تحاول مدينة القامشلي، في محافظة الحسكة، أقصى شمال شرق سوريا، منذ الجمعة الماضية، العمل على التهدئة وسط اشتباكات متقطعة، وذلك عقب توصل الأطراف المتنازعة إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار، بعد مواجهات دامت لأيام، بين &النظام السوري من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردية وقوات الأمن الداخلي الكردي "الأسايش" من جهة أخرى، سقط خلالها قتلى وجرحى وأسرى من الطرفين، إلى جانب مدنيين، وتعرض العديد من البيوت والمحال للتدمير.
&
الكاتب والصحافي السوري الكردي ابراهيم يوسف تحدث لـ"ايلاف" عن مفاجأة البعض" بالمناوشات التي تمت في مدينة القامشلي بين فصائل حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د "و فصائل أخرى تابعة للنظام السوري".
&
وكانت قد &تعرضت المدينة على امتداد &اكثر من اثنتين وسبعين ساعة للقصف المنظم من قبل الآلة العسكرية للنظام، الرسمية منها والتابعة والمنسقة معها.
&
ولفت يوسف الى "الذعر والخوف في المدينة التي تعيش في الأصل حالة احتقان قصدي بسبب اشتغال النظام على هذا الوضع، ليكون خزان بارود جاهزاً للاشتعال في اللحظة التي يقررها.".
&
وقال: "إذا كان أبناء القامشلي قد سمعوا أصوات الرصاص، وضربات المدفعية على امتداد الأسابيع الماضية في المدينة التوأم: نصيبين، حيث نزح منها أهلها الكرد، وتكاد هذه المدينة التاريخية تغدو مجرد أنقاض، فإن الأمر تكرر في مدينتهم، عشية مئويتها، باعتبارها مدينة فسيفسائية فيها العربي إلى جانب الكردي، وسواه من تكوينات هذه المدينة التي عاشت في وئام وحب، بالرغم من سياسات النظام المؤسس على ضرب الجميع ببعضهم بعضاً، كي يبدو في صورة المنقذ".
&
وبعيداً عن التحدث عن تفاصيل السبب المباشر للاصطدام بين القوة العسكرية التابعة لـ" ب ي د" وبين فصائل النظام، أوضح أن" النظام حاول إيصال رسالة لهذا التنظيم الذي غض النظر عنه، وصار يدعمه، ويوكله لإطلاق يديه في المناطق الكردية التي انسحب منها، دون أن يعرف طبيعة هذا الحزب الذي لديه القدرة لمد اليد لأطراف متعددين، متناقضين، من أجل ما يخطط له في قنديل، وله أحلامه الخاصة في إثبات مشروعه الحزبوي الفرداني، كي يكون الممثل الوحيد للشعب الكردي في كل أجزاء كردستان. ولكي يحقق هذا المشروع، فقد كان عليه التحرك على جبهات كثيرة، إذ التقى مع مخطط النظام في وأد التحرك الشعبي"، حسب تعبيره.&
&
كما اعتبر أن الـ " ب ي د"" سعى ضمن سياساته في الاستفراد وبسط الهيمنة إلى إقصاء، وإضعاف الطرف الأكثر حضوراً في ضمير الكرد في سوريا، وهو المجلس الوطني الكردي الذي انشغل بمشاكله الداخلية، ولم يتورع عن ممارسة القمع بحق الشارع الكردي الذي أفرغ من أهله، وتم تهجيرهم بسبب السياسات التي مارسها بحقه لبسط هيمنته وشوكته".
&
&وتابع يوسف أن "من بين ذلك: التصفيات- الاعتقالات- القمع- التجنيد الإجباري- ومنع تشكيل قوى عسكرية تابعة لغيره من الأحزاب الكردية، بل منع تشكيل قوة عسكرية كردية واحدة، إلا تحت رايته، وعدم السماح للعساكر الكرد من أبناء كردستان سوريا بالعودة لحماية أهلهم، بعد أن شكلوا كتائبهم، وتلقوا التدريب في هولير".
&
التنسيق مع النظام
&
وقال ايضًا إن "من بين هذه الجبهات التي تحرك عليها، التنسيق مع النظام، ومواجهة الإرهاب"، وأكد أن" هذه الورقة التي لفتت نظر الغرب وكانت فاتحة لمحاولة إعادة النظر في تصنيف "ب ك ك"، الذي يمثل التنظيم في الحقيقة إحدى أذرعته"، &غير أن سياسات الـ"ب ي د" ، برأي ابراهيم، " لم تكن مقبولة في نظر الشارع الكردي لأنه فرض نفسه عليه بقوة السلاح والعنف، وهوما جعله يخسر حاضنته الشعبية".
