كشفت دراسة نسائية أن مشاركة المرأة المصرية في الاقتصاد غير الرسمي تصل إلى 46.4 بالمائة، مشيرة إلى أن عمل النساء بدون أجر لدى الأسرة يرتفع إلى 62.7 بالمائة في الصعيد، و35.4 بالمائة في الوجه البحري.

القاهرة: قالت دراسة أعدتها مؤسسة المرأة الجديدة في مصر، إن العمل لدى الأسرة بدون أجر يعتبر الشكل الرئيسى لعمل النساء في الاقتصاد غير الرسمي في مصر، وقد ارتفع نصيبه من 29% في عام 1998إلى 46.4% فى عام 2012، أما بالنسبة للرجال فإن العمل لدى الأسرة بدون أجر يمثل نسبة متواضعة بلغت 13.2% فى عام 1998 وتراجعت لتقتصر على 7.4% فقط فى عام 2012.&

ووفقاً للدراسة الحديثة فإن عمل النساء يتركز لدى الأسرة بدون أجر فى الأقاليم وخاصة فى صعيد مصر، كما أنه يتركز على مستوى الأقاليم فى الريف مقابل الحضر، ولا سيما فى ريف الوجه القبلى. فيستأثر صعيد مصر بنحو 62.7% من تلك العمالة ، كما يستأثر الوجه البحرى بنحو 35.4%، مقابل 1.9% للقاهرة الكبرى والإسكندرية وإقليم القناة مجتمعين.

وأضافت الدراسة أن تركز ظاهرة عمل النساء لدى الأسرة بدون أجر في الأقاليم المصرية، يرجع إلى الافتقار لشبكة الطرق ووسائل الانتقال الآمنة التي يمكن استخدامها فى حال توافر وظائف بأجر في المجال الرسمي تتطلب الانتقال لمسافات طويلة نسبيًا، نظرًا لتركز وظائف القطاع الخاص الرسمي في المدن الكبرى في&مصر. ويضخم هذا الأثر القيود الاجتماعية المفروضة على حركة النساء فى ظل نظام القيم السائد.

وتابعت: "يضاف إلى هذه العوامل في ما يتعلق بالصعيد بوجه خاص ما تؤكده العديد من الدراسات الميدانية من استهجان فكرة خروج النساء للعمل بأجر، فى إطار منظومة القيم السائدة، إلا إذا تعلق الأمر بوظائف تحظى بالوجاهة الاجتماعية كما هي&الحال فى التحاق النساء المتعلمات بالعمل في وظائف حكومية أو مؤسسات كبيرة.. وفي ما عدا ذلك فإما العمل لدى الأسرة أو لا عمل".&

مجرد نفر!

وحسب الدراسة فإن السمات الغالبة للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر فى المجال غير الرسمى على النحو الآتي: نساء متزوجات، شابات وفى أواسط العمر، تغلب&عليهن الأمية، ويحمل بعضهن مؤهلات متوسطة أو تحت المتوسط، وينتمين لشريحة الفقراء والشريحة الدنيا للطبقة المتوسطة فى كل من الريف والحضر.&

ويمثل النشاط الزراعي المجال الرئيسي لعمل النساء فى السوق لدى الأسرة بدون أجر، نسبة تصل إلى 83.7%، تليه&بفارق كبير تجارة التجزئة (12.4%)، أما النشاط الصناعي فلا يستوعب إلا نحو 3.1% فقط من تلك العمالة، ويتمثل أساسًا في صناعة الخشب ومنتجاته، وصناعة الجلد ومنتجاته والملابس الجاهزة والمنتجات الغذائية. وفي ما عدا ذلك تتوزع عمالة النساء لدى الأسرة بنسب ضئيلة في كل من أنشطة خدمات الغذاء والمشروبات والأنشطة القانونية والمحاسبية والتعليم والأنشطة الإدارية.

وجاء في الدراسة: "تمارس النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر عملهن باعتبارهن (مجرد نفر) وليس كشريكات فى ملكية المشروع الأسري، فلا تتجاوز نسبة من يتطلب عملهن الإشراف على الآخرين 2.2% فى الحضر و 1.4% فى الريف، بل إنهن في واقع الأمر يمثلن البديل الذي&تستخدمه الأسرة توفيرًا لتكلفة عامل بأجر، أو عجزًا عن تحمل تلك التكلفة، أو للقيام بالعمل في&أرض الأسرة الزراعية التى تركها الإخوة الذكور للعمل فى وظيفة (محترمة) أو الدراسة في&الجامعة".&

وتعتبر شروط عمل النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر أسوأ من العاملات بأجر فى المجال غير الرسمى، سواء تعلق الأمر بالاضطرار الى العمل ليلا بعد السابعة مساء، أو عدم القدرة على التنظيم والتفاوض من خلال نقابات وروابط مهنية أو عمالية، أو عدم التمتع بتأمين صحي وخدمات علاجية من خلال العمل. و تعكس هذه الظروف حقيقة أن قانون العمل ينص بالفعل على استبعاد "أفراد أسرة صاحب العمل" من سريان كل البنود المتعلقة بتنظيم التشغيل واشتراطات السلامة الصحية والمهنية، واللوائح المالية والإدارية. كما تشير دراسات الحالة إلى أن النساء العاملات بالزراعة على وجه التحديد يعانين من طول ساعات العمل، وهو الأمر الذي عجزت أسئلة المسح التتبعي لسوق العمل عن كشفه والتعبير عنه.&

وتؤكد دراسات الحالة تعرض النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر ولا سيما فى مجال الزراعة وتربية الحيوانات، لمشكلات صحية كبيرة، واضطرارهن للعمل حتى فى ظروف المرض أو الحمل أو حتى فى أعقاب الولادة، لعدم وجود البديل، أو لعدم توافر نفقات العلاج.

