حلب: تجددت الغارات الروسية الثلاثاء على الاحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في حلب بوتيرة هي الاعنف منذ نحو اسبوع، متسببة بمقتل 25 مدنيا على الاقل، في تصعيد يتزامن مع وصول الجهود الدبلوماسية لوقف اطلاق النار الى طريق مسدود.
على جبهة اخرى في جنوب سوريا، قتل خمسة اطفال على الاقل الثلاثاء جراء سقوط قذيفة صاروخية اطلقتها فصائل معارضة على مدرسة في مدينة درعا حيث تسيطر قوات النظام على الجزء الاكبر منها، في وقت استهدفت الفصائل احياء عدة في دمشق بالقذائف، موقعة خمسة جرحى على الاقل.
في الاحياء الشرقية لحلب، افاد مراسل فرانس برس بتجدد الغارات على الاحياء السكنية حوالى الساعة الثانية عشرة ظهرا (التاسعة تغ)، مستهدفة بشكل خاص احياء القاطرجي والميسر وقاضي عسكر وبستان القصر.
واحصى المرصد السوري لحقوق الانسان في حصيلة جديدة مقتل "25 مدنيا بينهم اربعة اطفال على الاقل جراء غارات روسية كثيفة على حيي بستان القصر والفردوس"، مشيرا الى وجود عدد كبير من العالقين تحت الانقاض.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان "الغارات الروسية اليوم هي الاعنف على الاحياء السكنية منذ نحو اسبوع".
وفي حي بستان القصر، قال مراسل فرانس برس ان الغارات ادت الى تدمير مبنيين بالكامل اثر استهدافهما. ونقل مشاهدته للكثير من الاشلاء فضلا عن ضحايا ممددين على الارض لم يتمكن السكان من التعرف على هويات العديد منهم.
وقال ان متطوعين من الدفاع المدني كانوا يعملون بايديهم على رفع الانقاض بحثا عن الضحايا، مشيرا الى سحب جثتي طفلين على الاقل.
مغطون بالدماء والغبار
واظهر شريط فيديو بثه مركز حلب الاعلامي المعارض من حي بستان القصر طفلة تبلغ اعواما عدة ترتجف من الخوف وقد غطت الدماء الجانب الايمن من وجهها وهي تحاول التحرك على حمالة داخل مستشفى. ويصرخ في الخلف احد الجرحى من الالم. كما يظهر الفيديو رجلا يدخل الى المستشفى حاملا في يديه طفلة اخرى اصغر سنا وقد غطى وجهها وثيابها الغبار جراء الضربة الجوية.
وفي فيديو اخر للمركز من حي الفردوس، يتجمع عدد من الاهالي امام مبنى استهدفه القصف في وقت يعمل شبان على نقل قتلى من داخل المبنى ووضعهم على متن شاحنة صغيرة. ويظهر عند مدخل المبنى رجل مسن مغطى بالغبار وقربه ثلاثة اطفال وهم يبكون بعد اخلائهم اثر الغارة.
وفي صور نشرها المركز من حي القاطرجي، يجلس رجل فوق الركام وهو ينظر ارضا ويضع رأسه بين يديه حزنا.
وتنفذ قوات النظام السوري منذ 22 ايلول/سبتمبر هجوما على الاحياء الشرقية في حلب وتدور منذ ذلك الحين اشتباكات على محاور عدة، الا ان الجيش السوري اعلن في الخامس من تشرين الاول/اكتوبر "تقليص" عدد الضربات الجوية والمدفعية على مواقع الفصائل.
وتركز القصف الجوي منذ ذلك الحين على مناطق الاشتباك في المدينة وتحديدا حي الشيخ سعيد (جنوب) وحي بستان الباشا (وسط).
وعادة ما ترد الفصائل المعارضة على القصف باطلاق قذائف على الاحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) الثلاثاء بمقتل اربعة اشخاص واصابة 14 آخرين بجروح جراء قذائف صاروخية استهدفت حي الحمدانية في الجهة الغربية.
تلاميذ قتلى
وفي جنوب سوريا، قتل خمسة اطفال على الاقل واصيب عشرون اخرون بجروح معظمهم من الاطفال جراء قذيفة صاروخية اطلقتها فصائل معارضة استهدفت مدرسة ذات النطاقين للتعليم الاساسي في مدينة درعا، وفق ما افادت وكالة سانا.
وتسيطر الفصائل الاسلامية والمقاتلة على معظم محافظة درعا، فيما تسيطر قوات النظام على الجزء الاكبر من مدينة درعا، مركز المحافظة، وعلى بلدات عدة في الريف الشمالي الغربي بشكل رئيسي.
وتعد محافظة درعا مهد الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في اذار/مارس 2011 ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، والتي تطورت لاحقا الى نزاع دام متشعب الاطراف تسبب بمقتل اكثر من 300 الف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
في دمشق، تعرضت احياء عدة لسقوط قذائف مصدرها الفصائل المقاتلة. وافادت وكالة سانا بـ"سقوط عدد من قذائف الهاون اطلقتها التنظيمات الارهابية على محيط الجامع الاموي"، مشيرة الى ورود "انباء عن اصابات".
كما اشارت الى اصابة خمسة اشخاص بجروح جراء سقوط "قذيفتي هاون" على حي القصاع في دمشق.
وتتحصن فصائل معارضة واسلامية في محيط العاصمة كما تسيطر على حي جوبر عند اطرافها الشرقية، وعادة ما تستهدف العاصمة بالقذائف.
ويأتي التصعيد الميداني في ظل انسداد الافق الدبلوماسي للتوصل الى حل ينهي النزاع السوري الذي تعد مدينة حلب ابرز جبهات القتال فيه والاكثر تضررا منذ اندلاعه.
وتشكل حلب محور الجهود الدبلوماسية حول سوريا، الا ان اجتماعا لمجلس الامن الدولي السبت أبرز الانقسام بين روسيا والدول الغربية، بعدما فشل في تمرير قرارين، احدهما روسي والثاني فرنسي، حول حلب.
وبرز التوتر الروسي الغربي الثلاثاء بالغاء الرئيس الروسي زيارة كانت مقررة الى باريس في 19 من الشهر الحالي لافتتاح "المركز الروحي والثقافي الأرثوذكسي الروسي".
وفي وقت سابق، أبلغت باريس موسكو بأن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند جاهز لاستقبال نظيره الروسي من أجل "اجتماع عمل" حول سوريا وليس لمشاركته في افتتاح المركز.
وفي رد سريع على اعلان المتحدث باسم الكرملين الغاء الزيارة، قال الرئيس الفرنسي إنه "جاهز في أي وقت للقاء" بوتين من أجل "دفع السلام" خصوصا في سوريا.
وكان الرئيس الفرنسي قال في وقت سابق عن سكان الاحياء الشرقية في مدينة حلب "انهم ضحايا جرائم حرب".
وفي لندن دعا وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون الثلاثاء مناهضي الحروب الى تنظيم احتجاج امام السفارة الروسية في لندن، وذلك خلال نقاش في البرلمان حول قصف مدينة حلب السورية.
وقال جونسون "اود بالتاكيد ان ارى تظاهرات امام السفارة الروسية".
التعليقات