&
وتابع ابراهيم "إن كان يسجل له الدفاع عن الكرد وسواهم أمام محاولات بعض فصائل الجيش الحر، ومن ثم النصرة وداعش في استباحة هذا المكان الذي لايحتمل وجود أحد من الراديكاليين، نتيجة طبيعته، وتعدد المكونات التي تشكله.. الا أنه لم يكن مريحاً البتة من قبل كثيرين من غير الكرد رفع العلم الـ" ب ي د" الحزبي وصور عبدالله أوجلان كبديل عن علم النظام وصور الأسد، وراح النظام الذي احتضن" ب ي د" يخطط للانقضاض عليه، بينما بات "ب ي د "يخطط لديمومة مشروعه الخاص، وهوما كان يثير ريبة آلة النظام والكثيرين من الجهات الحاقدة على الكرد، سواء أكان في المعارضة أو النظام، على حد سواء".
&
ورأى أنه من الطبيعي، أن "النظام المجرم، هو المسؤول الأول ليس عن حالة الاحتقان التي صعدها في المنطقة بعد بدء الثورة السورية، وكان يشتغل عليها في ما بعد انتفاضة 12 آذار 2004 وما قبلها أيضاً، ضمن سياساته في الحفاظ على الذات، على الرغم من مزاعمه الخلبية في طرح شعار: الوحدة الوطنية. حالة الاحتقان تلك بلغت الذروة مع إعلان "ب ي د" عن نسخته الاستباقية من الفيدرالية- وأذكى الخطاب الشوفيني الرسمي ضد الكرد، وألب عليهم، وذلك لدى النظام الذي وجد أن" ب ي د" بات يخرج من حدود تفاهماتهما، وهكذا بالنسبة لتلك القوى الحاقدة على الكرد، على الرغم من أن الفيدرالية الحقيقية هي أفضل إجراء لوحدة سوريا الآن، في ظل مآلات اللحظة الحرجة في تاريخ البلاد".
&
كما أضاف ابراهيم "أن "ب ي د "كان ينتظر فرصة كهذه لإعلان تبرئته من النظام، ليحقق هدفه الذي يبدو وكأنه الوحيد الذي يعمل لأجله لحضور مؤتمر جنيف للحصول على أول "تطويب" دولي باسمه، ولنفسه، لتحقيق مشروعه الحزبي الخاص، حتى وإن كان 60 بالمئة من الشعب الكردي في سوريا قد هجر بسببه، ويعد أكثر من ألحق الضرر بالشعب الكردي في هذا المكان بعد النظام ".
&
موقع المتورط
&
ابراهيم استمر في الهجوم على الـ " ب ي د " حيث اعتبر أيضا أنه " وجد نفسه في موقع المتورط، بعد اشتعال أتون بدايات حرب حقيقية في مدينة القامشلي على خلاف توقعاته، وهو يخوض هذه المواجهات -أية كانت طبيعة بداياتها- ووجد الحاقدون عليهم- من جهة أخرى، فرصة لتأديب هذه القوة الكردية وتحجيمها، وهم كانوا سيفعلون ذلك حتى لو لم يكن" ب ي د "مالك هذه القوة العسكرية، وذلك لأنهم تربوا على ثقافة إلغاء الآخر".
&
وشدد على "أن اشتعال حرب أهلية، في هذه المدينة لم يكن لمصلحة أحد، وهو ما انتبه إليه "ب ي د"، ويبدو أن النظام لم يكن جاداً في مسرحيته هذه، وهو يحاول تقليم أظافر "ب ي د"، الذي راح يعزز موقعه، باعتباره بات يظهر مدافعاً عن كرامة الكرد، ووجودهم، وإن كان ما حدث قد أدى إلى إفراغ أجزاء كبيرة من المدينة من أهلها ".
&
أخطاء النظام
&
آلدار خليل، القيادي الكردي الذي يعيش داخل سوريا ويعمل تحت اطار المؤسسات الكردية هناك، اعتبر"أن الثورة مستمرة ".
&
وقال ، في زاوية له نشرتها مواقع كردية، أن ما يحدث في القامشلي هو "نتيجة للتطوّرات والمستجدات التي تشهدها الساحة السورية، وخصوصاً ما آلت إليه لقاءات جنيف من حيث تمكّن النظام من استعادة البعض من شرعيته وتمكّنه من فرض وجوده على من يسمّون أنفسهم بالمعارضة، إلى جانب تمكّن النظام من الاستفادة من مرحلة الهدنة ووقف إطلاق النار المتفق عليه في سوريا، حيث تمكّن من استعادة الكثير من المناطق ، وبذلك فإنّه بات يستعيد ثقته بنفسه مقابل الهزيمة السياسية والدبلوماسية التي منيت بها تلك الوفود المتفاوضة معه".
