يواصل الكاتب الصحافي عبد الله السناوي، الحديث عن الأوضاع المصرية، وكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها البلاد.
إيلاف من القاهرة:&قال الكاتب الصحافي عبد الله السناوي في الحلقة الثانية من مقابلته لـ"إيلاف" أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعتزم الترشح لولاية رئاسية أخرى في منتصف العام 2018، مشيراً إلى أنه لاحظ تحدث السيسي عن انجازات ضخمة في 2018، معتبرًا أن هذه الانجازات من قبيل المبالغة، لاسيما أن مصر مقبلة على الإفلاس.
وأضاف أن هناك أكثر من مؤسسة في مصر، وعلى رأسها مؤسسة الفساد تعتقد أنها أقوى من مؤسسة الرئاسة، مشيرا إلى أن الفساد منهجي ومتشعب ومتشابك بين مختلف الأجهزة.
ودعا السناوي إلى ما سماه&"إجراءات جراحية في بنية الاقتصاد الوطني، وإلا مصر مقبلة على الإفلاس"، مشيرًا إلى أنه يجب ألا تتحمل الطبقة المتوسطة فواتير الإصلاح الاقتصادي وحدهاً، بل يجب أن يتحمل رجال الأعمال جزء منها.
الفساد وتقدم الدولة
- ألا يشكل الفساد عائقًا أمام تقدم الدولة، لاسيما أنه أيضًا يقلل من شعبية السيسي؟
هناك أكثر من مؤسسة تعتقد أنها أقوى من الرئاسة، فأول مؤسسة لديها هذا الاعتقاد الراسخ هي مؤسسة الفساد، قد يسقط فرد أو اثنين ويطاح& بوزير أو آخر، ولكن في النهاية الآليات تعمل&ونهب الأموال يفوق الحد، يكفى أن ننظر في& قضية توريد القمح، لنرى أن الفساد في مصر منهجي ومتشعب ومتشابك بين مختلف الأجهزة، شبكة الفساد أقوى&من أي مسئول في الدولة.
حل الأزمة الاقتصادية يجب أن يسير في طريقين متوازيين، الأول ضرب الفساد، والآخر تحقيق عدالة اجتماعية. مصر في حاجة إلى ضبط خمس قضايا فساد كبرى، لتكون بمثابة رسالة& إلى مؤسسة الفساد، تقول إنها ليست أقوى من مؤسسة العدالة أو مؤسسة الرئاسة. لا يكفى أن يكون الرئيس نزيها، في حين أن النظام فاسد.
&هناك مؤسسات تصورت أن الماضي قد عاد، وقلت بصراحة أن هؤلاء ليسوا رجال عبد الفتاح السيسي، وينتظرون فترة مؤقتة لكي يعودوا إلى الماضي بكامله، ويتم دمج البيزنس والحكم، وهناك شخصيات أخرى تستخدم اسم السيسي لتحطيم كل رموز يناير وكل المجال العام، وتهيئة الأجواء لإعادة الماضي بكامل وجوه وسياساته ، والرئيس يعرفهم جيدا ولابد أن يتحرك لأنهم خطر على مصر.
- لكن السيسي بعث برسائل سلبية لمن يتصدون للفساد عندما عزل هشام جنينة من منصبه، وهو رئيس أكبر جهاز رقابي وتقديمه للمحاكمة بتهمة نشر أخبار كاذبة؟
&أعتقد أنه لابد من إعادة النظر مرة أخرى في تقرير المستشار هشام جنينة، لأن حجم ما يتكشف يتجاوز 600 مليار جنيه. وأدعو الرئيس السيسى إلى إعادة النظر في التقرير، ورد اعتبار جنينة، وإيقاف التقاضي ضده، فليس من المعقول أن يحاسب لأنه قال إن هناك فساد. هناك من أوغر صدر الرئيس ضد المستشار هشام جنينة، لأني رأيت بعيني كيف قابله الرئيس عندما ذهب جنينة لتعزيته في وفاة والدته، ولذلك جرى التنكيل به، ثم فصلت ابنته من عملها.
