الرياض: يظهر شريط على موقع "يوتيوب" طفلين سعوديين مختلفي المذهب، يدفعان مكتبيهما الدراسيين ويحولانهما الى طاولة مشتركة يجلسان اليهما باسمين، لكنهما يفترقان بعد تحذير اساتذة لهما من "الشر" الذي يمثله الآخر، قبل ان يعودا الى التلاقي بعد نصيحة عائلتيهما.
الشريط نشره مركز الملك عبدالله للحوار الوطني، ضمن حملته على مواقع التواصل الاجتماعي لمواجهة الدعاية الجهادية المتطرفة.
خلال الفترة الماضية، واجهت السعودية التي تطبق الشريعة الاسلامية بشكل صارم، اتهامات من سياسيين غربيين بالمسؤولية عن تغذية التطرف الديني، لا سيما في اعقاب هجمات لتنظيم الدولة الاسلامية في دول غربية عدة. ونفت المملكة هذه الاتهامات، مؤكدة انها تعمل على محاربة التطرف سياسيا واعلاميا وحتى عسكريا، من خلال مشاركتها في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم.
ويقول المتخصص الاعلامي في المركز حبيب الشمري لوكالة فرانس برس "التحدي الاكبر هو سبل منافسة افكار داعش" الذي يسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وتبنى خلال الاشهر الماضية هجمات في السعودية استهدفت الاقلية الشيعية وقوات الامن.
وكثف مركز الملك عبدالله جهوده وحملاته لمواجهة الدعاية الجهادية التي تعتمد بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، والاشرطة المصورة المشغولة بدقة عالية، والتي غالبا ما تصور عملياته العسكرية او الاعدامات التي ينفذها بطريقة وحشية.
ويقول مدير قسم الاعلام الجديد في المركز علي الشهري ان مركز الملك عبدالله يحاول "وقف هذا النوع من الدعاية" من خلاله حملاته عبر مواقع التواصل.
ويضيف "نعمل جاهدين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنشر رسالتنا، لاقناع الناس"، مشيرا الى ان معدل مشاهدة الاشرطة المصورة على "يوتيوب" بشكل عام في السعودية، هو الاعلى في العالم نسبة الى عدد السكان.
آخر الحملات التي نظمها المركز كانت مسابقة شارك فيها 128 شريطا مصورا، بلغت جوائزها المالية 150 الف ريال (40 الف دولار اميركي) وزعت على افضل خمسة اشرطة تروج للوحدة الوطنية والتسامح، وتحمل رسائل ضد التطرف. وكان من شروط المسابقة تحميل الاشرطة على "يوتيوب".
وحاز المركز الاول شريط بعنوان "المعاني المفقودة" مدته ثلاث دقائق، تسلم الجائزة خلال احتفال اقيم الشهر الماضي. وتضمن الشريط لقطات تحول الانقسام الى فرح: فمشهد لمسلح على وشك قتل رجل مقيد اليدين، يتحول الى مشهد للرجلين يتبادلان الضحكات. وفي الشريط نفسه، زميلان في العمل يكسران حاجز الشك بينهما، ويشربان القهوة معا.
واضافة الى استراتيجيته عبر مواقع التواصل، يعمل المركز على جمع سنة وشيعة في المملكة، في اطار لقاءات وورش عمل لتعزيز الفهم المشترك من خلال التفاعل.
ويمثل الشيعة ما يناهز عشرة بالمئة من سكان المملكة، ويشكون مرارا من التهميش. وشهدت المنطقة الشرقية في السعودية حيث تتركز الاقلية الشيعة، احتجاجات في الاعوام الماضية، تحولت في بعض الاحيان الى اعمال عنف. وازداد التوتر في هذه المنطقة منذ مطلع السنة الجارية، بعد اعدام الرياض الشيخ الشيعي المعارض نمر النمر، الذي كان احد ابرز وجوه هذه الاحتجاجات.
قانون ضد خطاب الكراهية&
ويقول الشهري ان المركز يحاول "حماية وطننا" من خلال جهود للحد من الخطاب المذهبي والتنافر الحاد الذي ادى الى مضاعفات كارثية في دول مختلطة بالمنطقة مثل العراق.
ويشير الى ان كثيرين في السعودية شككوا بفعالية المركز لدى تأسيسه قبل 13 عاما. فعلى سبيل المثال، امتنع العديد من رجال الدين السنة عن حضور ندوات للمركز، معللين ذلك برفضهم الجلوس الى جانب اقرانهم من الشيعة، او آخرين من "الليبراليين".
ويضيف الشهري ضاحكا، ان احد الائمة وسم المركز بـ "الشر" لجمعه اشخاصا من المذهبين في المكان نفسه، الا انه عدل عن رأيه في وقت لاحق وانضم الى الاجتماعات.
وفي حين ترحب بعض المنظمات غير الحكومية بالجهود التي يبذلها المركز، الا انها تشير الى ضرورة القيام بالمزيد لمواجهة "خطاب الكراهية".
ويقول جعفر الشايب، راعي "منتدى الثلاثاء الثقافي" ومقره القطيف في المنطقة الشرقية، ان المملكة تحتاج الى "سياسة حكومية واضحة" للتماسك الاجتماعي، اضافة الى قانون ضد خطاب الكراهية الذي يرى انه "يتزايد في المجتمع".
ويوضح انه على رغم اصدار الحكومة توجيهات اكثر وضوحا لائمة المساجد تنهى عن اي خطابات ذات منحى مذهبي، الا ان التجاوب لم يكن شاملا.
ويضيف "الناس لا يزالون يتحدثون عن العشيرة، المنطقة، المذهب، بدلا من التحدث عن... الوطن".
من جهته، يرى ابراهيم المقيطيب، رئيس جمعية "حقوق الانسان اولا" ومقرها القطيف، ان السلطات السعودية لم تتجاوب مع الطلبات المتكررة لسن تشريعات ضد خطاب الكراهية، لاسيما عبر موقع "تويتر" المستخدم على نطاق واسع في السعودية.
ويقول لفرانس برس "نحن في حاجة الى قانون يقول للناس انهم جميعا سواسية".&
التعليقات