بعد أيام على دعوته دول المغرب العربي إلى بعث الروح من جديد في الاتحاد المغربي، والتي لم تلقَ ما كان يتوخاه، جدد الرئيس الجزائري دعمه جبهة البوليساريو التي تطالب بالانفصال عن المملكة المغربية، مؤكدًا على حق الصحراويين بتقرير المصير.
&
الجزائر: جدد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة دعمه جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إحياء المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، بهدف التوصل إلى حل يقوم على حق تقرير المصير للصحراء الغربية، وذلك بعد أيام من توجيهه دعوة إلى قادة اتحاد المغرب العربي، ومنهم الملك محمد السادس لإعادة بعث المشروع المغاربي.
&
حق تقرير المصير
وقال بوتفليقة في رسالة وجّهها إلى الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز: "يطيب لي أن أتوجّه إليكم باسم الجزائر شعبًا وحكومة وأصالة عن نفسي، بأحر التهاني وأصدق تمنياتي بالتوفيق في بلوغ المبتغى المشروع لشعب الصحراء الغربية الشقيق المتمثل في ممارسة حقه في تقرير مصيره".
&
أضاف "أغتنم هذه السانحة التي تأتي عقب انعقاد ونجاح فعاليات المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو الذي تنطلق به مرحلة جديدة في التاريخ الحافل والمجيد لكفاح شعب الصحراء الغربية لأؤكد لكم حرص الجزائر على احترام مبدأ حق الشعوب في التحكم في مصيرها، وعلى الامتثال الدقيق لمرجعية الأمم المتحدة التي تحتكم إليها سائر البلدان والشعوب المستعمرة وكذا ترقية فضائل الحوار".
&
وأوضح بوتفليقة أن الجزائر "من حيث هي جارة لكلا طرفي النزاع، فإنها تستند إلى مسعى المجموعة الدولية، وخاصة مسعى منظمة الأمم المتحدة التي ما انفكت تدعو إلى حل يقوم على مبدأ تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية". وبحسب بوتفليقة، فإن هذا المسعى "يتساوى وموقف أفريقيا التي وضعت، من جانبها استكمال مسار تصفية الاستعمار على رأس أولويات منظمتها القارية منذ نشأتها".
&
وذكر الرئيس الجزائري أن "تسوية قضية الصحراء الغربية تقع على عاتق منظمة الأمم المتحدة". وقال إن بلاده "ستبذل، من جانبها، كل ما في وسعها من أجل تقديم دعمها وتأييدها لمقترح الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة الرامي إلى تحريك المفاوضات المباشرة بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو وللجهود التي يبذلها في سبيل تسوية عادلة ودائمة تضمن لشعب الصحراء الغربية الشقيق ممارسة حقه المكتسب في تقرير المصير".
&
حان الوقت
وأكد بوتفليقة أن "هذا السبيل سيفتح آفاقًا جديدة وأكثر وعدًا بالسلم والتنمية في منطقة المغرب الكبير وأفريقيا كلها". وكلف بوتفليقة وزير المجاهدين الطيب زيتوني الذي شارك بالداخلة بمخيمات اللاجئين الصحراويين في الإحتفالات المخلدة للذكرى الـ 40 لإعلان "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" تسليم رسالة خطية إلى "أخيه وصديقه رئيس الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز".
&
وقال زيتوني إن "هذه الدولة العربية لها مؤيدون عالميون في كل القارات والإنتصارات المحققة تباعًا هي جزء لا يتجزأ من الثورة ومن الحرب الديبلوماسية التي هي أعظم من السلاح". وبحسب زيتوني، فإن جبهة البوليساريو كانت منضبطة وملتزمة بكل قرارات الأمم المتحدة بتوقيف القتال و"حان الوقت لأن تتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها".
&
من جانبه، قال محمد عبد العزيز في خطاب ألقاه بمناسبة هذه الذكرى "في مثل هذا اليوم العظيم نستحضر بكل تقدير واعتزاز مواقف الأشقاء والأصدقاء والحلفاء في العالم مع كفاح شعبنا ودعمهم لخياراته المشروعة، وفي مقدمة هؤلاء نتوجه بتحية الإجلال والعرفان إلى الجزائر الشقيقة بقيادة الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة شعبًا وحكومة".
