حاولت قيادة الحشد الشعبي للتشكيلات الشيعية المسلحة في العراق اليوم طمأنة القوى السنية المتخوفة من تحول الحشد إلى تشكيل عسكري طائفي رديف للجيش العراقي بالتأكيد على أنه مفتوح لجميع المكونات، وأنه ليس استنساخًا للحرس الثوري الإيراني، مشيرة إلى أنه سيدار وفق سياقات إدارة جهاز مكافحة الإرهاب، وستتم إعادة تصنيف رتب القادة.
إيلاف من بغداد: خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الناطق باسم هيئة الحشد الشعبي احمد الاسدي الاحد، تابعته "إيلاف"، قال رئيس هيئة الحشد فالح الفياض إن الحشد الشعبي ليس لفئة معينة، ولا يستهدف أحداً، وهو رديف للجيش العراقي. ونوّه بأنه لا يمكن مقارنة الحرس الثوري الإيراني بالحشد الشعبي، فهو ليس نموذجًا مستنسخًا للحرس، وهو حشد وطني يدافع عن العراق، ويمثل تجربة فريدة في التلاحم الوطني.
واكد الفياض انه "يوجد حاليًا حشد كبير في محافظات صلاح الدين وديالى والانبار، وهو ممثل لجميع المكونات في البلاد". واوضح أن "الحشد اصبح تشكيل بالاطر العسكرية الكاملة، وستكون اعادة ترتيبه وفق التراتبية العسكرية التي يضعها القائد العام للقوات المسلحة".
واشار الى ان قانون هيئة الحشد الشعبي محدود الفقرات، وأعطى لرئيس الوزراء حيدر العبادي الحق بتنظيم عمل الهيئة مستقبلاً.. مشددًا على انه مفتوح لجميع المكونات، وأن ابناءها يقاتلون حاليًا جنبًا إلى جنب.. وقال ان القانون لم يتحدث عن نسب المكونات، ولكن هناك مراعاة للمناطق، وأن التعيين في الحشد سينظم من قبل رئيس الوزراء وكذلك نسب المكونات فيه، اضافة الى انتشاره وإدارته التي ستتم وفق آليات إدارة جهاز مكافحة الإرهاب ومهامه، ستكون مشابهة لمهام الجهاز.
واكد الفياض أن الحشد ملتزم بتوجيهات العبادي، ولم يخرج عن قراراته وأوامره.. وقال "ان قانون الحشد الشعبي هو طمأنة لجميع العراقيين إلى ان ارادة الحشد ستكون ارادة الدولة". واضاف ان "الحشد الشعبي انطلق من رحم الشعب وبفتوى المرجعية الدينية العليا في وقت لم يكن لدينا معسكر، وانما وقع الدفاع بأسلحة المواطنين".
من جهته، اشار الناطق باسم هيئة الحشد الشعبي احمد الاسدي الى ان جميع المكونات كانت حاضرة في التصويت على قانون الحشد الشعبي، ولا يمكن ربط القضايا السياسية بقانون وتضحيات وانتصارات الحشد، كما اراد نائب الرئيس العراقي اسامة النجيفي خلال مؤتمره الصحافي امس. واوضح انه بعد اقرار القانون سيتم توفير مستلزمات التسليح للحشد الشعبي بشكل اوسع.
ونوّه الاسدي بأن قانون الحشد اخذ في الاعتبار بأن مسك الارض وتوزيع القطعات بعد داعش بأمرة القائد العام للقوات المسلحة حصرًا.
والحشد الشعبي قوات شبه عسكرية مدعومة من الحكومة، وتضم حوالى 140 الف مسلح، ضمن 67 فصيلاً، وقد تشكل بعد فتوى الجهاد الكفائي التي اصدرها المرجع الشيعي الاعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني في يونيو عام 2014 إثر سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل الشمالية، وتمدده الى محافظات ديالى وكركوك والانبار وصلاح الدين، وتهديده بمهاجمة مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لدى الشيعة.
وقد تكونت نواة الحشد من المتطوعين الذين استجابوا لفتوى الجهاد الكفائي، وهم بغالبهم من الشيعة، وانضم اليهم لاحقًا مقاتلون من العشائر السنية من المناطق التي سيطرت عليها داعش في محافظات وصلاح الدين ونينوى الانبار، كما إنخرط في صفوف الحشد آلاف أخرى من مختلف الأديان والقوميات، مثل التركمان والمسيحيين والايزيديين.
