مراكش: بدا عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، متفائلاً، بمشاركة حزبه في تشريعيات 7 أكتوبر المقبل، لاختيار نواب الشعب في البرلمان، حيث، قال مخاطباً أعضاء حزبه: "إذا أرادها الله ستكون ولاية ثانية، وثالثة، ورابعة". قبل أن يضيف: "سأبذل جهدي مرة ثانية، حتى تتحسن حالة المغرب، ويصير هناك عدل بين المغاربة".

وأبدى ابن كيران تأثره وافتخاره بالحضور الغفير، الذي تابع مهرجانه الخطابي، عشية أمس، بمراكش، والذي احتضنته القاعة المغطاة التابعة للمركب الرياضي الزرقطوني، مشيراً إلى أن المهرجان "لم يتيسر تنظيمه بالملعب المجاور" (في اشارة الى منع وزارة الداخلية فيه) قبل أن يعتمد لغة الإشارة في توجيه رسائل مشفرة، قائلاً إن "الشمس لا يمكن تغطيتها بالغربال"، و"إذا أعطاك الله القبول، فسواء نظم اللقاء في ملعب أو في ساحة أو قاعة أو حتى في قاع بئر .. فإن محبة الناس لا يضاهيها شيء".

وتحدث ابن كيران عمّا يميز حزبه، فقال إن "السياسة تجمع الكلام بالعمل، وكثير من الناس يظنون السياسة فنًا للكلام فقط، لذلك يقولون ويرددون ويكذبون في الكلام، ثم يكررون نفس الكلام في المرات اللاحقة، ثم تجدهم وقد وصلوا إلى المسؤوليات واستفادوا من الأجور والامتيازات ومن الصفقات، ولكن في النهاية ينفضح كل شيء. أما نحن فقد دخلنا السياسة، لأننا قلنا إن هذا واجبنا أمام الله، لنشارك الأمة في تدبير شؤونها. نحن لا نكذب. لذلك حين انتبه إلينا الشعب رفعنا".

الثوابت الوطنية

كما تحدث عن موقف حزبه من الثوابت الوطنية، فقال: "حين جئنا، وجدنا للأمة ثوابت. وجدنا ثابتاً أولاً هو الإسلام، فقلنا إن الإسلام من ثوابتنا. ووجدنا الوطن ثابتاً ثانياً، فقلنا سنكون مخلصين للوطن. ووجدنا الملكية ثابتاً ثالثاً، فقلنا سنكون مخلصين للملكية". كما استحضر ما رافق وتمخض عن الربيع العربي، فقال: "من دون ابتزاز، أو أي شيء آخر، جئنا إلى طريق السياسة. وجاءت أحداث عرضت البلاد للخطر، فقلنا لن نسمح أن تعيش بلادنا في خطر، فطالبنا بالإصلاحات، لكن في إطار الاستقرار ونظامنا الملكي، ثم جاءت الانتخابات وحصلنا على المرتبة الأولى وترأسنا الحكومة. واليوم، الشعب المغربي يتابعنا ويشاهد سلوكاتنا، بل يساعده خصومنا الذين يتابعون حركاتنا وسكناتنا، من دون أن يحصلوا على طائل. ثم أخرجوا مسيرات تطالبنا بالرحيل".

