أقر البرلمان التركي بغالبية كبيرة الجمعة إصلاحًا دستوريًا مثيرًا للجدل يرمي إلى رفع الحصانة عن نواب مهددين بإجراءات قانونية بحقهم، ما يثير خصوصًا قلق النواب الموالين للأكراد، الذين يعتبرون أنفسهم مستهدفين.
أنقرة: أعلن رئيس البرلمان اسماعيل كهرمان أن المشروع، الذي قدمه الحزب الحاكم، نال بالاقتراع السري تأييد 376 نائبًا من أصل 550، أي ما يتجاوز ثلثي الأعضاء، ما اتاح اقراره بشكل مباشر. ولا يزال النص يتطلب موافقة الرئيس رجب طيب إردوغان ليدخل حيز التنفيذ.&
الشعوب: إقصاء لا إجراء
بذلك، بات بامكان السلطات التركية ملاحقة 138 نائبًا من كل الاحزاب الممثلة في البرلمان، بينهم خمسون من اصل 59 ينتمون الى حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للاكراد.
يعتبر الحزب المذكور، الذي تتهمه السلطات التركية بأنه واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني، وتعتبره انقرة وواشنطن وبروكسل منظمة "ارهابية"، ان هذا الاصلاح الدستوري يهدف الى اقصائه من البرلمان، حيث يشكل حاليا القوة الثالثة.
ومن شأن اضعاف حزب الشعوب الديمقراطي ان يخلّ بتوازن البرلمان لمصلحة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يشهد نقاشا حول تعزيز صلاحيات الرئيس بمسعى من اردوغان على وقع اتهامات يسوقها معارضوه بانه ينوي اسكات اي صوت معارض.
وقبل اعلان نتيجة التصويت النهائية، اعربت برلين الجمعة عن قلقها حيال "الاستقطاب الذي يشهده الجدل السياسي الداخلي"، معلنة ان المستشارة انغيلا ميركل ستبحث وضع الديمقراطية مع اردوغان الاثنين في اسطنبول، حيث ستعقد اول قمة انسانية عالمية.
وقال ستيفن سايبرت المتحدث باسم ميركل "من اجل الاستقرار الداخلي لأي ديمقراطية، من المهم ان تكون جميع المكونات الاجتماعية ممثلة ايضا في البرلمان. ومجمل هذه القضايا ستكون بالتأكيد جزءا من العناوين التي ستتناولها المستشارة مع رئيس تركيا".
تصويت تاريخي&
قبيل اعلان نتيجة التصويت، أشاد اردوغان بما اعتبره "تصويتًا تاريخيًا" على هذا التعديل المثير للجدل، والذي ادى الى عراك خلال القراءة الاولى له امام لجنة نيابية. وصرح اردوغان في ريزه (شمال شرق) "شعبي لا يريد ان يرى في هذا البرلمان نوابًا ارتكبوا جرائم... خصوصا الذين يدعمون التنظيم الارهابي الانفصالي"، في اشارة الى حزب العمال الكردستاني المحظور.
ياتي اقرار هذا التعديل الدستوري في وقت تجددت في جنوب شرق تركيا ذي الغالبية الكردية المعارك اليومية بين المتمردين الاكراد وقوات الامن. ويتهم المسؤولون الاتراك عددًا من نواب حزب الشعوب الديمقراطي بدعم المتمردين، الامر الذي ينفونه. وبين النواب المعرضين لملاحقات قضائية زعيما حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دمرتاش وفيغين يوكسكداغ.
شكل هذا التصويت اختبارا لوحدة الحزب الحاكم، بعد اسبوعين من اعلان انسحاب رئيس الوزراء احمد داود اوغلو من الساحة السياسية، بسبب خلافاته مع اردوغان. ويرى المراقبون ان التصويت بالاقتراع السري كان يمكن ان يعكس الانقسامات بين نواب العدالة والتنمية.
وفي مؤشر الى التوتر الذي احاط بهذا التعديل، تخللت مناقشته في اللجنة النيابية المعنية سلسلة مواجهات بالايدي بين نواب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطي. وصباح الجمعة، انسحب نواب من حزب المعارضة الرئيس، حزب الشعب الجمهوري، من الجلسة بعيد بدئها، تعبيرا عن اعتراضهم.
وكان دمرتاش، الذي صدر ما لا يقلّ عن 75 طلب ملاحقة بحقه، ندد الثلاثاء بالتعديل، الذي يسعى اليه الحزب الحاكم، مؤكدا ان "تأثيره سيزداد" في حال سجنه. وفي 1994، اوقفت النائبة الكردية ليلى زانا مع ثلاثة نواب اخرين في حزبها بعد رفع الحصانة البرلمانية عنهم. وفي العام التالي، منحها البرلمان الاوروبي جائزة ساخاروف. وامضى النواب الاربعة عشرة اعوام في السجن. &
التعليقات