رفضت السلطات العراقية اليوم تصريحات للرئيس التركي أردوغان بالمشاركة في معركة الموصل، وأكدت أنها ستتحرر بأيدي العراقيين وحدهم من دون الحاجة إلى أقلمتها.. فيما اعتبر خبير قانوني عراقي أن قرار البرلمان التركي بالتمديد عامًا لتواجد القوات التركية على الأراضي العراقية يخالف القانون الدولي، محذرًا من أن التعاون مع هذه القوات جريمة في القانون العراقي.

إيلاف من بغداد: عبّرت وزارة الخارجية العراقية عن رفضها للتصريحات المتكررة الصادرة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص معركة تحرير الموصل، مؤكدة أنها "تدخل سافر في الشأن الداخلي العراقي وتجاوز لمبادئ العلاقات الثنائية وحسن الجوار".

للمعاملة بالمثل
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد جمال الاثنين، إن تصريحات ومواقف القيادة التركية تمثل إزعاجًا وتعكيرًا للعلاقات المرجوة بين البلدين، لكونها أهملت جميع المواقف والدعوات الدولية الداعية إلى سحب القوات التركية المتسللة قرب مدينة بعشيقة (جنوب الموصل في شمال العراق) واحترام السيادة العراقية.&

وطالب في بيان صحافي، إطلعت على نصه "إيلاف"، الحكومة التركية بإثبات حسن النوايا والواقعية في محاربة الإرهاب من خلال دعم جهود الحكومة العراقية في المعارك الدائرة ضد تنظيم داعش الإرهابي، وصولًا إلى تحريرالموصل والكفّ عن إطلاق التصريحات الاستفزازية عديمة الجدوى أو محاولة التدخل في قضايا العراق الداخلية أسوة بما عبّر عنه العراق من مواقف داعمة للجارة تركيا أمام الكثير من التحديات، وآخرها موقفه الرافض للمحاولة الانقلابية العسكرية في تركيا أخيرًا.

أضاف الناطق العراقي أن معركة تحرير الموصل "ستكون ختام الانتصارات التي يسجلها أبناء شعبنا الأبطال بكل مكوناته، وبدماء تضحياتهم في الجيش والشرطة والقوات الأمنية والحشد الشعبي والبيشمركة ومقاتلي العشائر، وهم يُذيقون الدواعش الأنجاس طعم الذل والهزيمة".

أحمد جمال المتحدث باسم الخارجية العراقية

وشدد على أن تحرير الموصل من براثن داعش ستكون بأيادي العراقيين وحدهم من دون الحاجة إلى الانجرار إلى أي شكل من أشكال الأقلمة لهذه المعركة، أو فسح المجال لجعلها ساحة من ساحات صراع الإرادات الدولية.

وصوّت البرلمان التركي السبت بالغالبية المطلقـة على قرار يقضي بمواصلة الجيش التركي مهماته في العراق وسوريا لعام آخر، وذلك بناء على طلب للتمديد قدمته الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الحاكم. وصوّت للقرار، إضافة إلى نواب حزب العدالة والتنمية، نواب الاشتراكيين الديمقراطيين في حزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي، باستثناء حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، الذي صوّت ضده.&

بذلك يستطيع الجيش التركي التحرك حتى نهاية أكتوبر عام 2017 خارج حدود بلاده، وخصوصًا في العراق وسوريا، حيث بدأ في 24 أغسطس الماضي تحركًا عسكريًا أطلق عليه "درع الفرات". وكان البرلمان التركي أقرّ التفويض للمرة الأولى في أكتوبر عام 2014، ثم مدده لعام واحد في سبتمبر عام 2015.&

ومنذ يومين، تواصل قوى عراقية سياسية مهاجمة تصريحات أردوغان، داعية إلى مواجهة القوات التركية على الأراضي العراقية، واتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية ضد أنقرة، معتبرة تمديد البرلمان التركي لوجود القوات التركية على الأراضي العراقية بمثابة احتلال يعيد أحلام إعادة الإمبراطورية العثمانية، بينما أفتى مرجع شيعي بقتال هذه القوات، التي اعتبرها "غازية".

