مع تأزم الأوضاع بين لبنان والسعودية، نتيجة الصراع الإقليمي، أين يقف المسيحيون اللبنانيون من المحاور في المنطقة، من يؤيدون، وهل ينأون بأنفسهم عن الصراع القائم في المنطقة؟.

&
ريما زهار من بيروت: في ظل تأزم الأوضاع بين السعودية ولبنان، يطرح السؤال عن موقف مسيحيي لبنان من الصراع السعودي الإيراني، وأي محور يؤيدون، هل محور تيار المستقبل المؤيد للسعودية؟ أم حزب الله المؤيد لإيران؟.
&
يعتبر النائب طوني أبو خاطر (القوات اللبنانية) في حديثه لـ"إيلاف" أن المسيحيين في لبنان، في كل الأوقات وكل الأزمنة، كانوا مع العرب عندما كان هؤلاء متفقين، وينأون بنفسهم&عن الخلافات، وفي هذه المرحلة على المسيحيين أن يكونوا عربًا، والعروبة ليست مرتبطة بدين، بل هي حضارة، والمفروض ألا ينزع المسيحيون عنهم ثوبهم الأصلي، أي العروبة، ويتضامنون في كل الظروف مع إخوانهم العرب.
&
توحيد الموقف المسيحي
ولدى سؤاله كيف يساهم التفاهم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على توحيد موقف المسيحيين في لبنان من المحاور الموجودة إقليميًا اليوم؟، يؤكد أبو خاطر أن هذا التفاهم فتح الباب أمام أمور عدة، فالبعض يعتبر أن هذا التفاهم فقط في مسألة رئاسة الجمهورية، التي تبقى من ضمن تفاصيله فقط، ويهدف إلى توحيد الصف المسيحي، الذي من خلاله يستطيع المسيحيون إيجاد صيغة للتقارب الإسلامي الإسلامي والوطني أيضًا ما بين المسيحيين والمسلمين.
&
وردًا على سؤال: "مع اعتبار تيار المستقبل حليفًا للقوات اللبنانية من ضمن 14 آذار، هل يجعل القوات اللبنانية أكثر قربًا اليوم إلى محور السعودية؟"،
يجيب أبو خاطر أن "تاريخ القوات اللبنانية كان دائمًا قريبًا من السعودية، مع وجود التحالف مع تيار المستقبل، أو عدم وجوده، والأكيد أن تيار المستقبل لديه صلة قربى مع السعودية ممتازة، ولكن للقوات اللبنانية إحترامها للمملكة العربية السعودية، نتيجة موقفها الثابت والوطني".
&
عدم الانخراط
وردًا على سؤال "هل يملك المسيحيون في لبنان اليوم إمكانية عدم الإنخراط في الصراع المحتدم إقليميًا؟"، يجيب أبو خاطر "المفروض على المسيحيين ألا ينخرطوا في الصراع الإقليمي، وأن ينأوا بأنفسهم، وأن يقفوا موقف عروبة مع الحق، ولا إمكانية لدى المسيحيين في لبنان من الإنخراط في الصراع الإقليمي، فنحن رأينا كيف أن غضب السعودية على لبنان قد قلب الأمور فيه رأسًا على عقب، ووضع المسيحيين حساس جدًا، نتيجة تركيبتنا الطائفية والمذهبية والثقافية والإنتماءات والإصطفافات الخارجية، من هنا الأفضل أن ينأى المسيحيون بأنفسهم عن صراعات المنطقة، والالتزام بالقضايا العربية، على رأسها القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى، فالقوات اللبنانيّة بعدما قامت بزيارات إلى غزة هي تؤيد القضايا العربية.
