شدّد رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري ضياء الاسدي على ضرورة أن تكون حكومة التكنوقراط التي يجب أن يشكلها العبادي "مستقلة"، وعدّ ترشيح الكتل السياسية وزراء لحكومة العبادي المقبلة عودة لما اُختلف عليه.

محمد الغزي: قال رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري ضياء الاسدي ان دعوة مقتدى الصدر للتظاهر تمثل استكمالاً لمشروع الإصلاح الذي اطلقه الصدر نفسه وإدامة للزخم الجماهيري المُطالب بالاصلاح، مشيراً الى ان تواجد الصدر في بغداد يرجع لاعتقاده بخطورة المرحلة.
&
وأكد الاسدي، الذي يرأس أيضا كتلة الاحرار في البرلمان، انه ما لم ننقذ العراق في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة فسنكون شركاء في الاجهاز على آخر أمل للعراقيين، مشددًا على ان التيار الصدري يريد للعبادي ان يكون هو من يشكل حكومة تكنوقراط وفق مقترحات الصدر عبر فريق خبراء أشاد بكفاءته، نافيًا ان تكون مبادرة الصدر انقلاباً على العملية السياسية.
&
وهنا نص الحوار&
&
لماذا يسارع التيار الصدري للانضمام للمتظاهرين في الشارع واليوم مقتدى الصدر في ساحة التحرير كعلامة فارقة؟
&
ألم يقل الشركاء أننا تيار فتيّ، ولديه ديناميكية ولديه حضور في الشارع ولديه روح ثورية ووطنية فمن احق بالمبادرة منا، نحن اخذنا على عاتقنا ان تكون المبادرة صدرية، وندعو الاخوة الآخرين الى التكاتف معنا فالقضية هي في الأصل قضية وطن، وخروج مقتدى الصدر وخلفه جماهير التيار الصدري في التظاهرة اعلان صريح يؤكد وجوب أن يكون الموقف موحدًا تجاه الفساد بصرف النظر عن الانتماءات والتوجهات. دعوة الصدر العراقيين الى تظاهرة مليونية في ساحة التحرير ضد الفساد والاستئثار بالسلطة انما مثلت استكمالاً لبيان الاصلاح الذي أطلقه قبل أيام وللمشروع الاصلاحي الذي قدمه قبل حوالى عشرة أيام.
&
هل تعتقد انه بالإمكان انقاذ العراق من خلال تشكيل حكومة جديدة بشرط ان تكون مستقلة وتكنوقراط؟
&
الحكومة هي بمثابة ماكينة الدولة بشرط ان تتزود بالمعدات الأساسية وليس بضمنها التوجهات الحزبية او الفئوية او الطائفية او الايديولوجية، ووزارات الدولة ومؤسساتها هي بمثابة ماكينات أيضا، وهذه الماكينات يجب ان يديرها خبراء ومشرفون يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والحرفية وبامكانهم ان يعيدوا العراق الى الجادة الصحيحة بوصفه بلداً كان من افضل بلدان الشرق الأوسط في ستينات وسبعينات القرن الماضي.
&
في الستينات كان العراق على مستوى الصحة والتعليم والبحث العلمي وعلى مستويات الصناعة والزراعة والبيئة والخدمات وحتى في مجال حقوق الانسان من افضل البلدان في الشرق الأوسط، بل تفوق على بعض الدول الاوروبية في حينها.
&
اليوم للأسف لا يستحق ان يكون في هذا المستوى المتدني، ومن المؤسف جدا ان تصنف بغداد كأسوأ مدينة للعيش في العالم وجواز السفر العراقي يصنف كاسوأ جواز سفر وحاملوه يعاملون بصورة سيئة في مطارات العالم، كل هذا التدني وهذا التداعي في حقيقة الامر سببه أداء الحكومات ومؤسسات الدولة على امتداد الفترة الماضية.
