إيلاف من الرباط: في زلة خطابية جديدة لعبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة المكلف، وصف بعض شباب حزبه بـ"الصكوعة"( اي المشؤومين او الأشقياء)وذلك في كلمة ألقاها بالدورة الاستثنائية للمجلس الوطني السبت الماضي، على خلفية الانتقادات التي وجهها العديد من نشطاء الحزب في صفحات التواصل الاجتماعي لترشيح شابة غير محجبة في اللائحة الوطنية للحزب في اقتراع 7 اكتوبر ، هي أمينة فوزي زيزي، مسؤولة الإعلام في ديوان الوزير المنتدب في النقل السابق ، محمد نجيب بوليف.
ليست قضية حجاب
وعاش موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حالة من الغليان، بعد الوصف الذي أطلقه ابن كيران، على أتباعه، الذين مثلوا سلاحا فتاكا في مواجهة خصوم الحزب وأعدائه في وسائل الاتصال الجديدة، حيث عبر الكثير من هؤلاء عن امتعاضهم من "الوصف القدحي الذي نعتهم به زعيمهم".
وعلق هشام الحرش، الكاتب المحلي لحزب العدالة والتنمية بالرباط، في حسابه "الفيسبوكي" ردا على رئيس الحكومة المكلف "المشكلة ليس في غطاء رأس تضعه هذه وتنزعه تلك، المشكلة السيد الأمين العام في دائرة الوسطاء التي أصبحت تتسع بينك وبين قواعد الحزب النشطاء في العالم الأزرق".
وأضاف الحرش، في التدوينة ذاتها، قائلا إن الوسطاء "لم يعودوا يكتفون بالتوسل لغيرهم بمقعد هنا أو هناك بمنطق "وصي عليا نوصي ليك"؛ بل تحولوا إلى أشبه بلاقط يعيد تشفير الرسائل حينا والتشويش عليها حينا آخر، وفي كثير من الأحيان يعيد صياغتها بما يخدم أغراضه الشخصية"، وهو ما اعتبر انتقادا واضحا من الكتائب الإلكترونية لحزب العدالة والتنمية، لمنطق الوساطة والمحسوبية التي بدأت تظهر في الحزب.
الوسطاء والتهجم على الكتائب الالكتروني
ولم تقف انتقادات شباب "العدالة والتنمية "في الفضاء الأزرق لقيادتهم عند هذا الحد، بل دخلوا في مواجهة مفتوحة مع من سموهم "الوسطاء"، الذين اتهموهم بالوقوف وراء دفع ابن كيران، للتهجم عليهم ووصفهم بـ"الصكوعية"، حيث أصبح القيادي محمد يتيم، عرضة لسيل من الاتهامات والانتقادات التي وجهت له، اعتقادا من هؤلاء بأنه هو المسؤول عن الحادث، إلى درجة أن نشطاء تهكموا عليه ولقبوه بـ"المراقب العام".
أما عمر الصنهاجي، أحد الوجوه البارزة في شبيبة الحزب، فعلق على الموضوع قائلا "في الحقيقة لم أقرأ لأحد ممن دوّن أي تهجم على موضوع الحجاب"، وأضاف "يبدو أن الأستاذ عبد الإله ابن كيران قد نقل إليه كلام خاطئ أحدث ذاك التشنج في كلامه"، مؤكدا أن العدالة والتنمية ليس حزبا "طائفيا".
المتابعة الانضباطية
انتقادات النشطاء الفيسبوكيين لحزب العدالة والتنمية ولامينه العام، أصبحت قضية تشغل بال الحزب ومؤسساته وتطرح الكثير من التساؤلات حول نجاعتها، حيث بادر أحد أعضاء الحزب، عبد المنعم بيدوي، ووجه رسالة إلى الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، طالب فيها بـ"تحريك مسطرة المتابعة الانضباطية في حق ابن كيران".
