لاهاي: يستعد الناخبون الهولنديون للتصويت الاربعاء على اتفاق شراكة بين الاتحاد الاوروبي واوكرانيا، في استفتاء دعت اليه مجموعات من المشككين بجدوى البناء الاوروبي، وهو يعتبر تصويتا على الاتحاد في حد ذاته.

وبعد حملة هادئة، تبقى غالبية الناخبين الهولنديين في حيرة حول القضايا المطروحة من خلال هذا الاستفتاء الثاني في البلاد، منذ استفتاء عام 2005 على الدستور الاوروبي، فاز فيه الرافضون بفارق كبير. 

وسيكون التصويت، وفقا للمراقبين، اكثر متابعة في اوكرانيا، حيث اطيح الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش عام 2013 بعدما رفض توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي. وهذا الاتفاق المعمول به منذ كانون الثاني/يناير، يهدف الى تعزيز الحوار السياسي والتبادل الاقتصادي والتجاري بين الاتحاد الأوروبي واوكرانيا. 

وترى كييف ان هذا الاتفاق يشكل "حقبة جديدة" بالنسبة اليها، في حين تعتبره موسكو تعديا من الاوروبيين على منطقة نفوذها. وهولندا هي اخر بلد اوروبي لم يبرم الاتفاق الذي وافق عليه مجلسا النواب والشيوخ.

تصويت رمزي 
وكانت الجمعيات المشككة بجدوى الاتحاد الاوروبي، التي جمعت اكثر من 300 الف توقيع للدعوة الى هذا التصويت عملا بقانون جديد يسمح للهولنديين بابداء رأيهم في شأن القرارات التشريعية، اقرت في الاسبوع الماضي بان هذا الاستفتاء لا يتعلق فعليا باوكرانيا، بل يهدف في الواقع الى ترويج سياسة معاداة للاتحاد الاوروبي، ومنح المواطنين امكانية ابداء رأيهم ازاء ما يحدث في الاتحاد.

وقال احد المنظمين بارت نيمان من مجموعة "غين بيل" لوكالة فرانس برس "نعتقد ان الوقت حان لكي يدق احد ما ناقوس الخطر من اجل الديموقراطية". واضاف ان "الاتحاد الاوروبي يريد الكثير وبشكل سريع جدا". وتؤكد المجموعة ان الاتفاق بين الاتحاد الاوروبي واوكرانيا هو مثال اخر لاتحاد اوروبي بيروقراطي وتكنوقراطي فقد الصلات بمواطنيه. 

وقام الاوكرانيون بحملة في هولندا للدفع نحو التصويت بـ"نعم" على الاتفاق، لكن الهولنديين لا يزالون في حيرة. وقالت هانس، المحاسبة البالغة 49 عاما، لوكالة فرانس برس "اعرف ان هناك استفتاء، لكن لا اعرف اكثر من ذلك". 

هذا التصويت، الذي لن يكون صالحا الا بمشاركة تفوق 30 في المئة، ليس ملزما، وكررت لاهاي انها تنتظر نتائجه قبل اتخاذها قرارا في شأن كيفية المضي قدما. وابقت الحكومة الهولندية نفسها خارج هذا النقاش قدر الامكان، لكن نائب رئيس الوزراء لودفيك اسشيرا دعا الهولنديين إلى التصويت بـ"نعم" لهذا الاتفاق الذي سيكون في نظره مواتيا لاوكرانيا وهولندا على السواء. وشدد على ان هذا الاتفاق يتعلق بمستقبل اوكرانيا، لافتا الى ان "هناك وسائل اخرى للتعبير عن مشاعركم المعادية للاتحاد الاوروبي".

خروج هولندا؟ 
وإذا كان التصويت صالحا، وغالبية الاصوات فيه هي "لا"، فيرى المحللون ان الحكومة الهولندية ستكون في موقف حرج اذ تتولى هولندا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي حتى نهاية حزيران/ يونيو.

وفي وقت تشير استطلاعات الراي الى صعود حظوظ الاطراف المشككين بجدوى الاتحاد الاوروبي في الانتخابات البرلمانية عام 2017، سيحتاج الاتفاق بين اوكرانيا والاتحاد الاوروبي مجددا موافقة مجلسي النواب والشيوخ. 

وحذر رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر من ان الـ"لا" قد تمهد "لازمة اوروبية". وشدد توني فان در توغت الباحث في العلاقات الدولية في معهد "كليغندايل" في لاهاي "هذا الاتفاق هو حول الشراكة، لكنه كان يمكن ان يكون اي اتفاق اخر". 

واضاف "بالنسبة الى المنظمين، الامر يتعلق اكثر بمهاجمة الاتحاد الاوروبي، وقد يصوّتون في المستقبل على خروج هولندا من الاتحاد الاوروبي". وستصوّت بريطانيا في حزيران/يونيو للاختيار ما بين الخروج من الاتحاد او البقاء فيه. وبالنسبة الى فان در توغت، فان الاستفتاء الهولندي قد يشكل سابقة خطيرة في الاتحاد. واوضح "لن نعود قادرين على اتخاذ القرارات". 

اما هينك لوس، عامل البناء، فاعتبر ان الخيار واضح وسيكون "لا". وقال "من الجيد ان يكون هناك استفتاء، لان الناس سيستطيعون في نهاية المطاف ايصال صوتهم"، في وقت تتوقع استطلاعات الراي فوز معسكره.