طالما سعى العالم، ولا يزال، إلى اجتراح ابتكارات جديدة لإنتاج الطاقة المتجدّدة، لا سيما في ضوء المخاطر والسلبيات التي باتت تهيمن على مجمل الطرق التقليدية، وفي هذا الإطار، تستعد ألمانيا لإجراء تجربة نووية تحاكي طريقة عمل الشمس بهدف الوصول عبرها إلى إنتاج طاقة نظيفة وآمنة.&

إعداد عبد الإله مجيد: يستعد علماء في المانيا لاجراء تجربة اندماج نووي يأملون بأن تسهم في تقدم البحث عن مصدر طاقة نظيف وآمن. &
&
وستجرى هذه التجربة بحقن كمية ضئيلة من الهيدروجين في جهاز خاص، ثم تسخينها الى ان تصبح غازا بحرارة فائقة، يُسمى بلازما، وبذلك محاكاة الظروف الموجودة داخل الشمس.&
&
وتُجرى التجربة في معهد ماكس بلانك، شمال شرق المانيا، في اطار مجهود عالمي لتطويع الاندماج النووي الذي يحدث عندما تتلاحم الذرات في درجات حرارة فائقة، محررةً كميات كبيرة من الطاقة. &
&
ومن المتوقع ان تحضر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تحمل شهادة دكتوراه بالفيزياء، التجربة التي ستُجرى يوم الأربعاء ضمن دائراتها الانتخابية في منطقة غرايفزفالد. &
&
تحرير الطاقة
&
ويقر دعاة الاندماج النووي بأن التكنولوجيا القادرة على تحرير الطاقة بكميات مجدية اقتصاديا ما زالت تبعد عشرات السنين ولكنهم يقولون ان الطاقة التي تتوفر بهذه الطريقة يمكن ان تحل محل الوقود الاحفوري والمفاعلات النووية التقليدية التي تعمل بانشطار الذرة.&
&
وكان العمل بدأ في جنوب فرنسا على بناء مفاعل بحثي دولي هائل اسمه "ايتر" ITER يستخدم تيارا كهربائيا قويا لحصر غاز البلازما (اليهولي) في جهاز على شكل حلقة طويل بما فيه الكفاية لاحداث الاندماج النووي. وكان الفيزيائيون السوفيات أول من تحدث عن فكرة الجهاز المعروف باسم "توكاماك" في الخمسينات، ويعتبر بناؤه سهلا، لكن تشغيله في غاية الصعوبة. &
&
ولكن الفريق الالماني في معهد ماكس بلانك يركز على استخدام تكنولوجيا منافسة اخترعها الفيزيائي الاميركي لايمان سبيتزر عام 1950. ولهذا الجهاز الذي يُسمى "ستيلاريتر" شكل حلقي مماثل لشكل توكاماك، ولكنه يستخدم منظومة معقدة من الملفات المغناطيسية لتحقيق النتيجة نفسها.&
&
ونقلت صحيفة الغارديان عن رئيس فريق العلماء توماس كلنغر قوله ان الجهاز "ستيلاريتر" أهدأ بكثير، وان بناءه اصعب بكثير، لكن تشغيله أسهل. &
&
مشروع واعد
&
وبدأ تشغيل الجهاز الالماني "فيندلشتاين 7 - اكس" الذي كلف بناؤه 400 مليون يورو في كانون الأول (ديسمبر) الماضي باستخدام غاز الهليوم، لأن عملية تسخينه اسهل من الهيدروجين.&
&
وقال استاذ الفيزياء في جامعة ويسكونسن الاميركية ديفيد اندرسن ان المشروع الالماني يبدو واعدا. واشار الى ان النتائج التي تحققت في بداية تشغيل الجهاز كانت نتائج طيبة لا سيما وان العملية عملية صعبة وشاقة عادة. &
&
ويقول المعارضون ان السعي الى تحقيق الاندماج النووي هدر لأموال يمكن ان تُنفق على مشاريع اخرى، ولكن المانيا مضت قدما بتمويل المشروع الذي كلف خلال السنوات العشرين الماضية 1.06 مليار يورو.&
&
وقال الفيزيائي جون جيلونك من معهد كارلزروهة الالماني للتكنولوجيا ان الجهاز سيختبر خلال السنوات المقبلة العديد من الظروف الاستثنائية التي ستخضع لها مثل هذه الأجهزة إذا أُريد لها ان تنتج طاقة ذات يوم.&
&
وكانت مساهمة فريق جيلونك في المشروع تهدف إلى توفير احد مكونات الجهاز الأساسية، وهي سلسلة من افران المايكرويف التي تحوّل الهيدروجين الى حالة البلازما، عبر وصول الحرارة في النهاية الى 100 مليون درجة مئوية. &
&
وفي حين ان الانشطار النووي ينتج كميات كبيرة من المواد المشعة التي تبقى آلاف السنين، فإن مخلفات الاندماج النووي ستكون كمية مهملة، كما لاحظ الفيزيائي جيلونك.&
&
وقال جيلونك إن الاندماج النووي "مصدر نظيف جدا للطاقة، بل أنظف ما يمكن ان يتمناه المرء، ونحن لا نفعل هذا من أجلنا، وانما من اجل أطفالنا واحفادنا".&

&