أزمات طاحنة
- الأزمة الاقتصادية الطاحنة والتغول الأمني وانخفاض شعبية السيسي، دفعت دوائر غربية وعربية إلى دعوته لعدم الترشح لولاية رئاسية أخرى، كيف ترى تلك الدعوات؟
الحديث عن ترشح السيسى لولاية رئاسية أخرى من عدمه، مبكر للغاية، الانتخابات الرئاسية ستكون في منتصف 2018، وما يهمني ويعنيني ويقلقني هو الوضع الحالي في 2016. هناك أزمات طاحنة تحتاج إلى تعامل جدي، منها ارتفاع الأسعار، وزيادة الأعباء على المواطنين العاطلين عن العمل، هناك أزمات أخرى خارجية أخطرها أزمة سد النهضة مع إثيوبيا. أتصور أن لدينا أزمات كبيرة تطرق الأبواب بكل عنف، فلا أعرف كيف نصل إلى منتصف 2018؟
نحن نواجه أزماتنا يومًا بيوم، أزمة بأزمة وهذا لا يصح أن يستمر، الرئيس يحتاج إلى تصور واضح يعرضه أمام الرأي العام، قبل أن يداهمه منتصف 2018، وإن كنت ألاحظ من خلال أحاديثه مؤخرًا أن يعتزم الترشح لولاية أخرى.
&
- وما يحتاجه السيسي لمواجهة تلك الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، حتى يمكنه الفوز بأغلبية في 2018؟
لابد من إجراءات جراحية في بنية الاقتصاد الوطني، وإلا مصر مقبلة على الإفلاس أو هبوط مفاجئ في الدورة الدموية الاقتصادية، فشل كامل في الاقتصاد ثم يتبعها فوضى، لكن في نفس اللحظة نحتاج إلى نقاش حقيقي حول طريقة تنفيذ تلك الاجراءات، وألا تتحمل الطبقة الوسطى والفئات الأكثر عوزًا لفواتير الإصلاح،&يجب أن تضع الحكومة في الاعتبارات مصالح الطبقة الوسطى، التي يجرى تجاهلها، لأنها منذ عمر مكرم حتى الآن، هي التي تقيم وتسقط النظم، لأنها تضم كل المثقفين والعمال والفلاحين، وعندما يتم ضربها ينتهي كل شيء. للأسف الشديد، الرئيس لم يتحدث عن الطبقة الوسطى غير مرة واحدة، أعتقد أنه في حاجة إلى أن يقدم خطابًا جديدًا بخطة جديدة، ولابد من إعلان حرب حقيقة على الفساد، وعلى الرءوس الفاسدة الكبيرة، ويجب أن تكون هناك عدالة في توزيع الأعباء.
يجب كذلك مصارحة الشعب بالحقيقة الكاملة، وكشف حقيقة الضغوط&التي تتعرض لها مصر من الخارج. هناك قاعدة معروفة منذ حرب أكتوبر 1973، وهى "لا يسمح لمصر أن تسقط أو أن تنهض"، ونحن مستمرون في هذه النقطة، فلا داعي للمبالغة بالقول إن العام 2018 سيشهد انجازات عظيمة.
&
- كل ما تتحدث عنه يحتاج إلى إرادة سياسية في الأساس، فهل تتوقع إقدام الرئيس عليها؟
هذا الكلام قابل للتنفيذ، فما المشكلة في إعلان الحرب على الفساد واطلاق يد الجهات الرقابية في تعقب الفاسدين الكبار؟ ما المعجزة في إعلان تقشف الحكومة والدولة؟& ما الأزمة في أن يتحمل رجال الأعمال جزء من فواتير الإصلاح الاقتصادي، عبر فرض ضرائب تصاعدية عليهم؟
- بينما يدعو الرئيس المواطنين للتشقف، تعاقدت الحكومة على شراء 4 طائرات فاخرة بـ300 مليون يورو؟
&هذه رسالة سلبية للشعب، مثل رسائل عزل هشام جنينة، واعتقال شباب يناير، وعدم تنفيذ الضريبة التصاعدية، رغم أننا في أزمة حقيقية، تحتاج إلى الشفافية والمصداقية، وتحتاج أيضًا إلى العدالة في توزيع الأعباء.
