إيلاف من صنعاء: على الرغم من مرور خمسة أيام على واقعة مقتل وجرح مئات المعزين في صالة الخمسين في العاصمة اليمنية صنعاء المحتلة من المتمردين، لا تزال الواقعة تحظى بمتابعة واهتمام الرأي العام اليمني.

يجمع معظم المراقبين على أن ما حدث صراع بين شريكي التمرد (الحوثي وعلي صالح)، وهو ما لمحت به اسرة الرويشان صاحبة العزاء.

وفيما نفت السعودية المزاعم الصادرة عن الحوثيين في صنعاء، والتي أفادت بأن طائرات التحالف هي المسؤولة عن الضربات الجوية التي أسفرت عن قتلى وجرحى، كشف وزير الداخلية اليمني حسين عرب عن وجود أدلة دامغة عن تورط مسؤولين من المتمردين في الواقعة التي هزت الرأي العام المحلي والعربي والعالمي.

إنسداد سياسي&

يقول الكاتب والمحلل السياسي هاني مسهور إن الصراعات القبلية والمذهبية جزء من التركيبة في اليمن، وهذه الصراعات أسقطت حكم الإمامة في عام 1962، لكنها استعادت روحها وشكلها الطبيعي بشكل سريع بمزاوجة الإمامة بالجمهورية.

ويرى مسهور في حديث لـ "إيلاف" أن الأطراف اليمنية تدرك أن لا أخلاق إطلاقًا في الحرب بينها، وتدرك أيضًا أنها تعيش حالة من الانسداد السياسي الصعب نتيجة تكافؤ الأطراف عسكريًا، خصوصًا في جبهتي الجوف ومأرب، "فالجميع يشعر بالإنهاك، لذلك يحاول كل طرف من الأطراف إحداث فارق صاعق يكون قادرًا على تغيير المعطيات الجامدة للحصول على فرصة للتوافق السياسي.

ويخلص مسهور إلى القول إن التحالف العربي الذي دعا الولايات المتحدة الأميركية إلى المشاركة في التحقيقات في الحادثة يدرك خلو مسؤوليته تجاه ما حصل، مشيرًا إلى أن الشبهة تدور حول الأطراف اليمنية المتصارعة، وهذا ما أفادت به أسرة الرويشان صاحبة العزاء التي أصدرت بيانًا طلبت فيه انتظار نتائج التحقيقات، وتحدثت عن شبهات داخلية حدثت مع توقيت الانفجار.
ويختم مسهور بالقول: "القراءة في سياق متصل للتاريخ اليمني تدفعنا إلى تأكيد أن حادثة صنعاء تأتي في تلازم تاريخي لحوادث ووقائع دامية غيَّرت المشهد السياسي اليمني، لذلك ما سيأتي نتيجة حادثة صنعاء سيصب في اتجاه توافق يضع مسارًا سياسيًا جديدًا لليمن ومخرجًا من الأزمة الحالية من دون أن ينتصر طرف على آخر".

توظيف الجريمة&

يحذر سالم بن صائل الخليفي، مدير عام مكتب الاعلام في محافظة شبوة، شركاء التمرد من توظيف جريمة القاعة الكبرى واستثمارها لتحقيق غاياتهما الشيطانية.

وقال لـ"إيلاف": "ليس جديدًا على هولاء الانقلابيين مثل هذه الجرائم البشعة التي اقترفوها بحق الشعب اليمني، من الانقلاب البغيض وإدخال البلد في أتون حرب داخلية، ومسلسل القتل وسفك الدماء والأرواح التي أزهقوها في المدن والقرى، إلى ما تسببوا به من دمار وخراب للوطن والدولة ومؤسساتها، فهم يحاولون من خلال هذه العملية الاجرامية تجييش الناس ودعوتهم إلى الالتحاق بالمعسكرات، وفتح الباب أمام المقاتلين وجعلهم وقودًا لهذه الحرب، بعد أن شهدت جبهاتهم تراجعًا في عدد المشاركين في القتال في صفوف الميليشيات".

مشروع الموت&

وأضاف الخليفي: "الحوثي صاحب مشروع الموت والتدمير والنهج الطائفي السلالي البغيض، وعلي صالح صاحب التهديد بالعرقنة والصوملة، وهو من أطلق الدعوة إلى الاقتتال من طاقة إلى طاقة ومن شارع إلى شارع،، ونتذكر عبارته الشهيرة وهو يحرّض شركاءه في الانقلاب على الحرب والقتل (مش حاربي وارقدي)، هذا الرجل البائس الذي سلم المعسكرات للميليشيات، أطل علينا بخطاب تحريضي حاقد وبنفس طائفي مقيت، وظهر مجددًا ليمارس هواياته في الكذب والتزوير والتدليس والتي تأتي في سياق تزييف الحقائق، وأبرزها التركيز على موضوع العدوان واستمرار إيهام أتباعه أن ما قام به هو وشركاؤه الحوثيون من انقلاب وقتل وتدمير وتخريب ونهب للدولة ومؤسساتها هو دفاع عن سيادة الوطن، وهم بذلك يمارسون قمة التدليس أي ترك الفعل والتركيز على ردة الفعل، وتجنيد كل الوسائل والأشخاص والإمكانات لتسليط الضوء على ردّة الفعل وتعمد إغفال الفعل المسبب، بل وصل بهم الحقد أن لا يتورعوا في تبرير جرائمهم، وهذه العملية تكشف مدى الخلاف الذي وصل اليه الانقلابيون، والهدف من عملية الصالة الكبرى تصفية داخلية، والتخلص من بعض رموزهم في صراع بين الحوثيين وأنصار المخلوع"، مؤكدًا أن الحقيقة لن يطول إخفاؤها وحبل الكذب قصير، متوعدًا مجرمي الانقلاب بأن سحرهم سينقلب عليهم.

جريمة ضد الانسانية&

يطالب الشيخ القبلي ناصر البيضاني بسرعة إجراء تحقيق دولي بمشاركة الامم المتحدة والولايات المتحدة للكشف عن منفذي هذه الجريمة.

ويضيف البيضاني لـ"إيلاف": "ما حدث جريمة ضد الانسانية يتحملها طرفا الانقلاب في صنعاء، فليس في مصلحة السعودية ودول التحالف العربي قصف صالة عزاء فيها مدنيون، وكان في إمكان السعودية والتحالف استهداف من تريد من مسؤولي النظام الانقلابي بشقيه الحوثي والعفاشي قبل تلك الحادثة إذا أرادت، لكن تجنب طيران التحالف ومنذ بداية الحرب قبل سنة ونصف ذلك حفاظًا على أرواح المدنيين، لأن التحالف يتميز بمسؤولية أخلاقية ودينية، ولا يمكن أن يرتكب مثل هذه الجريمة، وحرصًا من السعودية على كشف الحقيقة، طالبت بإجراء تحقيق دولي شفاف وعادل، غير أن اطرافا في سلطة الانقلابيين سارعت إلى طمس آثار هذه الجريمة حتى لا تنكشف الحقيقة".

يشير البيضاني إلى أصابع الاتهام تجاه الانقلابيين في هذه الجريمة، قائلا إن هدف قيام الانقلابيين بالعملية إفشال تظاهرة الغضب التي كان من المفترض انطلاقها في صنعاء في الحادثة الاليمة نفسه.