باريس: اتاحت زيارتا الرئيسين الايراني حسن روحاني والكوبي راوول كاسترو لفرنسا بدء تطبيع علاقاتها مع الدولتين "المنبوذتين" سابقا على الساحة الدولية، لكن قضية حقوق الانسان في البلدين لم تغب عن اذهان الرأي العام والمسؤولين.

والواقع ان فصلا جديدا فتح مع البلدين تجلى في تشريفات عسكرية تخللت قبل بضعة ايام استقبال الرئيس روحاني، تبعه عبور الرئيس الكوبي جادة الشانزيليزيه بمواكبة الحرس الجمهوري. ورغم ان العقوبات الاقتصادية التي فرضت على الدولتين لم ترفع كليا بعد فان فرنسا تسعى الى استباق الامر وانتهاز الفرصة، متقدمة على الولايات المتحدة.

وتامل باريس خصوصا بالافادة من العلاقة المميزة مع هافانا وطهران. وقد حرص روحاني على التذكير بتعلقه بفرنسا في اشارة الى مرحلة نوف لو شاتو، المنطقة الباريسية التي شكلت اواخر السبعينات مركز لجوء اية الله الخميني والقريبين منه، وبينهم الرئيس الايراني.

ويوضح تييري كوفيل المتخصص في شؤون ايران في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ان ثمة صلة اخرى، "فايران الحديثة بنيت عبر ارسال عدد كبير من الطلاب الى فرنسا".

اما مع كوبا، ف"اليسار الفرنسي ابدى على الدوام حدا ادنى من التعاطف"، على ما يقول المحلل السياسي فيليب برو مذكرا بان "قسما كبيرا من الكوادر الاشتراكية زار كوبا بين 1980 واليوم". حتى ان هولاند، الرئيس الاشتراكي الثاني في الجمهورية الخامسة، توجه في ايار/مايو 2015 الى هافانا حيث التقى فيدل كاسترو.

ويرى باسكال بونيفاس مدير ايريس انه في ما يتجاوز العزم على احياء تقليد اشتراكي، فان الهدف يتمثل خصوصا في "الافادة من الانفتاح" على شريك فاعل في اميركا اللاتينية.

ورغم ان الزيارتين اتاحتا توقيع عقود، وخصوصا مع ايران، فانهما لم تسلما من الانتقادات على صعيد حقوق الانسان.

ففي 28 كانون الثاني/يناير، وغداة وصول الرئيس الايراني، وقع 65 نائبا فرنسيا عريضة تدعو هولاند الى "اظهار الحزم والاصرار في مواجهة حسن روحاني".

وردا على ذلك، ذكر الرئيس الفرنسي ب"تمسك فرنسا بحقوق الانسان" في كل مكان وحتى في ايران التي تقول منظمة العفو الدولية انها اعدمت اكبر عدد من القاصرين في العالم، فيما تصفها مراسلون بلا حدود بانها "احد اكبر خمسة سجون للصحافيين في العالم".

لكن تييري كولفيل يلفت الى موقف انتقائي لدى البرلمانيين، "فلو كان هؤلاء السياسيون يبدون اهتماما فعليا بحقوق الانسان، لانتقدوا ايضا السعودية" التي باعتها باريس اسلحة اضافة الى قطر ومصر.

ويعتبر فيليب برو ان قضية حقوق الانسان تشكل قيمة مضافة في العلاقات الدبلوماسية، موضحا انه "عندما يتطرق فرنسوا هولاند الى المسائل الدولية، فانه يخاطب ايضا الراي العام الداخلي. فالعبارات عن حقوق الانسان موجهة الى الداخل".

ويضيف "الجميع يعلمون بان المرء مضطر ايضا الى اقامة علاقات مع دول منبوذة الى حد ما".

كذلك، اثارت زيارة الرئيس الكوبي تحذيرات. وفي هذا السياق، ذكرت منظمة مراسلون بلا حدود هولاند بسجن الصحافيين الكوبيين، في استعادة لمقال عنوانه "قول الحقيقة"، حمل العام 2003 توقيع من كان يومها الامين العام الاول للحزب الاشتراكي ولم يوفر نظام كاسترو "الديكتاتوري" من الانتقاد.

ويرى باسكال بونيفاس ان "هناك عملية بطيئة ولكن حقيقية لارساء الديموقراطية في كوبا، ويعتقد هولاند انه ينبغي مواكبه البلد في هذا الوقت بالذات".

من جهته، يقول فرنسوا هيسبور مدير مؤسسة الابحاث الاستراتيجية "ثمة ما يدعو للتذكير بحقوق الانسان، ولكن ينبغي عدم خلط الامور"، لكنه يتدارك "لدينا صورة البلد (المدافع) عن حقوق الانسان ما يمنحنا مشروعية للتفاوض على الافراج عن سجناء".