إيلاف من الرباط: رغم مصادقة اللجنة الإدارية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي، بالإجماع، مساء السبت، على بيان ختامي لأشغالها، حيث فوضت فيه لإدريس لشكر الامين العام لحزب، مع المكتب السياسي، مواصلة المشاورات مع رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بنكيران، بخصوص المشاركة في الحكومة المقبلة، فان المراقبين توقفوا كثيرا عند تنويه لشكر في تقريره الذي ألقاه صباح السبت باسم المكتب السياسي، بحزب التجمع الوطني للأحرار(حزب الحمامة)، مؤكدا أن المفاوضات حول الحكومة، لن تكون في إطار الأقطاب بل في إطار علاقات ثنائية، وذلك في اشارة مباشرة الى رفض لشكر تشكيل حكومة تحالف بين العدالة والتنمية وأحزاب الكتلة الديمقراطية وهي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، وان مشاركته فيها رهين بمشاركة التجمع الوطني للاحرار .

يذكر ان " التجمع "اشترط على ابن كيران ابعاد حزب الاستقلال من الغالبية المقبلة مقابل مشاركته في حكومته . ومن ثم جاء تنويه لشكر بالتجمع الوطني للاحرار بمثابة رسالة مفاده ان الاتحاد الاشتراكي فك ارتباطه بحليفه السابق حزب الاستقلال.

ولم تتوقف شروط اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي بشأن المشاركة في الحكومة عند هذا الحد، بل ربطت المشاركة فيها بان تكون "الحكومة منسجمة، وعلى أساس برنامج إصلاحي ومنهجية عمل، وتسعى إلى تطوير العلاقات مع الفرقاء الاجتماعيين والإنصات للحركات الإحتجاجية، ومراجعة العلاقات مع البرلمان ومختلف المؤسسات بما يضمن احترامها من طرف الجميع، والسعي في تكوين المجالس والهيئات وإسناد المسؤوليات، واعتماد مبادئ الكفاءة والموضوعية تكافؤ الفرص".

واعتبرت اللجنة الإدارية أن التوجيه الذي ينبغي أن يسير فيه الحزب، في "متابعة المشاورات الجارية حاليا، من طرف رئيس الحكومة المعين، ينبغي أن تظل وفية لهذه المنهجية، التي تنطلق من الوضوح في التصورات ونظام الأسبقيات، المتفق عليها، لتجنب الإرتجال والعشوائية، للسمو بالعمل الحكومي إلى الإطار التعاقدي والتشاركي، القابل للتقييم والمحاسبة، بكل شفافية والتزام".

وبهذا الموقف يكون لشكر وحزبه قد وضع العصا في عجلة تشكيل حكومة ابن كيران الثانية. ذلك ان موافقة حزب الاتحاد الاشتراكي على المشاركة فيها هي موافقة مبدئية لكنها مقيدة بشروط ثقيلة وعصية على التحقيق .

بيد أن رئيس الحكومة المعين عبد الاله ابن كيران متشبت اكثر من اي وقت مضى بان يكون حزب الاستقلال ضمن مكونات الغالبية المقبلة، فابن كيران لا يريد ان يبقى، في حالة تشكيله الحكومة الجديدة، تحت رحمة التجمع الوطني للاحرار ، ويكون رئيساً لحكومة غير قادر على التحكم فيها قيد أنملة ، وبالتالي فان وجود" الاستقلال" فيها سيساعده على إقامة التوازن للحد من جموح التجمع الوطني للاحرار، وهو جموح بدا واضحا في اول لقاء بين ابن كيران وعزيز اخنوش الرئيس الجديد للحزب، الذي دخل مع رئيس الحكومة المكلف ،منذ الوهلة الاولى ، في عملية كسر العظم .

وامام شروط لشكر لم يعد لدى رئيس الحكومة المكلف سوى الإعلان عن تعذره تشكيل غالبية حكومية، و إبلاغ الملك محمد السادس بذلك .

ويرى كثير من المحللين ان المغرب، داخل لا محالة في أزمة سياسية ودستورية عميقة، اذا ما نفذ ابن كيران وعده بتسليم مفاتيح الحكومة والذهاب الى بيته، خاصة وان دستور 2011 لا ينص على تكليف الحزب المتصدر للرتبة الثانية في الانتخابات على تشكيل الحكومة اذا ما تعذر على الحزب المتصدر تشكيلها، وبالتالي ليس هناك من مخرج سوى تنظيم انتخابات سابقة لأوانها .

فهل تتحقق المعجزة، ويشكل ابن كيران الحكومة مع حفظ ماء وجهه والحفاظ ايضا على وهج انتصار حزبه في اقتراع 7 اكتوبر الماضي؟ الايام القليلة المقبلة كفيلة بالجواب على هذا السؤال .