إيلاف من لندن: شددت المنظمة الدولية في تقرير لها اليوم، اطلعت على نصه "إيلاف"، على ضرورة قيام السلطات العراقية بكبح جماح جميع القوات المشاركة في استعادة الفلوجة، إثر ورود تقارير بأن رجالاً وفتياناً فارين من صفوف الجماعة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم "الدولة الإسلامية" قد تعرضوا للتعذيب ولغيره من ضروب سوء المعاملة على أيدي الميليشيات المدعومة من الحكومة، وبأن ما لا يقل عن ثلاثة من هؤلاء قد فارقوا الحياة نتيجة للتعذيب. &

مخاطرة الفرار من فظاعات داعش

وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى ضحايا وصفوا التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء احتجازهم، وادعوا أنهم قد شهدوا حالات قتل بأم أعينهم. وتعليقاً على هذه المعاملة، قال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه "يتعين حماية المدنيين الذين يخاطرون بحياتهم للهرب من فظاعات "الدولة الإسلامية"، ومدّهم بالمساعدات الإنسانية التي يحتاجون إليها بصورة يائسة وعوضاً عن ذلك، يبدو أن البعض يواجهون تحدي الإخضاع للمزيد من الانتهاكات والهجمات الانتقامية".

وأبلغ موظفون رسميون محليون في محافظة الأنبار، حيث تقع الفلوجة، منظمة العفو الدولية أن 605 رجال وفتيان سُلموا، في 5 يونيو إلى مجلس المحافظة، وأن إصابات كانت قد لحقت بالعديد منهم، بينها كسور وكدمات ورضوض وجروح مفتوحة جراء التعرض للضرب. كما سُلمت ثلاث جثث، ويعتقد أن معتقلاً آخر توفي عقب نقله إلى عامرية الفلوجة. وكان المحتجزون من أبناء الصقلاوية، التي تبعد 9 كيلومترات شمال غرب الفلوجة، واحتجزوا كأسرى لعدة أيام لدى أفراد ينتمون إلى الميليشيات ذات الأغلبية الشيعية المدعومة من الحكومة، والمعروفة باسم "وحدات الحشد الشعبي".

شهادات لمحتجزين: شربنا بولنا

والتقت منظمة العفو الدولية عدة ناجين تحدثوا عن احتجازهم في قاعدة عسكرية في محافظة الأنبار تعرف باسم "مزرعة طارق" لنحو أربعة أيام، عقب فرارهم من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في الثاني من يونيو الحالي.

وأبلغ معتقل سابق في الأربعينيات من العمر المنظمة بالقول: "كانت المعاملة سيئة للغاية... لم نحصل على شيء نشربه أو نأكله... وشرب بعض الأشخاص بولهم. كان أربعة أو خمسة رجال يأتون إلى الغرفة ويضربون الموجودين بالعصي وبالأنابيب المعدنية. لا أعرف ما الذي حدث لأخي وابن أختي اللذين كانا محتجزين معي. لا أعرف ما إذا كانا بين الموتى أو ما زالا محتجزين في المزرعة أو نقلا إلى مكان آخر... وحتى أولئك الذين أخلي سبيلهم يعانون من الجروح والجفاف. وبعضهم فقد الوعي".

ووصف المعتقلون كيف حشروا في غرف صغيرة وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، ووجهت إليهم الإهانات بزعم دعمهم لتنظيم "الدولة الإسلامية" وركلوا وضربوا بأدوات مختلفة، بما في ذلك الخراطيم المطاطية والقضبان المعدنية.. وأكدوا إنهم حرموا كذلك من الطعام والماء والمرافق الصحية.

وادّعى عدة أشخاص منهم أن عدداً من المحتجزين فارق الحياة نتيجة الضرب، بما في ذلك بأدوات معدنية حادة على رؤوسهم.

مصادرة وثائق المحتجزين

ويحتجز من جرى القبض عليهم الآن في عامرية الفلوجة لمزيد من التدقيق الأمني في هوياتهم وللتحقيق معهم. وذكر عدة أشخاص منهم أن "وحدات الحشد الشعبي" قد صادرت وثائقهم الشخصية.

واشارت المنظمة إلى أنّه في 5 يونيو اعترف رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "العراقية"، بأن بعض المقاتلين المشاركين في معركة الفلوجة قد ارتكبوا "أخطاء"، وتعهد بعدم التساهل مع انتهاكات حقوق الإنسان.. فيما أعلن المتحدث باسمه لاحقاً عن إنشاء لجنة لحقوق الإنسان للتحقيق في الانتهاكات.

