أعلن النائب العراقي مشعان الجبوري في سابقة هي الاولى من نوعها، تنازله عن حصانته البرلمانية فاسحًا المجال للتحقيق معه في اتهامات فساد وجهها لمسؤولين كبار قال انه يتوقع ان يتم استدعاؤهم للتحقيق خلال الساعات المقبلة.


أسامة مهدي: قال النائب المستقل مشعان الجبوري، "خرجت الان من هيئة النزاهة بعد ان ادليت بأقوالي مخبراً بقضايا فساد ضد مسؤولين كبار واتوقع اصدار مذكرات استدعاء بحقهم خلال الساعات المقبلة، كما تنازلت عن حصانتي طواعية ووافقت على التحقيق معي في كل ما قلته سابقاً عبر وسائل الاعلام وسميت الاشياء بمسمياتها"، كما كتب على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي اليوم وتابعته "إيلاف"، في اشارة الى تصريحاته الاخيرة التي اثارت ضجة داخلية حين اكد أن جميع المسؤولين العراقيين فاسدون، وانه واحد من بينهم.

واشار الى انه التقى حسن الياسري رئيس هيئة النزاهة بحضور نائبه القاضي عزت توفيق، "واتفقنا أن نتعاون في متابعة ملفات الفساد وتقديم المتورطين الى القضاء مهما علا شأنهم ورفعت مناصبهم ويهمني هنا ان اؤكد ان الرجل ليس عضواً في أي حزب وإن كان نائباً في البرلمان عن دولة القانون وشعرت انه حاسم وصادق ومستعد لإحالة السراق والفاسدين الى القضاء إن توفرت المستمسكات والوقائع ولا يخشى في ذلك لومة لائم ".

التبليغ عن فساد مسؤولين كبار

واوضح الجبوري انه قد تعهد للياسري ان يكون عوناً وداعماً ويقدم كل ما عنده "من معلومات ووثائق عن الفساد الذي نخر جسد الدولة العراقية".

واضاف ان رئيس هيئة النزاهة قام بتكليف محققين يدونون اقواله في الشكاوى والاخباريات ضد من اتهمهم بالفساد، مؤكدًا بالقول "وفعلا تم تدوين اقوالي في وقائع فساد ضد السيد نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك تتعلق بملف النازحين والاستيلاء على رصيف السكر في ام قصر، كما دونت اقوالي مخبراً ومشتكياً في ملف استيلاء رجل الاعمال سرجل قزاز ومن بعده ولده احمد على الاسواق الحرة واراضٍ في مطار بغداد دون دفع مستحقات الدولة التي تتجاوز مئة مليون دولار بدعم وتسهيل من وزير النقل باقر صولاغ وسجلت ايضاً اخبارية عن واقعة فساد في وزارة الزراعة تتعلق باستيراد السماد من قطر وتورط نائب سابق بها، ويمكنني ان اؤكد ان الساعات المقبلة ستشهد احالة وزراء ومسؤولين كبار الى القضاء".

واشار الجبوري وهو عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب انه قد تنازل رسمياً عن الحصانة القانونية التي يتمتع بها مع الموافقة على التحقيق معه في جميع ما ادلى به عبر وسائل الاعلام عن ملفات فساد مالي في دوائر ومؤسسات الدولة.

ويوم امس تم الاعلان في بغداد عن احالة ثلاثة مسؤولين كبار الى القضاء بتهم تضخُّـمِ الأموالِ والكسبِ غيرِ المشروعِ، وهم: وزير العدل حيدر الزاملي ووزير الموارد المائية محسن الشمري ونائب رئيس الوزراء السابق روز نوري شاويس، وذلك اربعة ايام من إحالةَ نائبي رئيس الوزراء السابقين بهاء الأعرجيِّ وصالح المطلك ومدير مكتب نوري المالكي رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة سابقًا فاروق الأعرجيِّ وأمين بغداد نعيم عبعوب إلى القضاءِ بتهم فساد وتضخُّـمِ أموالِهم.