&
ورأى خليل &أنّ النظام أخطأ الحسابات هذه المرة ...وحاول تكرار ذلك السيناريو في "مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية"، وقال: "يحاول النظام ضرب عصفورين بحجر واحد عبر الأحداث والاشتباكات التي بدأت في "قامشلو" بتاريخ 20 من هذا الشهر".
&
صراع وفتنة
&
وأوضح "من جهة، سعى &النظام إلى خلق حالة صراع وفتنة بين مكوّنات المنطقة وخصوصاً عبر تأليب البعض من العرب ضدّ أخوتهم الكرد وأيضاً محاولة خلق شرخ بين السريان والكرد، ومن جهة أخرى حاول إعادة هيبته وردّ اعتباره في هذه المنطقة عبر لجوئه لفرض العسكرة على الموظفين المدنيين وفصل كلّ من يرفض الإذعان لمطالبه، بالإضافة إلى حرمان الكثير من الموظفين من رواتبهم الشهرية وخروج دورياته للأحياء المحيطة بمربّعه الأمني ولجوئه لاعتقال البعض من الشباب الكرد".
&
لكن خليل اعتبر أن " الأحداث التي ظهرت والجواب الذي تلقاه النظام من قوى" الأسايش" كان كافياً ليفهم حقيقة الوضع ".
&
وأشار الى تحرير سجن علايا من قبضة قوات النظام، ورأى خليل أنها "إشارة واضحة لفشل مشروعه وفقدانه لرمز من رموز استبداده وسلطته في المنطقة."
&
وقال أيضًا "قد تكون خسارة النظام للسجن أحد أهم أسباب حالة الهستريا التي يعيشها، والتي نتج عنها قيامه بقصف مدينة" قامشلو" بشكل عشوائي بمدافعه الثقيلة وتحليق طائراته الحربية فوق المدينة مع العلم أنّ تحليق الطيران الحربي فوق "قامشلو" لا يمكن أن يتمّ من دون الحصول على ضوء أخضر تركي"، كما أشار.
&
وأوضح "أنّ النظام لم يتّعظ من سنوات الثورة وما تعيشه سوريا الآن، إلى جانب بروز وإثبات حقيقة كون شعبنا يمتلك روح المقاومة والصمود والارتباط بالأرض وبقيمه ومبادئه".
&
ولكن خليل لفت الى أن "الأصوات التي كانت تهاجم الإدارة الذاتية الديمقراطية دائماً واتّهمتها بالتواطؤ مع النظام متذرّعة بعدم ظهور اشتباكات واسعة النطاق في الفترات الماضية، حيث كانوا يطالبون دائماً بضرورة محاربة النظام، ولكن في هذه الأحداث ظهرت حقيقتهم من خلال نداءاتهم ودعواتهم لعدم الاشتباك مع النظام بل وصل بهم الأمر إلى اتّهام هذه الإدارة بأنّها تعرّض المنطقة للخطر ليصل بهم الأمر إلى اتّهامها بالتسبّب بخراب المنطقة، وحتى إنّ البعض بدأ بوصف هذه المقاومة بالتمثيلية، وهذا يثبت عدم احترامهم لمقاومة هذا الشعب ومواقفه الوطنية ولدماء الشهداء لكن في النتيجة ما نعلمه هو أنّ شعبنا مرتبط بمطلبه في الحرية ومصرّ على الحفاظ على كرامته للعيش بإرادته الحرّة، وهذه هي حقيقة الثورة".
&
ادانة ما حدث
&
وفي بيان مشترك دانت &منظمات عربية وكردية &في بيان مشترك، ما حدث في القامشلي "التي تعتبر نموذجًا سوريًا للسلم الاهلي وللعيش المشترك بين العرب والكرد والسريان الكلدان الاشوريين والأرمن من المسلمين والمسيحيين والأيزيديين".وبعد أن أحصت القتلى والجرحى طالبت جميع الأطراف " إطلاق سراح كافة الموقوفين لدى الطرفين. وإطلاق سراح كافة المختطفين لدى الطرفين. والكشف الفوري عن مصير المفقودين ورفع الحصار المفروض على المدنيين، وإلغاء جميع الحواجز، وجميع مظاهر قطع الطرقات والخدمات العامة، وايقاف جميع مظاهر اغلاق الاسواق وبعض الاحياء، وازالة كل العراقيل والتبريرات المادية والمعنوية التي تعيق وصول الإمدادات الطبية والجراحية إلى جميع الاحياء والقرى والمدن في الجزيرة السورية، اضافة الى تلبية الحاجات الحياتية والاقتصادية والإنسانية للاحياء والمنازل المنكوبة وللمهجرين والفارين وإغاثتهم بكافة المستلزمات الضرورية".