وجاء في الرسالة التي نشرها بيدوي في صفحته على الفيسبوك "حيث أني كنت قد كتبت تدوينة أعبر فيها عن رأيي الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام والذي اعتبر فيه أن القائمة الوطنية ككل هي ريع سياسي يجب أن يتوقف، وأن حالات عدة من داخل اللائحة لن تقدم إضافة فعلية للعمل البرلماني وأنها أقرب لثقافة الترضيات منها للعمل البرلماني المسؤول، وتساءلت عن ما يمكن أن تقدمه هذه الشابة من إضافة نوعية للحزب خصوصا أننا نتوفر على كفاءات موازية ولها رصيد نضالي لا يحق مقارنته مع الوافدين الجدد".
القيادة تدخل على الخط
وانخرط عدد من قادة الحزب في النقاش الدائر مع شبابهم الذي لا يغفر زلاتهم حتى ولو كانت من ابن كيران، وطالب عدد من أعضاء الأمانة العامة لحزب رئيس الحكومة المكلف، بالتحلي باللياقة المطلوبة والعمل على تجاوز هذه المسألة والتركيز على ما هو أهم، في محاولة من هؤلاء لتهدئة نفوس الشباب الغاضب.
وقال خالد رحموني، عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية تعليقا على الواقعة "أظنها اختلافات في التقدير والتدبير والتفكير والموقف.. وسيخيب ظن وأمل من يريد تأبيدها أو جعلها تتحوَّل إلى أزمة ثقة، أو صراع أجيال.. هو سوء فهم وتفاهم وتفهم.. وتدبير للخلاف والنزاع وتأول".
وأضاف رحموني "وجب الاعتذار عن الاساءة.. والاعتبار بمساحات الأخوة الرفيقة والحانية في الائتلاف كما الاختلاف..الاخوة المبنية على حسن الظن، وعدم تضخيم الخلافيات، ولا تبرير الزلات، والارتقاء إلى آفاق التسامح والتجاوز والتسامي".
يتيم نال حظا وافرا من الانتقادات
أما محمد يتيم، الذي نال حظا وافرا من انتقادات "الكتائب الإلكترونية" لحزبه، فعلق في حسابه بموقع "فايسبوك"، قائلا "أنصح كافة الشباب بوضع نقطة والرجوع إلى السطر، والحذر ممن يسعون إلى إشغالنا بأنفسنا"، واضاف موجها كلامه لمنتقديه "مرحبًا بتدويناتكم البناءة، مرحبا بمواصلة إسهامكم في معركة البناء الديمقراطي، دونوا بكل مسؤولية، انتقدونا بكل مسؤولية، لسنا ملائكة، ولكن خذوا بعين الاعتبار أننا مطوقون بمسؤولية الوصول بهذا المشروع الإصلاحي لطوق النجاة، ليس لدينا وقت وليس لكم الجدل الذي ليس وراءه عمل!"، وهو ما يمثل دعوة صريحة لطي الملف وتجاوز الخلاف.
حامي الدين ضد ضبط شباب الحزب
أما القيادي الشاب في الامانة العامة للحزب، عبد العلي حامي الدين، فنشر في حسابه "الفيسبوكي" فقرة من مقال له، نشر بإحدى الصحف الوطنية، جاء فيها "لقد لعب الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي دورا حاسما في فضح الكثير من الحملات ضد حزب العدالة والتنمية والكشف عن خلفياتها المهددة للمسار الديموقراطي، كما كشف عن حجم المصالح التي تختبئ وراءها ونوعية العلاقات المشبوهة التي تربط بين بعض مراكز النفوذ وبين بعض وسائل الإعلام التي فقدت مصداقيتها وفقدت كل شيء".
وأضاف حامي الدين أن محاولة ضبط وسائل التعبير الاجتماعي والتفكير في إمكانية التحكم فيها بواسطة الأطر التنظيمية التقليدية "يستبطن عجزا خطيرا عن فهم التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي وجهلا فظيعا بدرجة انتشار الإعلام الجديد، وتغلغله في أوساط الشباب وفي العالم القروي ووسط الإلتراس الرياضية وغيرها من الفئات غير المؤطرة حزبيا ولكن كلمتها في الانتخابات الأخيرة كانت حاسمة في اتجاه الانتصار إلى منطق العدل والحريّة والديموقراطية"، وهو ما يمثل انتقادا واضحا منه لمحاولة ضبط شباب الحزب والتحكم فيه على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي.
التعليقات