&
الخيارات المتاحة
ما هي الخيارات المتاحة في ظل الصراع الإقليمي، هل المسيحيون أمام خيار الهجرة مجددًا أم الحياد أم المطالبة بالفدرالية؟
يؤكد أبو خاطر أنه من المبكر الحديث اليوم عن تلك الطروحات، فالفدرالية لها حسناتها وسيئاتها الكثيرة، ونحن كمسيحيين إذا كنا نعي مصلحتنا علينا أن نلتزم باتفاق الطائف، حيث إن اللامركزية الإدارية لم تطبق كما يجب، وإذا طبقت تزول الهواجس، عندها لا نتكلم عن فدرالية أو كونفدرالية.
&
النأي بالنفس
جيلبير سلهب مؤيد للتيار الوطني الحر، يرى بضرورة أن ينأى المسيحيون في لبنان عن دائرة الصراع السعودي الإيراني في المنطقة، خصوصًا أن التفاهم الأخير بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر أوجد نقطة إلتقاء بين الفريقين حتى يتحدا من أجل الصمود في وجه المحاور القائمة في المنطقة إقليميًا.
&
ويعتبر أنه من واجب المسيحيين في لبنان لعب دور الوسيط في ما خص الصراع السعودي الإيراني، فمنذ القدم عُرف عن المسيحيين في المنطقة التزامهم النأي بالنفس عن الصراعات المذهبية، خصوصًا الصراع السني الشيعي، الذي بدأ يأخذ مداه في المنطقة، ويشير إلى أن التفاهم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، الذي بدأ بإعلان النوايا بين الطرفين، ومن ثم بترشيح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لرئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون، يجب أن يشكل بالنسبة إلى المسيحيين في لبنان، نواة من أجل استمرارهم في عملية النأي بالنفس عن مختلف الصراعات المذهبية في المنطقة.
&
حلفاء ولكن
ويعتبر سلهب أنه رغم اعتبار حزب الله كحليف للتيار الوطني الحر فهذا لا يعني أن يدخل المسيحيون ضمن المحور الإيراني.&
&
أما هل يملك المسيحيون في لبنان إمكانية عدم الإنحراط في الصراع المحتوم بين السعودية وإيران، وبالتالي محليًا بين المستقبل وحزب الله، فيرى سلهب أن المسيحيين في لبنان كانوا دائمًا من دعاة الحرية والتغيير، ورغم أن كل فريق مسلم في لبنان يحاول أن يجذب حليفه المسيحي إليه، غير أن المسيحيين عليهم مسؤولية عدم الإنخراط في أي تحالف، وأن يبقوا الصوت المعتدل بين فريقي المحور الإيراني والسعودي، وأن يتنبهوا إلى دورهم الرائد في المنطقة حتى لا يصبحوا كمسيحيي الشرق الأوسط، حيث هجروا من بلدانهم بعدما أصبحوا أقلية مضطهدة في الشرق الأوسط.
&
كما يرى حتمية امتلاك المسيحيين في لبنان خيار عدم الإنخراط في الصراع المحتوم بين السعودية وإيران، خصوصًا إذا استطاعوا المحافظة على وحدتهم، من خلال عدم الإنجرار إلى الأهواء الإقليمية، التي قد تجر بلبنان إلى المزيد من الإنقسام والتشرذم.
&
الهجرة أو الفدرالية؟
عن الخيارات المتاحة للمسيحيين في ظل الصراع السعودي الإيراني، يؤكد سلهب أن هناك خيارات عدة، تتمثل أولًا في الخيار الصعب، أي الهجرة أو الحياد أو المطالبة بالفيدرالية، ويبدو الخيار الأخير بالنسبة إليه مستحيلًا، لكون المناطق اللبنانيّة متداخلة في ما بينها، وهناك تعايش منذ قيام دولة لبنان بين المسيحيين والمسلمين، وهذا ما يميّز لبنان عن سائر الدول المحيطة به.
&
رغم ذلك لا ينفي أن خيار الفدرالية مطروح منذ فترة رغم صعوبة تحقيقه، ويأمل ألا يواجه مسيحيو لبنان مصير الهجرة مجددًا، ويصبحوا كمسيحيي العراق مشتتين في أصقاع العالم.
&