&
ما لم نستطع ان ننقذ العراق في هذه المرحلة الحساسة والحرجة والخطيرة، فاعتقد اننا سنكون شركاء في الاجهاز على آخر أمل للعراق والعراقيين، واليوم مقتدى الصدر يتواجد بنفسه في بغداد لانه يعتقد ان المرحلة خطيرة جدا تتطلب منا جميعا التضحية والمبادرة.
&
هل تعتقد انه بإمكان العبادي تشكيل حكومة تكنوقراط .. وخلال المدة التي اقترحها السيد الصدر .. أم ستكون حكومة تدوير لأسماء بعينها؟
&
نحن في التيار الصدري نريد للعبادي ان يكون هو من يشكل الحكومة ولكن وفق المقترحات التي قدمها الصدر وفي مقدمة هذه المقترحات ان تكون هناك لجنة من الخبراء ومن التكنوقراط المستقلين، واعتقد بأهميتهم وتنوعهم وانفتاحهم، يتولون وضع معايير الاختيار كأن يكون ثلاث او أربع او عشر شخصيات لكل حقيبة وزارية وهذا يتيح للعبادي حرية الاختيار، ولكن الشركاء السياسيين الآخرين يريدون ان يقدموا هم من يعتقدون انهم تكنوقراط &للعبادي ونحن نقول انه طالما الشركاء السياسيون والكتل السياسية الأخرى تريد ان تشرف ثانية على تسمية المرشحين فهذا يعني عودتنا الى ما كنا عليه ولن يختلف حينها الامر، لان هذه الأسماء ستكون من انتاج الكتل السياسية وحتما ستخضع لتأثير هذه الكتل ما يعني المجئ بكابينة محاصصة ثانية.
&
ما نريده للعبادي ان يأتي بكابينة وزارية مستقلة تماماً حتى نتمكن من محاسبته، اليوم من يريد ان يحاسب العبادي سيجد امامه جواباً مفاده "ان هذه الحكومة انتم شكلتموها فحاسبوا أنفسكم !، وان شئتم ان تحاسبوني فدعوني اشكل حكومة مستقلة لا تقدمونها انتم".
&
هل هذا يعني تأكيدًا من قبلكم ان الكتل السياسية عطلت الدور الرقابي نتيجة لهاثها وراء وزارات الحكومة؟
&
دفاع الكتل السياسية عن وزرائها في الحكومة أفقدنا كقوى سياسية وكتل برلمانية فرصة المساءلة والمحاسبة ومراقبة الحكومة فعلياً.
&
ويمكن القول بشكل اكثر صراحة ان السبب الرئيسي لغياب المحاسبة هو أن الكتل السياسية تقف وراء الفاسدين وتدافع عنهم، ويمكن اعتبار ان تظاهرة الجمعة صرخة بوجه جميع الكتل السياسية من أجل ان لا تحمي الفاسدين ومن أجل ان تحيلهم الى القضاء والمحاكم.
&
بلا شك ان الكتل السياسية عندما تحاول أن تغطي على الفساد فهي شريكة فيه، نعم هناك دعوات للمحاسبة وملفات كثيرة احيلت للقضاء لكن مبدأ التوافق وتقاسم المغانم بين الفرقاء السياسيين جعل المفسدين ينجحون في الافلات من المحاسبة.
&
ثمة من يقول ان مبادراتكم هذه انما يخاطب فيها الجمهور، فيما لديكم اتفاقات أخرى مع الشركاء خاصة في التحالف الوطني في الغرف الموصدة؟
&
ليس لدينا غرف موصدة ولا دهاليز، فالتيار الصدري يُؤشَر اليه في بعض الأحيان بأن ليس لديه مواربات وتحفظات، ثمة من يقول انه لفرط صراحة التيار الصدري فانه لا يتمتع بالرؤية السياسية ولا بالحنكة السياسية.
&
التيار الصدري واضح وصريح ولا يضمر عكس ما يُظهر، وعلى الدوام فان ما نقوله هو ما نفعله وما نفكر فيه حتى في الاروقة الخاصة وفي الدوائر الضيقة المغلقة.