موقف سني رافض لدكتاتورية الغالبية
عقب الموافقة على قانون الحشد الشعبي، فقد اكدت القوى السنية ان الحشد الشعبي بعد موافقة البرلمان على قانونه قد تحول الى تشكيل عسكري أمني برعاية حكومية ليكون شبيهًا بالحرس الثوري الايراني، خاصة مع المخاوف الداخلية والخارجية، ومن بينها المنظمات الحقوقية الدولية من امكانية اندلاع أعمال عنف طائفية إذا سيطرت قوات الحشد على مناطق يسكنها السنة في شمال وغرب العراق.
كما رفضت القوى السنية القانون لعدم تضمينه منح نسبة 40 من عدد منتسبيه الى المكون السني وعدم القبول بتسليم أمن المناطق المحررة من قبضة داعش إلى أهالي تلك المناطق.. اضافة الى عدم تضمينه آلية لمحاسبة المسيئين من مقاتلي الحشد بسبب الانتهاكات التي ارتكبوها في الفترة الماضية ضد ابناء المناطق السنية التي تحررت من قبضة تنظيم داعش.
لذلك فقد رفض ممثلو القوى السنية تسلم مسودة مشروع التسوية التاريخية التي اعدها التحالف الشيعي من ممثلية الامم المتحدة في العراق. وجاء قرار الرفض هذا عقب اجتماع لهؤلاء الممثلين في منزل نائب رئيس الجمهورية زعيم ائتلاف متحدون لهذه القوى اسامة النجيفي، والذي شدد على رفض مكونات وكتل تحالف القوى السنية لوثيقة التسوية السياسية جملة وتفصيلا.
وقال في مؤتمر صحافي: "ظهرت في الاونة الاخيرة نزعة واضحة في اقرار القوانين والقرارات المهمة لشؤون الدولة من قبل كتلة نيابية لها الغالبية (التحالف الشيعي) ولكن هذا لا يعطيها الحق في ان تقرر مصير كل البلد لوجود مكونات اساسية لها حقوق ومصالح بمشاركة الجميع". وشدد على ان القوى السنية "لن تناقش مشروع التسوية ابدًا من دون اعادة النظر بمبدأ الشراكة والمواطنة وحقوق الجميع".
واشار الى ان التصويت على قانون الحشد شكل "اخلالًا بالتوازن في المؤسسات الامنية ومحاولة لخلق اجهزة موازية للقوات المسلحة تشبها بدول أخرى (إيران)، وهذا يضعف الدولة العراقية، ويضعف الامل في بناء عراق موحد مستقر في قادم الايام".
وحذر النجيفي قائلاً إن "الديمقراطية تعني ضمان حقوق الجميع، وإن المكون السني من المكونات الكبيرة، وليس أقلية، ويجب أن يتم أخذ رأيه إذا كان هناك احترام للمكونات".. داعيًا التحالف الشيعي إلى "العودة الى التوافق في القضايا الإستراتيجية". واضاف أنه "في حال أرادوا التصرف بإرادة الغالبية فلنقرأ على العراق السلام".. مؤكدا أن "هذا الأمر مرفوض، لأن العراق لكل العراقيين وأي محاولة لطائفة أو مكون أو مجموعة للسيطرة عليه ستبوء بالفشل".
نص قانون الحشد الشعبي
وقد حصلت "إيلاف" على نص قانون هيئة الحشد الشعبي، الذي صوّت عليه مجلس النواب في جلسته التي عقدت امس السبت، والتي قاطعتها القوى السنية.
وفي ما يلي نص القانون:
باسـم الشعـب
رئاسة الجمهورية
بناء على ما أقره مجلس النواب وصادق عليه رئيس الجمهورية واستناداً الى أحكام البند (أولاً) من المادة (61) والبند (ثالثاً) من المادة (73) من الدستور …
صدر القانون الآتي:
رقـــم ( ) لسنـــــة ( 2015 )
قانون (الحماية القانونية للحشد الشعبي)
المادة ( 1 ): تعتبر فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي بموجب هذا القانون كيانات قانونية تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات باعتبارها قوة رديفة ومساندة للقوات الأمنية العراقية، ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها، ما دام لا يشكل ذلك تهديداً للأمن الوطني العراقي.
