تسببت تصريحات السفير الفرنسي في الجزائر بتفضيل سكان القبائل على سواهم من الجزائريين بخصوص منح التأشيرات، بموجة غضب ضد فرنسا لدى بقية المكونات.

الجزائر: اشعلت التصريحات الأخيرة للسفير الفرنسي في الجزائر بخصوص منح التأشيرة لسكان منطقة القبائل بدرجة أكثر من باقي ولايات البلاد وكذا تصريحات الرئيس الفرنسي السابق الأخيرة بشأن الجزائر حالة التوتر التي تعيشها علاقات البلدين في الفترة الأخيرة، والتي أعقبت نشر رئيس الوزراء مانويل فالس صورة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تظهر الصعوبات الصحية التي يعانيها السنوات الأخيرة.

وقال السفير الفرنسي في الجزائر برنار إيمي اثناء زيارته الأسبوع الماضي إن العلاقات بين البلدين "ممتازة وعلى أعلى مستوى". وأضاف أن فرنسا "تستثمر كثيرا في الجزائر ولها ثقة في مستقبل هذا البلد".&

تصريحات واستهجان

وأوضح إيمي أن هذه العلاقات "الممتازة" تترجم في عدد التاشيرات التي تمنح للجزائريين. وكشف أن عدد التأشيرات التي تمنح للمنحدرين من منطقة القبائل يقدر بـ60 بالمائة، كما أن 50 بالمائة من الطلبة الجزائريين الذين يزاولون دراستهم بفرنسا من هذه المنطقة.

واغضبت هذا التخصيص الحكومة الجزائرية، فقد وصفها وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة بـ"المؤسفة".&

وقال لعمامرة "إذا كانت طبيعة التصريحات التي تم الإدلاء بها في ظروف لا أعرفها تطرح أسئلة من هذا النوع و تثير تعليقات و تساؤلات و تصورات مختلفة و متعارضة, فهذا يعني أن هذه التصريحات كانت بالتأكيد مؤسفة".&

ويرى لعمامرة أن "مثل هذه التصريحات لا تزيد أي قيمة مضافة في العلاقات الثنائية و هي لا تخدمها بتاتا في حين أن مقتضيات مهنتنا كدبلوماسيين تشجع في كل الظروف التصريحات التي تجمع وليس تلك التي تفرق".&

وأردف قائلا "في الدبلوماسية التي هي مهنتنا لا يجب أن نميز بين مواطني البلد الذي نحن معتمدون فيه"، لأن "الدور الرئيسي للدبلوماسي المعتمد لدى رئيس دولة هو فتح جسور و ترقية المبادلات وعلاقات الصداقة والتعاون".&

وسارع السفير الفرنسي بعد رد الخارجية الجزائري الى تكذيب ما نسب اليه من تصريحات حول منح التأشيرة، غير أن حزب جبهة القوى الاشتراكية (الأفافس) المعارض اكد ان نوابه حضروا لقاءات لايمي في تيزي وزو واكدوا ان السفير الفرنسي ادلى حقيقة بالتصريحات المتعلقة بالتأشيرات.

وتساءل رئيس الكتلة البرلمانية للأفافاس شافع بوعيش "لماذا لا تمنح فرنسا التأشيرة للجزائريين من الولايات الأخرى، وهل يدخل ذلك في إطار استراتيجية لفصل منطقة القبائل عن باقي الجزائر".

ساركوزي مجددا

ولم يقتصر الغضب الجزائري على السفير فقط، بل ايضا من التصريحات المستمرة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي المستفزة للجزائر.

وتحدث ساركوزي الثلاثاء الماضي خلال ندوة لحزب الجمهوريين الذي يرأسه عن وجود حالة من عدم الاستقرار في جنوب البحر الأبيض المتوسط.&

وقال ساركوزي إنه سيقدم "تكذيبًا رسميا لكل أولئك الذين سيخبرونه بأن لا وجود لأسئلة يمكن أن تطرح حول حال &الجزائر البلد الكبير، خاصة مع تهاوي أسعار المواد الأساسية واعتماد البلاد على الموارد الطاقية".

وعلق لعمامرة &على هذه التصريحات قائلا إن "الإهتمام الذي أبداه هذا الشخص إزاء الجزائر من خلال صور نمطية ووصف كاريكاتوري مثير للتساؤلات". وأضاف: "ليست هذه المرة الأولى الذي يقوم بها هذا الشخص بهذا النوع من التعاليق تجاه الجزائر ولذا يمكننا أن نعتبر بأن الأمر يتعلق بحالة متكررة والتكرار لا يخدم أصحابه".&

وبحسب الوزير الجزائري، فإنه "لا ينبغي للرأي العام الجزائري أن يعير اهتماما لهذا النوع من التصريحات المسيئة".&

حذر

وفي تعليقه عن هذا التوتر الجديد، قال القيادي في حركة مجتمع السلم (حزب إسلامي) فاروق طيفور لـ"إيلاف" إن "الموقف الجزائري الحالي فهو موقف حذر و غير متوازي مع سقف الموقف الفرنسي، وعندما تكون مواقف الدبلوماسية بهذا الشكل، فان في الأمر غموض وقضايا لم تعرف بعد او يتم التستر عليها والتعامل معها بالعقيدة الدبلوماسية الجزائرية المعروفة".

&وأضاف: "السبب الرئيسي في تدني سقف الموقف الجزائري هو تعدد القرار الوطني وبطء اتخاذ المواقف، والهشاشة التي أصبحت فرنسا تقيم بها موقف الجزائر، سيما عندما أصبحت للأسف الشديد تناور بصور وحالة رئيس الدبلوماسية الجزائرية عبد العزيز بوتفيلقة، وهو امر لا يسكت عليه سياسيا على اعتبار ان رموز البلد مهما كان من يمثلها تمثل خطوط حمراء ينبغي الدفاع عنها بوعي وحكمة وحضور حقيقي وليس من وراء ستار.

ترتيبات

&ولفت طيفور إلى أنه "عندما نقرأ محتوى الميزان التجاري وندقق فيه ندرك حجم العلاقة الوطيدة بين الجزائر وفرنسا اقتصاديا، اما العلاقات التاريخية والثقافية والإقليمية وحتى السياسية فهي مصدر التوتر والقلق لاعتبارات كثيرة، منها ماهو حقيقي ومنها ما هو وهمي ومنها ما هو سياسوي للتضليل والاستهلاك الإعلامي والاستقواء لتنفيذ سياسات غامضة حولت الجزائر في علاقاتها مع فرنسا من موقع النفوذ التقليدي إلى موقع التبعية، رغم وجود مقاومة كبيرة شعبيا وحزبيا وحتى سلطويا لبعض من بقي فيهم عرق ينبض بالوطنية والثورة والمقاومة ورسالة الشهداء".

وأوضح طيفور أن قراءة الصورة الكاملة لهذا الخلاف تؤكد وقوع "خلل &سياسي حدث في العلاقة بامتياز، اعتقد انه يتعلق بالاستحقاق الرئاسي القادم".

&وتخوض الجزائر في 2019 انتخابات رئاسية لن يترشح لها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بحكم التعديل الدستوري الجديد الذي أعاد تحديد الترشح للرئاسية بعهدتين غير قابلتين للتجديد.
&