وقال فيليب لوثر: "إن الوعد بإجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان خطوة أولى نرحب بها؛ ولكن لا بد من اتخاذ خطوات أخرى لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات، وتقديم من يشتبه بمسؤوليتهم الجنائية إلى ساحة العدالة.
وأضاف انه "يتعين أن تتقيد أية إجراءات أمنية تتخذها القوات العراقية بأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما يتعين توفير الحماية لجميع الذين يحرمون من حريتهم من الاختفاء القسري والتعذيب وغيرهما من ضروب سوء المعاملة. وينبغي إحالة أولئك الذين يشتبه بصورة معقولة في أنهم قد ارتكبوا جرائم جنائية إلى السلطات القضائية على وجه السرعة، وتقديمهم إلى محاكمات عادلة تلبي مقتضيات المعايير الدولية. ويتعين الإفراج عن الآخرين".

دعوة لتحقيقات وافية ومحايدة ومستقلة

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى إجراء تحقيقات وافية ومحايدة ومستقلة في مزاعم التعذيب والقتل غير القانوني على أيدي "وحدات الحشد الشعبي"، بغرض تقديم المسؤولين عنها إلى ساحة العدالة في محاكمات عادلة.

واشارت إلى أنّه لحين استكمال التحقيقات وإجراءات المقاضاة، ينبغي إخراج جميع من يشتبه على نحو معقول في ارتكابهم الانتهاكات من صفوف الوحدات المقاتلة.. كما يتعين الكشف فوراً عن مصير من اختفوا وعن أماكن وجودهم.

وأضافت المنظمة أن ما يقدر بنحو 10,000 شخص قد تمكنوا من الفرار من الفلوجة، منذ بدء القوات العراقية هجومها العسكري لاستعادة المدينة من تنظيم "الدولة الإسلامية"، في 23 مايو وبصورة رئيسية من ضواحي المدينة، طبقاً لوكالات الأمم المتحدة.

وقالت انه يعتقد أن نحو 50,000 مدني ما زالوا محاصرين في المدينة وسط تقارير عن تعرضهم للقصف والموت جوعاً في المدينة. وأخبر مدنيون فروا من المدينة منظمة العفو الدولية أن مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" ما برحوا يمنعون المدنيين في وسط الفلوجة من المغادرة، وأنهم نقلوا بعض المدنيين بالقوة من أطراف المدينة إلى وسطها.

واشارت العفو الدولية في الختام إلى أنّ تقارير قد تحدثت عن عمليات قتل غير مشروعة ذهب ضحيتها 17 رجلاً وفتى من بلدة الكرمة، التي تبعد 20 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من الفلوجة، وهو أمر لا تزال منظمة العفو الدولية تحقق بشأنه.

رايتس ووتش تؤكد إعدام الشرطة والمليشيات 17 شخصًا

ومن جهتها، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة العراقية إلى اجراء تحقيق بالتقارير التي تؤكد وقوع انتهاكات من قبل قواتها ضد المدنيين، خلال عملية استعادة السيطرة على مدينة الفلوجة، وقال جو ستروك نائب مدير المنظمة في الشرق الاوسط، "على الحكومة العراقية السيطرة ومحاسبة قواتها اذا كانت تأمل أن تدعي أن الجانب الاخلاقي هو الاسمى في محاربتها ضد تنظيم الدولة الاسلامية".

وأضاف: "حان الوقت للسلطات العراقية للكشف عن المذنبين من القوات الامنية الذين يقفون وراء الانتهاكات المتكررة".

وأجرت المنظمة الحقوقية سلسلة من اللقاءات تثبت ادعاءات قيام عناصر من الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي اعدام نحو 17 شخصًا من الفارين من منطقة السجر شمال شرق الفلوجة. وارفقت المنظمة تقارير تشير إلى أنّ بعض المدنيين تعرضوا إلى الطعن حتى الموت وان آخرين سحلوا بعد ربطهم بالسيارات في منطقة الصقلاوية شمال غرب الفلوجة.

واعربت المنظمة عن قلقها حيال التقارير التي تشير إلى قيام تنظيم الدولة الاسلامية بمنع المدنيين من الخروج من المناطق التي يسيطر عليها من خلال اعدام وقتل الذين يحاولون الفرار.

وكان المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني قد دعا الجمعة الماضي المقاتلين في محافظة الأنبار إلى عدم التعرض للمدنيين، وانما صيانة ارواحهم، مُحرمًا التعرض لهم ولأموالهم وإلى اعراضهم، وكذلك ايذاء عائلات المقاتلين مع تنظيم داعش، وأكد على أهمية حماية النفس الانسانية وحرمة دمها وحياتها.&