واجبات أسرية

وأظهرت دراسات الحالة أن العاملات لدى الأسرة بدون أجر بوجه عام يشعرن بعدم الرضى&عن عملهن، وخاصة من يعملن في الزراعة وتربية الحيوانات، إلا أنهن يؤكدن اضطرارهن &للاستمرار فى العمل نظرًا لعدم وجدود عمل بديل، أو لأن الأسرة لا تسمح.&

أما البيانات المقارنة المستخرجة من المسح التتبعى لسوق العمل فتشير إلى أنه على الرغم من تدنى شروط العمل تشعر النساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر بالرضى&عن عملهن بدرجة أكبر من العاملات بأجر في المجال غير الرسمي في ما يتعلق بكل عناصر الرضى&الوظيفي.

وترجع الدراسة حالة الرضى&إلى أن النساء &لا ينظرن لأنفسهن باعتبارهن عاملات، بل ينظرن لهذا العمل باعتباره امتدادًا للواجبات الأسرية. والغالبية العظمى من النساء العاملات اللاتي يعملن لدى أسرهن بدون أجر لا يرين أن من حقهن الحصول على أجر نظير عملهن، والقلة القليلة التي رأت أن لها هذا الحق إما لم تمتلك القدرة على مطالبة الزوج بهذا الأجر أو امتلكت القدرة وتم رفض الطلب بدعوى نقص الدخل. &

ويأتى عنصر المواءمة بين المؤهلات والقدرات والعمل، وعنصر مواعيد العمل فى أعلى درجات الرضى&الوظيفى للنساء العاملات لدى الأسرة بدون أجر، وهو ما يعكس إلى حد كبير حقيقة أن غالبية هؤلاء العاملات أميات أو حاصلات على قدر متواضع من التعليم، وأكدت دراسات الحالة بالفعل إيمان النساء المبحوثات بأنهن لا يملكن مستوى تعليم أو مهارات تؤهلهن لعمل آخر. كما يعكس هذا الرضى&فى جانب آخر منه ما قد تتسم به مواعيد العمل لدى الأسرة من مرونة توفر للنساء الفرصة لرعاية الأطفال والقيام بمهام الرعاية لأسرهن.&

وأشارت الدراسة إلى اختلاف مشاركة الزوجات العاملات لدى الأسرة بدون أجر فى صنع القرارات في داخل الأسرة طبقا لطبيعة القرار، لافتة إلى ارتفاع نسبة المشاركة في القرارات وثيقة الصلة بالعمل المنزلي، والقرارات المتعلقة بهن شخصيًا، وتنخفض نسبة المشاركة في القرارات ذات الوزن الاقتصادي الكبير بالنسبة للأسرة والقرارات المتعلقة بمستقبل الأبناء. وبوجه عام &ترتفع نسبة مشاركة الزوجات العاملات لدى الأسرة بدون أجر في صنع القرار في الحضر مقارنة بالريف. وتؤكد دراسات الحالة أن القرارات المتعلقة بتعليم الإناث أو عملهن خارج الأسرة فى الريف يكون الأمر فيها في المقام الأول لرجال الأسرة.&

دونية

وحسب الدراسة، فإنه على الرغم من وجود تقبل عام لدى النساء اللاتي سبق لهن الزواج لمسألة ضرب الزوجة، فإن درجة ذلك التقبل تنخفض لدى النساء اللاتي يعملن بأجر نقدي (24.1% من المبحوثات) مقارنة بالنساء اللاتي لا يعملن (39%). ولكن الأمر المثير للاهتمام حقا هو أن أعلى نسبة تقبل لمبدأ ضرب الزوجة (62.3%) &تأتى من جانب النساء العاملات بدون أجر نقدي. وهو ما قد يعكس إحساسًا عميقًا بالدونية لدى هؤلاء النساء فى علاقتهن بالأزواج رغم مشاركتهن لهم في أعباء العمل.&

ومع ذلك، تشير إجابات المستهدفات في دراسات الحالة إلى وعيهن بحقهن في السكن الآدمي والتعليم والعلاج، ووعيهن بقصور الخدمات العامة التى يجب على الدولة توفيرها. وتمثلت أحلام بعض هؤلاء النساء فى العمل بأجر خارج الأسرة، كما تمثلت أحلام المتزوجات منهن بالأساس في توافر فرص التعليم الجيد والعمل والحياة الكريمة لأبنائهن وبناتهن، وهى أحلام تندرج جميعها تحت ما توافقت البشرية عليه كحقوق أساسية للإنسان.
&