&
وأشار محمد عبد العزيز إلى أن الجزائر "لم تتردد في اتخاذ موقفها المشرف المنسجم مع مبادئ ثورة نوفمبر المجيدة وميثاق وقرارات الأمم المتحدة، وتبنت القضية الصحراوية بكل شفافية ووضوح، مثلما تبنت القضية الفلسطينية وكل قضايا التحرير في العالم". وكان الرئيس بوتفليقة قد وجّه في 17 شباط/فبراير الجاري دعوة إلى رؤساء دول اتحاد المغرب العربي للعمل المشترك لبعث هذا التكتل.
&
وأكد بوتفليقة في رسالة بعث بها إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس "حرص الجزائر العميق وعزمها الراسخ على العمل مع سائر شقيقاتها في المنطقة في سبيل الحفاظ على مكتسبات هذا الإنجاز التاريخي، والسعي الجاد من أجل تطوير مؤسساته وهياكله، وإعادة النظر بعمق في منظومته التشريعية ومنهجية عمله ضمن إستراتيجية مغاربية منسجمة ومندمجة من شأنها أن تجسم هذا المشروع الحضاري".
&
لا تناقض
ويعتبر الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الأمة (مجلس الشيوخ) إبراهيم بولحية أن رسالتي بوتفليقة لم تخرجا عن المبادئ الثابتة للجزائر ولا تحملان أي تناقض بخصوص التمسك بالوحدة المغاربية ودعم جبهة البوليساريو. وقال بولحية لـ"إيلاف" إن "رسالة بوتفليقة هي الموقف الأصيل والثابت للجزائر، وهناك فرق بين بناء اتحاد المغرب العربي وتحرير الشعب الصحراوي، وهو ما اتفق عليه في اتفاقية اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير 1989".
&
وأضاف بولحية "أنا شخصيًا كنت ضمن وفد برلماني استقبل في 1990 من طرف الملك الراحل الحسن الثاني في قصر الصخيرات، والحسن الثاني أكد لنا أن قضية الصحراء الغربية تبقى خارج بناء اتحاد المغرب العربي، وتتكفل بها الأمم المتحدة، وهذا ما قبل به المغرب، واتفقت عليه الدول المغاربة في قمة زرالدة في الجزائر". وذكر بولحية أن "موقف الجزائر ثابت منذ انسحاب الاحتلال الإسباني من الصحراء الغربية".&
&
بان كي مون في المنطقة
أكدت منظمة الأمم المتحدة أن أمينها العام بان كي مون سيقوم بزيارة للمنطقة في شهر آذار/مارس المقبل. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم بان كي مون "بعد زيارتين مرتقبتين في الأول من مارس إلى إسبانيا، والثالث من مارس إلى بوركينا فاسو، سيشرع بان كي مون في الرابع من مارس في جولة إلى المنطقة، سيستهلها بزيارة إلى نواكشوط، حيث سيلتقي بالمسؤولين في الحكومة الموريتانية، كما سيلقي خطابًا حول الأمن في الساحل".
&
وأشار دوجاريك إلى أن بان كي مون سيتوجه بعدها إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف في جنوب الجزائر، حيث سيجري محادثات مع الأمين العام لجبهة البوليساريو. كما سيلتقي بان كي مون في تندوف الفريق الأممي العامل هناك، وسيزور مجموعة "مينورسو" المنتشرة ببئر لحلو في الصحراء الغربية.&
&
وأفاد دوجاريك أن بان كي مون سيتوجه يومي السادس والسابع من مارس/آذار إلى الجزائر، حيث سيجري محادثات مع كبار المسؤولين. وكان كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية قد قام في الأسبوع الماضي بجولة مغاربيةـ شملت الجزائر والمغرب ومخميات اللاجئين الصحراويين.
&
وبخصوص الزيارة المنتظرة للأمم المتحدة، اعتبر بولحية أن الأمم المتحدة "مقصرة" في حماية الشعب الصحراوي وتمكينه من تقرير مصيره، وكان عليها الالتزام بقراراتها مثلما فعلت في قضية تيمور الشرقية. وأعرب عن أمله في أن تنفذ الأمم المتحدة قراراتها حتى يتم احترامها من قبل جميع دول العالم.
&