المادة ( 2 ): تحدد العناوين والمسميات للتشكيلات التي تندرج تحت مسمى فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي المشار إليهما في المادة (1 ) أعلاه، وتقرر من قبل لجنة الأمن والدفاع النيابية وبالتنسيق مع مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية على ضوء توافر الإجراءات التي يتطلبها ذلك.
المادة ( 3 ): تمارس فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي مهامها وأنشطتها العسكرية والأمنية بطلب وإيعاز من القائد العام للقوات المسلحة العراقية وبالتنسيق معه ابتداء واستمراراً عند وجود تهديدات أمنية تستدعي تدخلها الميداني لردع تلك التهديدات واجتثاثها.
المادة ( 4 ): تخول فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي بموجب هذا القانون حق استخدام القوة اللازمة والقيام بكل ما يلزم لردع التهديدات الأمنية والإرهابية التي يتعرض لها العراق وكذلك لتحرير المدن من الجماعات الإرهابية وحفظ أمنها والقضاء على تلك الجماعات الإرهابية، وعلى كل من يتعاون معها وتحت أي مسمى كان.
المادة ( 5 ): تلتزم الحكومة العراقية ومجلس النواب بتهيئة مستلزمات واحتياجات فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي العسكرية وغيرها مما يتطلبه قيامها بأنشطتها الأمنية والعسكرية في حال وقوع التهديد الأمني للعراق أو ما يتطلبه بقاؤها في حالة الجهوزية التامة لردع تلك التهديدات.
المادة ( 6 ): يتمتع أفراد ومنتسبو فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي وضحايا الأعمال العسكرية منهم – الشهداء والجرحى والمفقودون – بذات الراتب والحقوق التقاعدية والامتيازات التي يتمتع بها أقرانهم من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية.
المادة ( 7 ): تحتسب لأغراض الخدمة الوظيفية والترفيع والتقاعد الفترة الزمنية الجهادية التي يقضيها أفراد فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي في مواجهة التهديدات الإرهابية حال تعيينهم في وظيفة أخرى ضمن الملاك الرسمي للدولة.
المادة ( 8 ): يلتزم مكتب القائد العام للقوات المسلحة ووزارة الصحة كل حسب اختصاصه بمسك سجلات مركزية في بغداد تثبت الوقائع المتعلقة بالخدمة الجهادية وبشهداء وجرحى ومفقودي مناطق العمليات الأمنية في المحافظات والمتعلقة بأفراد فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي.
المادة ( 9 ): تعتبر السجلات المركزية المشار إليها في المادة ( 7 ) أعلاه مرجعية قانونية إدارية للقيود المطلوبة في إنجاز المعاملات المتعلقة بتثبيت وإقرار حقوق منتسبي وشهداء وجرحى ومفقودي فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي ولكل ما يرتبط بإثبات صحة صدور الوثائق المتعلقة بذلك.
المادة ( 10 ): لمجلس الوزراء إصدار التعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون.
المادة ( 11 ): ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعد نافذاً من تاريخ (10 يونيو 2014م).
الأسباب الموجبة:
لغرض توفير الحماية القانونية لفصائل وتشكيلات الحشد الشعبي التي توفر الغطاء والجواز الشرعي لتدخلهم العسكري وإضفاء للمشروعية على ما يصدر من أفرادهم أثناء الاشتباك مع العدو في المناطق القتالية ولتنظيم أعمالهم وجعلها تحت نظر الحكومة العراقية وللحيلولة دون السماح باستهدافهم عاجلاً أو آجلاً بذرائع مختلفة ولتأمين أوضاعهم المالية وحقوقهم… شرع هذا القانون. (إنتهى).
وبموجب هذا القانون الذي صوّت عليه 208 نواب من مجموع النواب، البالغ عددهم 328 عضوًا، فيما قاطعه 53 آخرون ينتمون الى القوى السنية، يصبح الحشد الشعبي هيئة رسمية تحميها القوانين العراقية، وبذلك تتحول نشكيلاته المسلحة الى هيئة رسمية ينال المنتسبون إليها كامل الحقوق والامتيازات التي تتمتع بها القوات المسلحة في ظل رفض من القوى السنية خوفًا من انتهاكات قد يقدم عليها الحشد بعد الحصانة القانونية التي حصل عليها.
التعليقات