدافعين عن الديموقراطية، الذين صدرت ضدهم احكام بالسجن بتهم خرق قانون التظاهر او التعدي على قوات الشرطة في قضايا مختلفة. وكانت السلطات المصرية اصدرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، اي بعد اطاحة مرسي ببضعة اشهر، قانونا لتنظيم التظاهر اثار احتجاجات كبيرة خصوصا من قبل الناشطين الشباب الذين اعتبروا انه "يقيد حق التظاهر" بدلا من ان ينظمه.

وتعالت بعض الاصوات في مصر بعد ذلك تطالب بتعديل هذا القانون وبالافراج عن الشباب المدافعين عن الديموقراطية، الا ان هذه هي اول استجابة من الرئيس المصري لهذه المطالب. وتم حبس العديدين من هؤلاء الناشطين في تظاهرات احتجاجا على هذا القانون نفسه.