يواصل معارضون سوريون تدعمهم تركيا تقدمهم صوب بلدة دابق القريبة من حلب، والتي تعد معقلا رمزيا مهما للتنظيم الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الاسلامية." وتنبع اهمية هذه البلدة الصغيرة بالنسبة للتنظيم المذكور من انها مذكورة في حديث للنبي محمد يقول فيه إنها ستكون مسرح معركة كبرى بين المسلمين واعدائهم. ويستخدم التنظيم هذه البلدة في دعايته بشكل مركز. ويتزامن انطلاق معركة تحرير دابق مع اجتماع يعقده مبعوثون امريكيون وروس في مدينة لوزان السويسرية لبحث امكانية التوصل الى اتفاق جديد لوقف اطلاق النار في سوريا. ولم يصدر عن لقاء لوزان اي بيان، ولكن مسؤولين امريكيين وروس تحدثوا عقب الاجتماع عن بزوغ باقة من "الافكار" المتعلقة بكيفية التوصل الى اتفاق جديد. يذكر ان القوات السورية التي تدعمها القوات الروسية كثفت قصفها للجزء الشرقي من مدينة حلب الذي يسيطر عليه المعارضون منذ انهيار آخر اتفاق لوقف اطلاق النار في الشهر الماضي. وتقول وكالات الاغاثة إن ثمة حاجة ماسة لثبيت هدنة جديدة امدها 72 ساعة ليتسنى لها ايصال المواد الضرورية للمدنيين العالقين في الجزء الشرقي من حلب واجلائهم منها. ويعيش في المناطق الشرقية المحاصرة من المدينة نحو 275 ألف شخص، كما أن المنظمات الخيرية لم تتمكن من الوصول إليهم منذ إعادة فرض الحصار على هذه المناطق يوم 4 سبتمبر/أيلول الماضي. وقتل أكثر من 370 شخصا بمن فيهم نحو 70 طفلا في القصف على الأحياء الشرقية من حلب، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له. وأضاف المرصد أن عشرات من المدنيين بمن فيهم أطفال قتلوا من جراء قصف المعارضة للمناطق الغربية من حلب. وأكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من جانبه تقدم مسلحي المعارضة صوب دابق التي تقع على مسافة 10 كيلومترات تقريبا من الحدود السورية التركية. وما لبث المسلحون المعارضون الذين تدعمهم طائرات القوة الجوية التركية يقتربون من دابق لعدة ايام، ونجحوا في السيطرة على القرى المحيطة بها ومحاصرتها. وقال احد قادة القوات المعارضة التي تدعمها تركيا إن البلدة تعرضت لقصف كثيف يوم السبت وذلك في سياق عملية السيطرة عليهت، وهو ما اكده ناشطون سوريون. يذكر ان الهجوم على دابق يعد جزءا من هجوم اوسع شنه تحالف سوري معارض تدعمه تركيا اواخر آب / اغسطس الماضي. ويحاول التحالف المذكور طرد مسلحي "تنظيم الدولة" والمسلحين الاكراد من منطقة الحدود التركية السورية، ونجح منذ انطلاق الهجوم الحالي في استرجاع بلدتي جرابلس والراعي. في غضون ذلك، تجري في لوزان مباحثات جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا بهدف التوصل إلى هدنة أخرى في سوريا في أعقاب انهيار هدنة سابقة لم تعمر أكثر من أسبوع الشهر الماضي. ويجتمع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، مع مندوبين من تركيا، والسعودية، وإيران، وقطر، إضافة إلى مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا. وهذه أول مباحثات منذ وقف الولايات المتحدة اتصالاتها الثنائية مع موسكو بشأن سوريا. وقلَّل مسؤولون أمريكيون وروس من أي توقعات بشأن تحقيق تقدم هام باتجاه حل الأزمة السورية. ونقلت وكالات أنباء روسية عن وزير الخارجية الأمريكي قوله إن "ليس لدي توقعات خاصة". بينما قال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس "عندما ترى نتائج الجهود السابقة، فإني بصراحة كبيرة لا أملك إلا أن أكون متشككا بعض الشيء في الجهود الحالية". وتعهد الرئيس السوري، بشار الأسد، بعزمه على "تطهير حلب من المسلحين"، مضيفا أن الانتصار في هذه المدينة سيكون بمثابة "نقطة انطلاق" لتحقيق النصر في باقي أنحاء البلد. وقال مسؤول أمريكي يرافق كيري للصحفيين إن المباحثات تستهدف ارتياد أفكار جديدة لإنهاء الصراع وليس تحقيق تقدم فجائي فورا. وأوضح المسؤول الأمريكي قائلا "أعتقد أنه ينبغي أن نرى ما سيحدث في قاعة المفاوضات قبل أن نحدد إذا كانت هذه المباحثات بداية عملية جديدة أم لا". ويسعى الطرفان إلى إحياء الهدنة التي انهارت في حلب بالرغم من أن قوات الحكومة السورية لم تقلص هجومها لاستعادة السيطرة على المناطق الشرقية من حلب. وأثار الهجوم على هذه المناطق اتهامات غربية تفيد بأن جرائم حرب ربما ارتكبت. وأكد لافروف الجمعة أن روسيا ليس لديها خطط لطرح مبادرات جديدة بشأن طرق لحل الأزمة السورية. وقال إن روسيا ستدعو إلى اتخاذ "خطوات ملموسة" لتطبيق قرارات سابقة صادرة عن مجلس الأمن بشأن سوريا.
- آخر تحديث :
التعليقات