أدى تطبيق قانون "فاتكا"، أي استحصال الضرائب من كل الأميركيين في كل أنحاء العالم، إلى تخلّي بعض اللبنانيين عن جنسيته الأميركية أو شراء العقارات، كما أدى إلى خرق السريّة المصرفيّة اللبنانيّة، التي كانت تعتبر "مقدسة" سابقًا.
بيروت: بسبب قانون "فاتكا"، الذي يتناول في مضمونه كل الأميركيين في كل أنحاء العالم، قام بعض اللبنانيين الذين يملكون الجنسية الأميركية بالتخلي عنها، بسبب الضرائب التي عليهم أن يدفعوها وفقًا لهذا القانون، فلم تعد بالتالي الجنسية الأميركية حلمًا لدى الكثير من اللبنانيين، كما ساهم قانون "فاتكا"، بحسب الخبراء الإقتصاديين،&في خرق السرية المصرفية، التي كان لبنان يتغنى بها، فما هي بالتحديد شروط قانون "فاتكا"، وما هي مفاعيله؟.
يشرح الخبير الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة في حديثه لـ"إيلاف" مفهوم قانون "فاتكا"، مشيرًا إلى أن التهرّب الضريبي اليوم يحرم الإقتصاد الأميركي من أموال هائلة، فقام الأميركيون بتطبيق هذا القانون من أجل جعل الأميركي أو كل شخص يملك الجنسية الأميركية يدفع الضرائب أينما كان في العالم.
وينص قانون "فاتكا" على أن كل المصارف في كل أنحاء العالم أن تصرّح عن أموال وعائدات الأميركيين أو الخاضعين للضرائب الأميركية أينما كانوا في العالم، وهؤلاء الخاضعون للضرائب الأميركية يطلق عليهم تسمية "المكلّفين"، وهؤلاء المكلفون هم أيضًا من يحمل الغرين كارد (تأشيرة الهجرة الأميركية)، وكذلك من يحمل إقامة عادية أو فيزا، وكان له رقم تلفون مسجل في الولايات المتحدة الأميركية هو أيضًا يخضع للضريبة، وكذلك كل من كان له معاش سابق في الولايات المتحدة الأميركية.
يضيف عجاقة أنه "إذا كان الشخص أميركيًا، ويعيش في لبنان مثلًا، فهو مضطر أن يصرّح للولايات المتحدة الأميركية، وبالتحديد للخزينة الأميركية، عن ممتلكاته، وما هو مدخوله أو ما يسمى بالتبادل الضريبي، والمعلومات موضوع التبادل تشمل المعلومات المالية (أرقام الحسابات، قيمة الحسابات، قيمة عقود التأمين على الحياة، قيمة معاشات التقاعد، الفوائد، عائدات الأسهم، وعائدات أخرى) وكذلك المعلومات المعرّفة (رقم المصرح الضريبي GIIN، الاسم والعنوان، رقم الوكيل الضريبي GIIN، الاسم والعنوان، الرقم الضريبي للوسيط المالي GIIN، الاسم والعنوان، للأشخاص: رقم صاحب الحساب GIIN، الاسم العنوان وتاريخ الميلاد، للشركات: الرقم الضريبي GIIN، اسم المؤسسة الرقم المالي والعنوان).
السرية المصرفية
يلفت عجاقة إلى أن السرية المصرفية التي يتمتع بها لبنان، وتمنع المصارف اللبنانية عن التصريح بالمعلومات عن "المكلفين" بسبب هذه السرية، فقد جاء قانون "فاتكا" ليفرض على المصارف ما نسبته 30% على الأصول التي يشغّلها المصرف اللبناني المعني في الولايات المتحدة الأميركية، يعني إذا كان المصرف يشغل أموالًا في الولايات المتحدة الأميركية، عليه أن يدفع ضرائب ما نسبته 30%.
من هنا رفضت المصارف اللبنانية هذا البند في قانون "فاتكا"، ولم ترد أن تتحمل هي مسؤولية دفع الضرائب، وفضلت التصريح بما يملكه المعني لديها وكسر السرية المصرفية في لبنان في هذه الحالة.
ويؤكد عجاقة أن المصارف اللبنانية تتحدث في هذه الحال عن تعاون دولي، لكن فعليًا هي تكسر السرية المصرفية في لبنان لمصلحة الخزانة الأميركية، ويلفت في هذا الخصوص إلى أنه شخصيًا مع كسر السرية المصرفية في لبنان بالكامل، ولكن اليوم المصارف اللبنانية تصرح مباشرة للخزينة الأميركية من دون المرور بأحد. من هنا، هناك خرق واضح للسرية المصرفية في هذا المجال. يضيف: "السرية المصرفية أصبحت في لبنان على "المقياس" ومطاطة ولم تعد مقدسة".
يلفت عجاقة إلى أنه من خلال قانون "فاتكا" تستطيع الخزانة الأميركية، ليس فقط التخلص من التهرب الضريبي، بل أيضًا ملاحقة تبييض الأموال وتمويل "الإرهاب". لذلك سيصبح قانون "فاتكا" دوليًا، وسنشهد في فرنسا أيضًا قريبًا قانون "فاتكا" على غرار الأميركي، وسيطبق بالطريقة عينها على كل الفرنسيين الموجودين في العالم، بمن فيهم فرنسيو لبنان.
ويشير إلى أن الكثير من البلدان تعتبر أن "السرية المصرفية" هي علامة لأعمال مشبوهة، مع العلم أنها عندما اخترعت كانت لأسباب أخرى. ويعتبر عجاقة أن لا لزوم لتلك السرية المصرفية في لبنان في وقتنا الحالي، خاصة أنه عندما اخترعت في الماضي لم يكن هناك "إرهاب" في العالم من هذا النوع، وكلنا يعرف أن "الإرهاب" يقوم على التمويل، ويجب قطع وتجفيف مصادر التمويل من خلال إزالة السرية المصرفية.
شراء عقارات&
وتقول مصادر مصرفية لـ"إيلاف"، إن بعض اللبنانيين، الذين ينطبق عليهم قانون "فاتكا"، تخلوا عن جنسيتهم الأميركية، والبعض الآخر قام بشراء عقارات في لبنان، بدلًا من أن تبقى الأموال، ليدفعوا عنها ضرائب.&
وتضيف المصادر أن ثمة نحو مئة ألف لبناني مودع في المصارف اللبنانية، ينطبق عليهم قانون "فاتكا"، إلا أن هذه المصادر تعتقد أن انعكاسات تطبيق هذا القانون على الأميركيين اللبنانيين المقيمين في الخليج وأفريقيا ستكون كبيرة، لأسباب عديدة، وأنها ستؤثّر في تحويلاتهم المالية إلى لبنان.
&
التعليقات