&
هناك من ينتقد أداء التيار الصدري بانه يدخل في الحكومة ومن ثم يكون اول المنتقدين لها وهذا ما حصل مع حكومة المالكي ويتكرر اليوم؟
&
في ما يتعلق بحكومة المالكي نحن كنا داعمين لها وكانت هناك نقاط التقاء بيننا في مقدمها انهاء الاحتلال والتعاطي مع ملفات معينة بشكل ينسجم مع برامجنا السياسية، وعندما لم تلتزم الحكومة بما كان لدينا من اتفاقات ورؤى، كانت هناك مشاكل بسبب إدارة الحكومة ، كانت ثمة مشاكل مع كردستان ومع دول الإقليم سواء كانت تركيا او الدول العربية، قلنا ان هذا سيضر بمصالح العراق والعملية السياسية المترنحة أصلا ، وحاولنا تصحيح المسار ولم نفلح ولم تكن هناك وسيلة أخرى غير تغيير المالكي .
&
اليوم في حكومة العبادي ومنذ البداية، قلنا سراً وعلانية نحن داعمون للسيد العبادي، والتظاهرات ليست ضده على العكس تماما، بل هي توضيح للعبادي وللشركاء السياسيين اننا مع الإصلاحات، إن كان العبادي سيقوم بالإصلاحات فهو سيحظى بدعم التيار الصدري ومقتدى الصدر وجماهيره، وإن كان غير قادر على القيام بالإصلاحات سنقول له ان هذه الجماهير ومعها جماهير التيار الصدري هي المساندة لك واذا اردت ان تخطو خطوة جريئة وان تُقدم على عمل قد يثير حفيظة الشركاء السياسين فالتيار الصدري سيساعدك عن طريق الضغط الجماهيري وعن طريق ما يمتلكه من قاعدة جماهيرية ووجود في السلطة التشريعية، انها عملية دعم لجهد العبادي من اجل الإصلاح.
&
الا تخشون ان يفهم الشركاء ان ذلك انقلاباً على العملية السياسية التي بنيت على أساس توافقات؟
&
ليس ثمة انقلاب على العملية السياسية، ولو اردنا ان ننقلب على العملية لسكتنا كثيراً عن الأخطاء ولتركنا الشركاء السياسيين الآخرين وهم يقومون بتقويض العملية السياسية وإفشالها.
&
بالتالي التظاهرات اليوم، وقبلها المبادرة ليست موجهة ضد العملية السياسية ولا موجهة ضد العبادي، بل ان ما نقوم به هو ادامة للزخم الجماهيري الذي يطالب بحقوقه وهذه علامة مهمة من علامات التعافي، فالديمقراطية لا يمكن ان تكون معافاة ان لم يكن فيها وعي جماهيري يشعر بأهمية ان يعيش الانسان حياة كريمة، ولا يجب ان نقمع هذا الوعي بل يجب أن ننميه، ولا يتم ذلك إلا بالتضامن والمشاركة معه.
&
هل يكون التيار الصدري اول من يتخلى عن المناصب في الحكومة المقبلة؟
&
انا لم اسمع يوما لا من سماحة السيد مقتدى الصدر ولا من أي زميل لي في الهيئة السياسية او في البرلمان من التيار الصدري انهم يؤثرون انفسهم على أي عراقي آخر بدعوى ان العراقي الآخر ينتمي الى طائفة أخرى او قومية أخرى، بل على العكس تماماً ، نجد في بعض الأحيان ان أبناء التيار الصدري يجرى التشديد على ان يكون حالهم حال بقية أبناء العراق، ونحن لا نريد ان نستأثر لا بسلطة العراق ولا بحكومة العراق ولا بخيرات العراق.
&
&بل سنتخلى عن كل ذلك لمصلحة العراق. و نحن نقول هذا عملنا الذي نقدمه امام العراقيين فمن كان منا متورطاً باي عمل غير قانوني او خارج معايير العمل الصحيح، فقدموه الى القضاء ولن تجدوا منا من سيحول دونه ودون القضاء و لن نتستر على احد او نقف داعمين او مساندين لاي موقف خاطئ، وسرعان ما نتراجع عن الخطأ ونعترف بذلك.