خبير قانوني: التعاون مع القوات الدولية جريمة في القانون العراقي
من جهته، اعتبر الخبير القانوني العراقي طارق حرب اليوم أن قرار البرلمان التركي يخالف القانون الدولي، وأن التعاون مع القوات التركية جريمة في القانون العراقي.

أضاف حرب في بيان الاثنين، إطلعت على نصه "إيلاف"، أن التمديد للقوات العسكرية القتالية التركية في العراق يخالف أحكام القانون الدولي، ذلك أن المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يعتبر بمثابة الدستور الدولي، والذي ينظم العلاقات بين الدول، هذه المادة منعت تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى بأي شكل، والاستثناء الوارد في الفقرة السابعة من هذه المادة الذي يبيح التدخل، هو صدور قرار من مجلس الأمن الدولي طبقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ومثل هذا القرار لم يصدر، ولم يصدر أي قرار من مجلس الأمن الدولي، سواء كان وفق الفصل السادس أو الفصل السابع، يبيح لأية دولة، بما فيها تركيا، بالتدخل في العراق، ولم يصدر مثل هذا القرار، ولن يصدر مستقبلًا، لا سيما أن قرارات مجلس الأمن الدولي العديدة الصادرة بشأن العراق منذ سنة 2003 تمنع أية دولة من التدخل في الشؤون الداخلية في العراق.

أضاف أن هذه القرارات قد أكدت أيضًا على مبدأ استقلال العراق وسيادته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ومنعه قانونًا من أشهر مبادئ القانون الدولي، حيث يعتبر التدخل عملًا غير مشروع، لا يستند إلى أي مسوغ قانوني، لكون المجتمع الدولي يتكون من دول عديدة متساوية في السيادة والحقوق والواجبات، واحترام مبدأ المساواة يحتم على جميع الدول عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

وأشار إلى أن مخالفة تركيا والقانون الدولي قد تكون موضعًا للمسؤولية الدولية عن هذا الإخلال الخطير بأحكام القانون الدولي وعدم التزامها بمبدأ المساواة بين الدول، لا سيما وأن التدخل التركي تجاوز التدخل السياسي والعقائدي والمالي واستخدام الجواسيس والأعوان إلى مرحلة التدخل العسكري بدخول القوات التركية المقاتلة إلى الأراضي العراقية، سواء كانت هذه القوات من المشاة أو الدروع أو الدبابات أو الآليات، فإنها ممنوعة قانونًا.

ونوّه الخبير القانوني أيضًا بأن الحكومة العراقية لم توافق على التدخل التركي بأية صفة، وإن أعطت الموافقة للمستشارين والمدربين، وليس للجنود والمعدات القتالية لبعض الدول، للمساعدة اللوجستية الفنية وليس للقتال على الأراضي العراقية، كما تفعل القوات التركية.. مؤكدًا أن بعض الأفعال التي تتعلق بهذه القوات قد تكون جرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام، مثل جريمة السعي لدى دولة أجنبية أو التخابر معها.&

وتنشر تركيا قوات عسكرية في قاعدة بعشيقة في محافظة نينوى لتدريب متطوعين عراقيين من أجل استعادة السيطرة على الموصل. وأشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة في البرلمان أمس إلى أن الهدف الأساس من هذه العملية العسكرية هو إقامة منطقة أمنية خالية من المنظمات الإرهابية بمساحة حوالى 5 آلاف كيلومتر.&

وأكد أن قوات بلاده ستشارك في عملية استعادة مدينة الموصل، التي تخضع لسيطرة تنظيم داعش منذ يونيو عام 2014، مشددًا على أنه لا يمكن لأي جهة منع ذلك.. وقال: "سنشارك في عملية تحرير الموصل، ولا يمكن لأحد أن يجعلنا خارج إطار العملية".

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد استغرب خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء الماضي من تصريحات أرودغان بشأن تحرير الموصل.. مؤكدًا على أن تركيا ليس لها أي دور في العمليات العسكرية لتحرير الموصل.