حلب: تشهد الاحياء الشرقية في مدينة حلب السورية لليوم الثاني على التوالي هدوءا من الغارات الروسية السورية عشية هدنة انسانية لمدة 11 ساعة اعلنت عنها موسكو بهدف إجلاء مدنيين ومقاتلين من المنطقة المحاصرة.

دبلوماسيا، تشهد برلين مساء الاربعاء اجتماعا بين قادة ألمانيا وروسيا وفرنسا في محاولة جديدة لايجاد حل للنزاع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات والذي حصد اكثر من 300 الف قتيل.

وبعيدا عن حلب، خرج حوالى 620 مقاتلا مع عائلاتهم من مدينة معضمية الشام المحاصرة قرب دمشق بموجب اتفاق تسوية بين الفصائل المقاتلة والحكومة السورية، وفق ما افاد مسؤول محلي وكالة فرانس برس.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومراسل لوكالة فرانس برس ان الاحياء الشرقية لم تشهد غارات جوية منذ صباح الثلاثاء.

وكانت موسكو اعلنت صباح الثلاثاء وقف القصف الجوي الروسي والسوري على حلب تمهيدا لهدنة انسانية مؤقتة يبدأ تطبيقها عند الساعة الثامنة (5,00 ت غ) من صباح الخميس وتستمر 11 ساعة، بحسب ما أعلن الجيش الروسي.

وكانت موسكو أعلنت اساسا ان الهدنة ستقتصر على ثماني ساعات.

واكد الجنرال سيرغي رودسكوي من هيئة الاركان الروسية الاربعاء ان المقاتلات الروسية والسورية "ستبقى على مسافة 10 كلم من حلب" خلال الهدنة.

وتهدف الهدنة وفق موسكو، الى فتح الطريق أمام اجلاء مدنيين ومقاتلين راغبين بمغادرة الاحياء الشرقية عبر ثمانية ممرات، اثنان منهم للمقاتلين، هما طريق الكاستيلو شمال حلب وسوق الهال في وسط المدينة.

واوضح رودسكوي ان موظفين من بعثة الامم المتحدة ومتطوعين من الهلال الاحمر السوري سيساعدون في اجلاء المدنيين ويرافقونهم طول الطريق بعد مغادرة حلب.

ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الخارجية السورية الاربعاء انه "تم تنفيذ سحب وحدات الجيش والقوات المسلحة الى مسافات تسمح للمسلحين بمغادرة الاحياء الشرقية فى مدينة حلب عبر ممرين خاصين".

واضاف المصدر "بهدف تحسين الاوضاع فى المدينة يجري تطبيق وقف للاعمال القتالية لفترات محددة" من جانب الجيش السوري. كما "تم ترتيب نقل السكان المدنيين دون قيود وتوفير نقل الجرحى وخروج المسلحين مع سلاحهم دون عوائق من الاجزاء الشرقية".

وبدأ الجيش السوري في 22 ايلول/سبتمبر هجوما للسيطرة على الاحياء الشرقية في حلب، ونجح في احراز بعض التقدم بدعم جوي روسي كثيف. واوقع القصف الروسي والسوري مئات القتلى وألحق دمارا كبيرا لم تسلم منه المستشفيات.

سكان خائفون

وافاد مراسل فرانس برس ان سكانا في حلب يبدون رغبتهم بالمغادرة لانهم تعبوا من الحصار والقصف، لكنهم في الوقت نفسه لا يثقون بالنظام. ولا يعلم ما اذا كان سيتم التجاوب مع مبادرة روسيا، حليفة النظام.

وبرغم وقف الغارات، تستمر الاشتباكات على محاور عدة في حلب وخصوصا المدينة القديمة، وفق المرصد.