&
مصير مشترك
&
فيما اعتبر الاتحاد العام للكتّاب والصحافيين الكرد في سوريا في بيان مماثل، تلقت "ايلاف" نسخة منه، أن ما حدث "ترجمة لما خطط له النظام منذ ربيع 2011 حيث حاول ولايزال ضرب مكونات هذه المدينة ببعضهم بعضاً، وإفراغها من أهلها الحقيقيين، بل وتدمير معالمها، كما فعل من قبل في الكثير من المدن السورية."
&
ودعا الاتحاد "أبناء جميع مكونات المكان إلى الاحتكام إلى صوت العقل"، موضحًا أن "المصير المشترك هو الذي يفرض علينا، ودون استثناء ضبط النفس، حيث لا خيار سواه، لأن لعلعة الرصاص، وحمم القذائف، وشلالات الدم، وأنقاض المدن، وتشريد من لم يتم تشريده وإبادته يتنافى وروح السلام التي نشأت عليها هذه المدينة ".&
&
من جانبه، دان الائتلاف الوطني السوري المعارض بشدة القصف الذي يستهدف المدنيين والأحياء السكنية الآمنة في أي بقعة من الأراضي السورية، وعبّر في بيان،& تلقت "إيلاف" نسخة منه، عن تضامنه "مع أهلنا في قامشلي، وخاصة أهالي الضحايا الأبرياء"، ودعاهم جميعاً الى التكاتف والتضامن والحذر من ألاعيب النظام وأدواته في بث الفتنة والتفرقة بين أبناء الوطن، حيث دأب النظام في ممارستها على طول البلاد وعرضه.
&
موقف لافت
&
الى ذلك، كان هناك موقف لافت من المحامي مصطفى أوسو نائب رئيس الائتلاف، ورغم انه عضو في المجلس الوطني الكردي،&وهو المكون المشارك في الائتلاف، حيث لام أوسو المجلس الوطني الكردي الاخير على بيانه حول ما جرى في القامشلي، واعتبر الطرفين المتصارعين "النظام وحزب الـ"ب ي دي " متساويين ازاء مسؤولية ما حدث .
&
وقال أوسو في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "الموقف الذي صدر عن المجلس الوطني الكردي، في 21 نيسان 2016 عن تطورات الأحداث المؤلمة، التي افتعلها نظام الأسد الإجرامي، خلال الأيام الثلاثة الماضية، لاستكمال فصول إجرامه واحراق ما تبقى من البلد، يذكرني تماماً بالبيانات التي كانت تصدرها أحزابنا الكردية، في الفترات السابقة للثورة، فكان باهتاً لا طعم ولا لون ولا رائحة له، وكأنه لا ينتمي إلى هذه المرحلة الخطيرة على الشعب الكردي وقضيته القومية".&
&
ودعا أوسو المجلس الوطني الكردي "لصياغة مواقفه السياسية، بشكل أكثر منهجية وبعيداً عن الارتجالية، بما ينسجم مع توجهاته وبرامجه، والعمل في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، على توحيد صفوف الشعب الكردي وطاقاته في سبيل قضاياه الوطنية الديمقراطية والقومية، والذي كان الهدف الأساسي لتأسيسه والإعلان عنه".
&
على المجلس الوطني الكردي، إن أراد فعلاً الحفاظ على وزنه السياسي وقاعدته الجماهيرية التي لا يستهان بها، صياغة مواقفه السياسية، بشكل أكثر منهجية وبعيداً عن الارتجالية، بما ينسجم مع توجهاته وبرامجه، والعمل في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، على توحيد صفوف الشعب الكردي وطاقاته في سبيل قضاياه الوطنية الديمقراطية والقومية، والذي كان الهدف الأساسي لتأسيسه والإعلان عنه.
&وكانت الاشتباكات، استمرت حتى ساعات الجمعة الماضية ، لليوم الثالث على التوالي، بين قوات النظام السوري وقوات "حماية الشعب" الكردية التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يسيطر على مساحات واسعة في ريف محافظة الحسكة &في شمال شرق سوريا. وقالت مصادر متطابقة إن وجهاء محليين حاولوا الخميس التوصل إلى وقف إطلاق نار، الا ان جهودهم باءت بالفشل قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق الجمعة.&
&
وتشير المصادر إلى أنه كانت هناك بعض الاشتباكات المتقطعة، الجمعة، تركزت في منطقة حاجز عويجة إلى الشمال من حارة طي، وفي أحياء العنترية، وميسلون، والوحدة، والكورنيش، وفي محيط منطقة المربع الأمني، والملعب البلدي وسط المدينة.
التعليقات