بين ايران وتركيا
- تشهد العلاقات المصرية التركية توترًا واضحًا، لكن هل تتوقع حدوث انفراجة وتصالح في المستقبل المنظور؟
&هناك مدخلان للنظر في أزمة العلاقات المصرية التركية، المدخل الأول ما جرى في مصر في 30 يونيو وانحياز أردوغان إلى جماعة الإخوان المسلمين، معتقدًا أنهم رفقائه ولابد من الدفاع عنهم ، وكانت له طموحات في لعب دور اقليمي، لإعادة العصر التركي في الشرق الأوسط، وهذه الفكرة موجودة منذ 2007، بأن القرن الواحد والعشرين هو القرن التركي في الشرق الأوسط.
وفي الواقع هناك ثلاث دول رئيسية في الإقليم من حيث الحجم السكاني، والقدرة العسكرية، وهي: مصر وإيران&وتركيا، ومن مصلحة مصر تخفيف حده التوتر بأقصى قدر ممكن مع تركيا، وفتح مجالات للحوار وهذه مسألة ليست سهلة. وأظن أن مصر تعاملت مع الملف التركي بأكثر قدر من ضبط النفس، رغم ما تملكه من أدوات ضغط كثيرة، ومنها الاعتراف بمذبحة الأرمن، والاعتراف بحق الأكراد في الاستقلال.
مصر الآن في حاجة إلى أن تنصت إلى الطرقات الإيرانية على أبوابها، فأظن أن الإيرانيين أصابهم الملل من طول الطرق وانتظار الإجابة المصرية لمطالبهم سواء من فوق الترابيزة أو من تحتها. ولا ننسى أن تركيا وإيران يمتلكان مفاتيح الأزمة السورية، ما يعنى تهميش الدورين المصري والسعودي. وأعتقد أن مصر في حاجة ضرورية إلى فتح علاقات مع هذين البلدين، مع التأكيد أن ذلك لن يضر بعلاقاتها مع دول الخليج، وخاصة السعودية، لأنهما أكبر البلدان العربية، ولا يستغني أي منهما عن الآخر، لاسيما في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ المنطقة، وإلا سيجرى تهميش الاثنين معًا وطردهما خارج الملعب، وستكون كل منهما فريسة سهلة للقوى الدولية والإقليمية الأخرى.
&المبادرة المصرية للسلام
- وهل تتوقع نجاح مبادرة السيسي للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟
لا توجد مبادرة مصرية، ولكن نداء للسلام، وبطبيعة الحال إسرائيل، ستوافق باعتبارها هدية من السماء، لاسيما أن النداء لا يتضمن أية التزامات تجاه القدس أو الفلسطينيين، ولا توجد أي مرجعيات ملزمة. عند الحديث عن العلاقات الدافئة، سترحب إسرائيل بالطبع. ففي الوقت الذي رحبت بما يسمى المبادرة المصرية وتحفظت على المبادرة الفرنسية، لأن الأخيرة تحتكم إلى المرجعيات الدولية، وتضع آليات محددة لتنفيذها. نحن في حاجة أن نقدم مبادرات أخرى تجاه العالم العربي، وأتصور أن زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى لبنان إيجابية بقدر ما كانت زيارته إلى إسرائيل سلبية، لأن لبنان انتظر حضور مصر إليه طويلًا.
للإطلاع على الجزء الأول من المقابلة الرجاء الضغط هنا
التعليقات