وافاد مراسل فرانس برس عن اشتباكات بالرشاشات الثقيلة وقصف مدفعي متبادل قرب احد المعابر بين الاحياء الشرقية والغربية في وسط المدينة.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني او "الخوذ البيضاء" ابراهيم ابو الليث لفرانس برس "الحمدلله ليس هناك طيران حاليا"، مضيفا ان "السكان لا يزالون خائفين لانهم لا يثقون بالنظام وروسيا".

ويعيش 250 الف شخص في شرق حلب في ظروف انسانية صعبة في ظل تعذر ادخال المواد الغذائية والادوية والمساعدات منذ ثلاثة اشهر.

واستغل السكان الثلاثاء توقف الغارات للخروج من منازلهم وشراء المواد الغذائية التي لا تنفك تتضاءل كمياتها في السوق.

محادثات بلا "معجزة

وتعد مدينة حلب الجبهة الابرز في النزاع السوري، وهي تشكل محور المباحثات الدولية منذ تصاعد التوتر الروسي الاميركي على خلفية انهيار هدنة في 19 ايلول/سبتمبر صمدت اسبوعا.

وقال الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع قناة تلفزيونية سويسرية ستعرض ليل الاربعاء ونشرت حسابات الرئاسة السورية مقتطفات منها "علينا حماية الناس.. وان نتخلص من هؤلاء الارهابيين في حلب"، مضيفا "علينا ان نهاجم الارهابيين وهذا بديهي".

وتستضيف برلين مساء الاربعاء "اجتماع عمل" حول سوريا يجمع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي فرنسوا هولاند.

واستبق هولاند اللقاء بالقول ان "فرنسا ستمارس كل ما بوسعها من ضغوط وخصوصا على الجهات الداعمة للنظام، اي الروس، لكي يمكن تمديد الهدنة ونقل المساعدة الانسانية والوصول الى حل سياسي" للنزاع.

الا ان المستشارة الالمانية كانت قالت انها لا تتوقع تحقيق "معجزة" خلال اللقاء.

في بروكسل، يعقد قادة الاتحاد الاوروبي قمة الخميس سيدينون خلالها "بشدة" مشاركة روسيا في عمليات قصف الاحياء الشرقية لحلب السورية وسيطالبون بوقف "فوري" للاعمال القتالية للسماح بايصال المساعدات الانسانية، بحسب ما أظهر مشروع اتفاق اطلعت عليه وكالة فرانس برس.

الدموع وحدها المعبر

على الارض، تمت اليوم عملية اجلاء جديدة لمقاتلين معارضين من مدينة معضمية الشام المحاصرة قرب دمشق.

وخرج حوالى 620 مقاتلا مع عائلاتهم من المعضمية الى محافظة ادلب (شمال غرب) بموجب اتفاق تسوية بين الفصائل المعارضة والحكومة السورية، وفق ما افاد مسؤول لجنة المصالحة في المدينة حسن غندور وكالة فرانس برس.

والمقاتلون الـ620 هم 420 مقاتلا من معضمية الشام و200 آخرون نزحوا اليها من مناطق مجاورة هي داريا وكفرسوسة والمزة.

وتم التوصل في السابق الى اتفاقات تسوية مع الحكومة السورية قضت بخروج مقاتلي المعارضة من مناطق عدة خصوصا في محيط دمشق. وغالبا ما يتم ارسال رافضي التسوية الى محافظة ادلب الواقعة تحت سيطرة فصائل اسلامية وجهادية.

واثناء تواجده في احدى الحافلات، قال وسيم الاحمد، احد الناشطين المعارضين منذ بدء حركة الاحتجاجات في سوريا في العام 2011 لفرانس برس عبر الهاتف مع فرانس برس في بيروت، "الدموع وحدها تعبر اثناء وداعي لوالدتي واختي واخي، وزوجتي وابنتي البالغة اربعة شهور فقط".

واختار وسيم الخروج من مدينته الى ادلب خشية من اعتقاله، ووصف ما يحصل معه بالقول انها "هجرة قسرية".