أرخت اعتداءات كولونيا الجنسية بثقلها على مجمل المجتمع الألماني، لا سيما في ظل وجود عدد هائل من اللاجئين، وفيما دعا البعض إلى التشدد في قبول المهاجرين المسلمين، دعا البعض الآخر إلى البحث عن الأسباب الكامنة خلف تصرفات مماثلة.

إعداد عبد الإله مجيد: أثارت الاعتداءات الجنسية التي وقعت ليلة رأس السنة في مدينة كولونيا الالمانية، والتي أتهم مهاجرون مسلمون بالضلوع فيها، جدلا واسعا حول قضية اللاجئين في المانيا عموما وفي اوساط الحركة النسوية الالمانية بصفة خاصة. &
&
وفي حين ان اليس شفارتسر (73 عاما) عميدة الحركة النسوية الالمانية قالت ان الحادث يفرض إلقاء نظرة أكثر تمعنا على قبول مهاجرين مسلمين، فان النسوية المعروفة آن فيتسورَك (34 عاما) دعت الى البحث عن الأسباب في مكان آخر، رغم شعور المرأتين بالقلق مما حدث.&
&
وقالت فيتسورك في حوار مع مجلة شبيغل ان السجال الذي اثارته الاعتداءات لم يركز على الأسباب الحقيقية ومن الخطأ ان يقتصر الحديث على العنف الجنسي إذا ارتكبه مهاجرون أو لاجئون. &
&
ثقافات مختلفة
&
وقالت شفارتسر من جهتها ان المانيا استقبلت خلال العقود الماضية ملايين ينتمون الى ثقافات لا تمنح المرأة أي حقوق وليس لها صوت فيها بل تعتمد اعتمادا مطلقا على الأب أو الأخ أو الزوج. &"ويصح هذا على شمال افريقيا ومناطق كبيرة من الشرق الأوسط ، وهو لا يرتبط دائما بالاسلام ولكن منذ نهاية السبعينات وابتداء من الثورة الايرانية بقيادة الخميني شهدنا تسييسا للاسلام. &وكان الخصم الرئيسي من البداية تحرير المرأة" ، بحسب شفارتسر. &واضافت "ان اعداد الرجال القادمين من هذا الفضاء الثقافي تزايدت وبعضهم سحقتهم الحروب الأهلية وهذه هي المشكلة التي لا يمكن ان نتجاهلها بكل بساطة".&
&
ولكن فيتسورك اعترضت على النظر الى اصول مرتكبي الاعتداءات فقط وقالت ان بين المشاركين في السجال حول حقوق المرأة السياسيين أنفسهم الذين قالوا في عام 2013 ان المرأة يجب ألا تتمادى في مطالبها. &ولاحظت فيتسورك ان الاصول المهاجرة لمرتكبي الاعتداءات "تُوظَّف لوصمهم كجماعة واعتقد ان هذه عنصرية... وكأن الرجال المهاجرين وحدهم الذين يرتكبون اعتداءات جنسية" في حين "ان مثل هذا العنف مشكلة المجتمع كله ومشكلة الجنسين على السواء ولا يمكن السماح بأن يصبح من المعهود في السجالات ان يُحمل المهاجرون الرجال وحدهم المسؤولية".&
&
وأقرت شفارتسر قائلة "نحن في اوروبا ايضا لدينا عنف جنسي بنيوي متفش". ولكنها اضافت "ان الرجال الذين يأتون الينا من دوائر ثقافية اسلامية هم بالطبع نتاج ظروف هناك ما زالت متخلفة بالمقارنة مع الظروف هنا. وهذه مشكلة تجاهلناها زمنا طويلا. &وباسم تسامح زائف قبلنا بإبقاء المرأة حبيسة البيت وتزويجها قسرا". &
&
وردت فيتسورك قائلة "أنا لا أنكر ان البنى البطريركية (الأبوية) اقوى في بعض البلدان منها في المانيا ولكن جوهر المشكلة ليس الاسلام بل البطريركية".
&
توعية
&
وعن الاعتداءات الجنسية في مدينة كولونيا ليلة رأس السنة قالت فيتسورك "ان الاعتداءات التي ترتكبها مجموعات ليست ظاهرة جديدة. &فحين تلتقي مجموعات كبيرة من الرجال ويكون الكحول حاضرا كثيرا ما تتعرض المرأة الى التحرش. &ويحدث هذا في الملاعب الكروية أو خلال كرنفال كولونيا أو مهرجان اكتوبر في ميونيخ. &وأنا ضد التركيز على هذه الجماعة من المرتكبين بسبب اصولها فقط".&
&
وتطرق الحوار الى المشاكل الناجمة عن تدفق مئات الآلاف من مجتمعات ذكورية على المانيا وما يثيره ذلك من تحديات للحركة النسوية. وفي هذا الشأن قالت شفارتسر "أنا لا أستطيع ان أذهب الى الحدود الالمانية - النمسوية وأسالهم "هل انتم اسلاميون؟" فحين يهرب الناس من مناطق الحروب علينا ان نساعدهم اولا ولكن علينا ان نكون سريعين ايضا في تدقيق مَنْ الذي يأتي الينا". &
&
وعلقت فيتسورك قائلة "ان البطريركية موجودة في المانيا ايضا وحق اللجوء يجب ألا يُقيَّد لمجرد ان اللاجئين يأتون الى المانيا من بلدان تمثل مواقف تمييزية أكثر ضد المرأة"، كما ودعت الى تشديد القوانين ضد العنف الجنسي وتجريم التحرش الجنسي دون اغفال المشكلة الأساسية المتمثلة في ان عالم اليوم يتأثر "بالصور ذات الطابع الجنسي المفرط لجسد المرأة"، على حد تعبيرها. &
&
وقالت شفارتسر ان المطلوب العمل بنشاط على توعية الآتين من ثقافة اسلامية. "وهذا يصح على المهاجرين الموجودين اصلا وكذلك اللاجئين الحاليين"، مقترحة تنظيم دروس لهم حول المساواة بين الجنسين وتقديم بديل للشباب الذين لديهم نزعة العنف والعمل&على احياء المهاجرين والتصدي للاسلاميين وافكارهم.&
&
وأكدت فيتسورك ان التوعية يجب ألا تقتصر على الشباب وان الثقافة مهمة للكل بصرف النظر عن العمر والجنس ولفتت الى ان العنف الجنسي موجود قبل مجيء اللاجئين ولم يُستورد معهم. &

&