الجبوري: جميع السياسيين العراقيين فاسدون

وكان الجبوري قال في مقابلة تلفزيونية اواخر الشهر الماضي إن جميع الطبقة السياسية في العراق فاسدة ولكل منا دوره في هذا الفساد، وعندما سُئل كيف ذلك؟ اجاب: نحن في البرلمان مثلاً عندما تكون هناك ملفات فساد يجب علينا فتحها يأتي صاحب الملف فيدفع رشوة مغرية فلا يتم المضي بفتح ملف فساده.

وفيما اذا كان هو قد أخذ رشوة من هذا القبيل، قال: نعم والله وبشرفي أخذت رشوة بعدة ملايين من الدولارات لإغلاق ملف فساد لكنني أخذت الرشوة ولم اغلق الملف، ما دعا صاحبه الى شتمي بأقذع الكلمات.

وشدد النائب الجبوري بالقول.. الجميع فاسدون من لابس العقال الى لابس العمامة الى الافندي أي صاحب البدلة الرسمية.

وأضاف: اعضاء البرلمان والحكومة كلهم فاسدون وغير الفاسد جبان لا يستطيع الحديث عن الفساد أو كشفه، أو هو سعيد بالامتيازات الضخمة التي يحصل عليها من السيارات المصفحة والحراسات والهيبة، التي تفتح له ابواب جميع الحواجز الامنية ليمر عبرها.

وفيما اذا كان يعتقد أن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق حاليًا هي المسؤولة عن خراب البلاد، اجاب الجبوري: نعم كل الطبقة السياسية هي دمار العراق.. واذا كان هناك جائع في الشارع وطفل ينام دون طعام وشخص يموت بسبب عدم وجود أو عدم القدرة على الحصول على الدواء، فالسبب هي الطبقة السياسية الموجودة في المنطقة الخضراء المحمية وسط بغداد والطبقة السياسية الاخرى التي تدير المحافظات.
&
نائب مثير للجدل

ومشعان الجبوري سياسي عراقي سني مثير للجدل، كان مقيمًا في سوريا ثم عاد إلى العراق، وقد هرب من العراق خلال الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) واستقر في سوريا معارضًا لنظام صدام حسين.

وعاد مجددًا إلى العراق بعد تغيير النظام عام 2003 ليعين حاكمًا للموصل لفترة وجيزة، كما قام بتأسيس قناة فضائية بإسم الزوراء، ثم لجأ مجددًا إلى سوريا بعد اتهامه بالتعاون مع مجموعات معادية للدولة فأنشأ فيها قناة الرأي، التي كانت تدعم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي غير أن السلطات السورية قامت بإغلاق القناة فعاد مجددًا إلى العراق بعد أن تم العفو عنه وبعدها قام بفتح قناة الشعب.

وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد استبعدته من الترشيح للانتخابات النيابية لعام 2014 عازية ذلك إلى "اساءته للكرد"، وهو مخالف لنظام الدعاية الانتخابية بعد ترشحه ضمن ائتلاف العربية الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك، وتمت اعادته للانتخابات بقرار قضائي آخر، ولكنه لم يحصل على مقعد نيابي لأنه حلّ بالمركز الثالث لكنه بعدها بأشهر تمكن من الحصول على مقعد في مجلس النواب بسبب صعود النائب أحمد عبد الله الجبوري إلى الحكومة كوزير، حيث ادى مشعان الجبوري اليمين نائبًا برلمانيًا في ايلول (سبتمبر) عام 2014.

وكانت منظمة الشفافية الدولية قد اشارت الشهر الماضي الى أن العراق قد احتل المرتبة السادسة ضمن الدول العشر الاكثر فسادًا في العالم لعام 2015، وجاء في المركز 161 ضمن 167 دولة شملها تقرير لها.
&