&
وهذا كله كان واضحا على الصعيد المحلي وعلى الصعيد الدولي، العالم كله شهد تجميدًا لسرايا السلام ومحاسبة لهم ولطرد عناصر من السرايا حينما أساؤوا التصرف ، العالم كله شهد ان هناك محاسبة لسياسيين في التيار الصدري، وبشكل مباشر من مقتدى الصدر او من قبل الهيئة السياسية، بل ان هناك محاسبة حتى لرجال الدين وقد نكون التيار الوحيد الذي لديه لجان نزاهة ورقابة لتتبع أداء ونزاهة التابعين له والعاملين معه.
&
هل تمكن الصدر من القضاء على الفساد المالي داخل التيار الصدري، وهل وجود الدائرة الاقتصادية في التيار يمكن ان يتسبب بتكرار عمليات الفساد التي حصلت؟
&
أولا لا بد من معرفة ان القضاء على الفساد مسألة غاية في الصعوبة بل ومستحيلة، الفساد موجود ومستشرٍ في كل دول العالم وحتى في اكثر الأنظمة استقرارا وشفافية في العالم، في دول اوربية عديدة هناك فساد في اميركا و في السويد و الدنمارك، وليس هناك دولة بمنأى عن الفساد ، بل حتى في الأماكن المقدسة، وسمِّ ما شئت من الإمكان المقدسة في العالم حيث تظهر فيها بين الحين والآخر قضية فساد.
&
فالفساد قضية متأصلة في السلوك الإنساني ولا يمكن القضاء عليها نهائيا، ولكن هل يرضى مقتدى الصدر بالفساد؟ بالتأكيد لا. لا هو يرضى ولا الهيئة السياسية، ولكن هل يقفون مكتوفي الايدي، بالتأكيد لا .. وسنتابع ملفات الفساد حتى النهاية.
&
ومثلما لا نقبل ان يكون بيننا في التيار الصدري فاسد او مفسد، فاننا لا نقبل ان يكون في الدولة فاسد او مفسد ولا نقبل ان تتحول مهمة الدولة من حماية المواطنين الى حماية المفسدين، وهذا ما نحاول ان نعمله وما نريد لحيدر العبادي ان يقوم به.
&
هل هناك خريطة طريق لتحقيق ذلك؟
&
هناك معايير لو اتبعت تتحول فيها حكومات الدول من حكومات فاشلة الى حكومات ناجحة ومن ضمنها الحوكمة اوالحكومة الرشيدة وتصحيح النظم الدستورية والنظام السياسي وأنظمة المراقبة وتطبيق أنظمة الشفافية.
&
وفي ابجديات العمل السياسي ثمة مؤشرات إن لم نجدها واضحة في عمل الدول فان الامر يعتبر بمثابة ايذان بان الدولة باتت دولة فاشلة واشارة واضحة الى&ان الشركاء السياسيين متواطئون على استمرار هذا الفشل.
&
ولكن هناك من يرى ان ما حصل من انهيار في الدولة انما هو فشل حزب حاكم؟
&
فشل الدولة لا يعني فشل الحزب الذي يحكم الدولة فحسب، بل فشل كل الجهات السياسية التي ترتبط بالعمل السياسي وهذا ما دفع السيد مقتدى الصدر بوصفه يرعى ليس فقط كتلة الاحرار بل الشعب العراقي الى ان لا يقف مكتوف الايدي وهو يلمس و يرى كل المؤشرات السلبية التي للأسف في مقدمها مؤشرات فساد واضحة تماما ولا يتقدم الشركاء السياسيون خطوة الى الامام من اجل محاربة الفساد وإعادة الأمور الى نصابها الصحيح فأطلق مبادرته الأخيرة وطلب من الشركاء ان يسهموا في إنجاح مبادرته لانها ليست باسمه بل باسم العراق.
&
&

&