يثير الاعتداء "الانتحاري" بسيارة مفخخة في أنقرة الأحد، وهو الثاني خلال شهر، المخاوف من امتداد النزاع الكردي الدامي إلى المدن التركية المهددة بهجمات "جهادية"، خاصة بعدما أنهكت عمليات التطهير السياسية جهازها الأمني.&
أنقرة: اسفر اعتداء الاحد عن مقتل 35 شخصًا واصابة اكثر من 120 شخصًا آخرين، عندما صدمت سيارة محشوة بالمتفجرات موقفًا للحافلات في ساحة كيزيلاي الاكثر اكتظاظًا في العاصمة غير بعيد عن مقر البرلمان وعدد من الوزارات.
غياب&أي&تبنّ للعملية
لم تعلن أي منظمة مسؤوليتها عن الهجوم بعد، لكن الرئيس رجب طيب اردوغان ورئيس الوزراء احمد داود اوغلو اكدا انها تحمل بصمات حزب العمال الكردستاني المحظور.
واعلنت وزارة الداخلية التركية أن منفذة الاعتداء هي طالبة قريبة من الحزب الذي يخوض منذ 1984 تمردًا، أسفر عن مقتل 40 الف شخص، وانها تدربت لدى وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا.
وبعد ثلاثة اسابيع من هجوم مماثل، تبنته مجموعة "صقور الحرية"، المنشقة عن حزب العمال الكردستاني، يشكل اعتداء الاحد تصعيدًا منذ استئناف المواجهات بين الجيش والمتمردين الاكراد.
تحول تكتيكي
وقال أوستو ايهو من مركز "جينز" للدراسات العسكرية "في حال تأكدت مسؤوليته (...) سيشكل هذا الهجوم تحولًا مهمًا في تكتيك حزب العمال الكردستاني، الذي لم يكن حتى الآن يضرب سوى اهداف عسكرية".
ومنذ تموز/يوليو، استؤنفت المعارك الدامية بين القوات التركية والمتمردين الاكراد مع انهيار الهدنة ومحادثات السلام التي بدأت نهاية 2012. واضافة الى الهجمات التي تستهدف الجيش والشرطة، طوّر حزب العمال الكردستاني اسلوب المواجهة، عبر الدعوة في عدد من المدن في جنوب شرق البلاد ذات الغالبية الكردية، الى "العصيان" على خطى "اشقائه" الاكراد في سوريا في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية.
لكن السلطات التركية قمعت هذا التحدي بعمليات عسكرية قاسية خلفت خسائر جسيمة وضحايا بين المدنيين. وقال جان اجون المحلل في "المؤسسة التركية للابحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا) ان "+العصيان+ لم ينجح. ويبدو ان حزب العمال الكردستاني اختار اللجوء الى اعمال مدوية لإشاعة الفوضى".
جنون خاسر
وفي مقابلة مع صحيفة "تايمز" البريطانية نشرت الثلاثاء، حذر زعيم حزب العمال الكردستاني جميل بايك تركيا من انتقام المتمردين بسبب عملياتها العسكرية في جنوب شرق البلاد.
وقال في المقابلة، التي جرت قبل ايام قليلة في شمال العراق، "الاتراك ينهبون ويحرقون كل شيء في المدن الكردية التي تخضع لحظر التجول. ولذلك فإن شعبنا تملؤه مشاعر الانتقام، ويدعو الميليشيات إلى الانتقام له. هذه حقبة جديدة في نضال الشعب. المعارك ستنتشر في كل مكان".
ويرى المحللون ان هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر. ويقول ماكس ابرامز من جامعة "نورث ستريم يونيفرسيتي" في بوسطن "سيكون استهداف المدنيين ضربًا من الجنون (...) هذا لن يؤدي سوى الى تغليظ يد اردوغان ضد الاكراد، وسيجعلهم يخسرون التأييد الدولي لقضيتهم".
وساهم اردوغان في حصول حزب العدالة والتنمية على الغالبية المطلقة في انتخابات الاول من تشرين الثاني/نوفمبر من خلال التوعد "بالقضاء" على حزب العمال الكردستاني وبتقديم نفسه بوصفه حصنًا ضد "الفوضى".
المطلوب تغيير السياسات
لكن بعد اربعة اشهر كانت نتيجته الامنية متفاوتة، فاضافة الى امتداد النزاع الكردي، لا تزال تركيا تحت التهديد الدائم "للجهاديين". ومنذ حزيران/يونيو نسبت السلطات اربعة اعتداءات إلى تنظيم الدولة الاسلامية، بينها الاعتداء الذي خلف 103 قتلى وسط انقرة.
وتتهم المعارضة الحكومة وسياستها ازاء الجارة سوريا والممالئة للمقاتلين المعارضين للنظام السوري الاكثر تشددا، والمعادية للمقاتلين الاكراد السوريين الذين يواجهون تنظيم الدولة الاسلامية.
وكتب سميح ايديز في النسخة الانكليزية لصحيفة "حرييت" أن "على الحكومة اليوم اكثر من أي وقت مضى ان تغيّر اولوياتها من اجل تعزيز الامن في تركيا، وليس ان تهدده".
وقال الرئيس اردوغان الاثنين "لن ينتصر الارهابيون"، لكنّ المحللين يشككون في كفاءة اجهزة الامن، التي ذهبت بقياداتها عمليات التطهير التي استهدفت المقربين من الداعية فتح الله غولن.
وقال ايكان اردمير من "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيين" إن "هذا النقص في الخبرة يمكن ان يعتبر سبب فشل اجهزة الامن والاستخبارات التركية (...) فهم على ما يبدو يقومون بمراقبة وقمع خصوم النظام اكثر من قيامهم بمحاربة الارهاب".
التعليقات