ولم يترك ابن كيران الفرصة تمر من دون أن يوجه سهام نقده لعدد من خصومه السياسيين، ممن أسماهم "المخلوضين" (الذين يخوضون في الماء العكر)، الذين خاطبهم، قائلاً: "ابحثوا عن طريقة أخرى ... وإذا واصلتم على نفس النهج، فإننا هنا باقون إلى أن تتعبوا". وشدد على أن هؤلاء "المخلوضين" لهم أساليبهم في المكر والخداع، كما أن لهم إذاعات وتلفزيونات ومواقع إلكترونية وجرائد وإشاعات يروجونها ... سوى أن الشعب المغربي صار، اليوم، واعياً، منتبهاً، ومميزاً بين من يريد له الخير ومن يريد استغلاله". كما تحدث عمن أسماهم "المدوخين" (الذين بهم دوخة)، منتقداً "المناورات"، التي تعرض لها حزبه، "من اليمين ومن الشمال"، إلى أن "أراد الله أن يفضحهم فنظموا المسيرة المعلومة" (يقصد مسيرة الدار البيضاء، التي اشتهرت بـ"المسيرة المجهولة)"، والتي رأى أنها "ليست حدثًا ومرّ، بل هي علامة فارقة، بخصوص ماذا يريد المغاربة. هل يريدون ناساً معقولين، يقولون لهم الحقيقة، ويبينون لهم كيفية إصلاح أمور البلاد بتدرج، أم يريدون من يبيعهم الأوهام". لذلك، دعاهم إلى عدم "بيع أصواتهم"، في الانتخابات المقبلة، أو "الخوف من أصحاب النفوذ ولو كانوا من رجال السلطة"، مشدداً على أن "الرجال الأحرار (رجالاً ونساء) لا يبيعون أصواتهم بالمال ولا يخافون من رجال السلطة"، محذراً من مغبة ذلك، وإلا "فمن باع صوته باع مستقبله ومستقبل أولاده". وزاد، قائلاً: "جئنا صادقين. أصلحنا بعض الأمور من دون أن نتمكن من حل كل مشاكل البلد. عملت جاهداً، أنا وحزبي وحكومتي، في سبيل البلد. والحمد لله، بعد خمس سنوات، زادت شعبيتي وشعبية حزبي".

نقد

وتحدث ابن كيران عن الإصلاحات الصعبة التي قامت بها حكومته، فقال: "قدرت أن من مصلحة الدولة أن تكون في وضعية مالية تسمح لها بالاستمرار، ما دامت هي المركب الذي يقلنا جميعاً، إذا غرق غرقنا كلنا". ثم استدرك، قائلاً: "كانت إصلاحات، قلت إنه من الممكن ألا تعجب الناس، وقد يخرجون إلى الشارع رافعين شعار "ارحل". وماذا سيحدث إذا رحل ابن كيران؟ المهم أن ثقة المواطن في الفاعل السياسي عادت، وأن هذا المواطن إذا فهم لماذا اتخذت القرارات تجده مستعداً للتضحية في سبيل مصلحة بلده".

كما وجه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سهام نقده إلى ثلاثة من قادة الأحزاب المغربية، ذاكراً واحداً منهم بالإسم، وهو حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، فيما تحدث عن الثاني، قائلاً: "الأخ الآخر (يقصد ادريس لشكر الامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)&صار يشتغل مع حزب آخر (يقصد حزب الأصالة والمعاصرة). فكيف لحزب كبير له تاريخه أن يشتغل لدى حزب آخر؟"؛ فيما تحدث عن الثالث (قاصداً إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة)، عبر شتات من العبارات والإشارات، من قبيل "أتوا بحزب آخر" و"الذهاب إلى الصين" و"قطّر به السقف"، و"تقنين الكيف" و"التهجم على إذاعة محمد السادس".

وختم ابن كيران كلمته بالحديث عن حماد القباج، المرشح السابق للائحة حزب العدالة والتنمية بدائرة جيليز النخيل، بمراكش، والذي تم منعه من الترشح، وقد كان حاضراً خلال هذا التجمع الخطابي، فقال عنه: "وماذا به حماد القباج؟ ماهي مشكلته؟ قالوا عنه إنه سلفي. وماذا بعد؟ هناك من عنده الحق في أن يكون "سلفيًا " (به دوخة) والقباج ليس له الحق في أن يكون سلفياً. هو سلفي متنور ... يحب بلده وملكه، كما ساهم في حملة التصويت لصالح الدستور. فكيف نتنكر له، هو وأمثاله ممن يجعلون من التيار السلفي تياراً إيجابياً مشاركاً في المجتمع، يقف في وجه الإرهاب والتطرف والتشدد؟".