بيروت: خرجت مصممة المواقع الإلكترونية مون سو جونغ في سهرة مع رؤسائها في العمل، جلسوا جميعًا يحستون المشروبات الروحية، في حين أنها&رفضت مشاركتهم أي كأس، فاكتشفوا مباشرة أنها حامل، وتنتظر مولودًا، فما كان منهم إلا أن استشاطوا غضبًا بدلًا من تهنئتها وتوبيخها، لأنه سيثقل كاهل زملائها في العمل أثناء إجازتها، إلى أن وصل بهم الحدّ إلى سؤالها عن موعد تقديم استقالتها.

لم تسكت مون عن هذا التصرف، بل ذهبت تشتكي إلى مدير الموارد البشرية، الذي أثنى على رأي مدرائها، واعتبر أنها سوف تلحق الأذى بالشركة، فقط لكونها حاملًا، وتنتظر مولودًا، فاستقالت بعد خمسة أشهر، والتحقت بعمل آخر، لكن سرعان ما تركته أيضًا، بسبب طفلها الثاني، وعدم مقدرة والدة زوجها على الاستمرار في العناية بالأطفال، ما اضطرها للعمل من المنزل.

صعوبة التوفيق
انتشرت هذه التجارب في كوريا الجنوبية إلى أن أصبحت موضوع الساعة، وترجمت هذه الظاهرة في موضوع الدراما التلفزيونية الجديدة "Working Mum, House Daddy"، حيث ناضلت البطلة مي-سو بقوة للجمع بين ساعات العمل الطويلة ورعاية الأطفال، ولطالما وجدت النساء في كوريا الجنوبية صعوبة في التوفيق ما بين واجبات الأسرة ومتطلبات الوظيفة.&هذا وشمل استطلاع للرأي أجري في العام الماضي 3000 شركة خاصة، 80 % منها أكدت أن الثلث فقط من موظفاتها عدن إلى العمل بعد إجازة الأمومة.&

&

يعود السبب في ذلك إلى أن القانون في كوريا الجنوبية، الذي لا يقدم إجازة أمومة مدفوعة الأجر على الأقل سنة واحدة. وعندما تولت بارك جيون هاي رئاسة كوريا الجنوبية في عام 2013 - وهي أول رئيسة عمل كامرأة كورية - تعهدت بخلق 1.7 مليون فرصة عمل للمرأة، ورفع نسبة العمالة سبع نقاط مئوية لتصل إلى 62 %، ولقد تمت تسمية الشركات التي لديها عدد قليل جدًا من الموظفات، وجرى وصمها بالعار.

فجوة رواتب
لهذا يرفض العديد من الكوريين الجنوبيين وجود النساء في الوظائف، وغالبًا ما تفشل الشركات في تلبية احتياجات الأمهات العاملات. ولقد زاد عدد النساء الموظفات في كوريا الجنوبية أكثر من 50 % في عام 2000، وارتفعت خمس نقاط مئوية فقط في العقدين الماضيين، ثم عادت وانخفضت ثلاث نقاط مئوية في السنوات العشر الأخيرة.&

وتعتبر الفجوة بين متوسط ​​الدخل من الرجال والنساء في العمل بدوام كامل هي الأسوأ في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD ـ وهي مجموعة من البلدان المتقدمة التي تقبل مبادئ الديمقراطية التمثيلية واقتصاد السوق الحر ـ من جهة أخرى تدفع النساء العاملات 63 % فقط مما يحصل عليه الرجل. وعدد قليل من المديرات الإناث في أكبر عشر شركات في منطقة تشايبول الكورية هن أقارب وينتمين إلى عائلات مساهمة رئيسة.

جمعية لحقوق الرجل
يتذمر الكوريون من واقع المرأة في كوريا. وتؤكد جمعية تطالب بحقوق الرجل أن الرجال بحاجة إلى العمل أكثر من النساء، ويتهمون النساء باضطهاد الرجال بسبب بعض الأمور التي توفر لهن، مثل موقف لسيارات النساء.&

بمجرد وجود جمعية لحقوق الرجل في كوريا، فهذا مؤشر واضح إلى أن المرأة حققت تقدمًا، وفي عام 1990 انتشرت ظاهرة الإجهاض بحسب جنس الجنين، نتيجة تفضيل الديانة الكونفوشيوسية للذكور، وأصبح مقابل كل 117 ذكرًا 100 أنثى، وغالبًا ما تترك الفتيات المدرسة، ويلتحقن بعمل وضيع لدعم إخوانهم الذكور.&

تغيير تدريجي

أما الآن فلقد انعكست الثقافة، إذ بات الكثير من الأهل يفضلون الإناث، إضافة إلى أن ثلاثة أرباع النساء ذهبن إلى الجامعة، بالمقارنة مع ثلثي الرجال، لكن هذا التكيّف في مجال العمل يسير ببطء، ولا يزال يتم تهميش أعداد هائلة من المرشحات المتمكنات للوظيفة.&

وفي استطلاع أعده فريق من الموارد البشرية في بوابة البحث عن عمل "Saramin"، تبين أن ثلث الشركات رفض طالبات العمل، رغم أنهن يتمتعن بخبرة نظرائهم من الرجال نفسها.&

في حين اتفق ثلث العينة على أن "فقط الرجل يمكن القيام بهذه المهمة". وفي يناير الفائت قامت موظفة في مصنع للجعة برفع دعوى قضائية ضد رئيسها بسبب إجبارها على الاستقالة قبل زواجها. ووجدت دراسة أجريت في عام 2010 أن الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات توظف الكثير من النساء في كوريا الجنوبية، ما يعزز العائد على الأصول.

دور مساعد
يكمن الحل الوحيد لتسهيل عمل الأمهات في بذل المزيد من الجهد للأباء في المنزل، خاصة وأنه يحق لهم أخذ إجازة أبوة لحوالى 53 أسبوعا مدفوعة الأجر، أي أكثر من أي بلد آخر في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.&

وبحسب إحصاءات أجريت في عام 2014 يظهر أن 64 %من الآباء يؤكدون أنهم سيتقاسمون عبء رعاية الطفل، إذا ما أصبح الأمر مقبولًا اجتماعيًا. من ناحية أخرى، يبلغ معدل الخصوبة 1.2 طفل لكل امرأة، ما يؤدي إلى تقلص القوى العاملة في كوريا الجنوبية بشكل كبير.&

وإذا ما فشلت البلاد من الاستفادة من كل مواردها البشرية فإن شبح الركود سيصبح تهديدًا جديًا. وقدرت دراسة أعدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنه إذا كان معدل المشاركة في قوة العمل للرجال والنساء نفسها بحلول عام 2030، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيزيد بنسبة 0.9٩ نقطة مئوية سنويًا. مع الإشارة إلى أنه في عام 2010 انخفض النمو من 6.5 % إلى 2.6 %.

ففي حلقة واحدة من الدراما "Working Mum, House Daddy"، صعق الموظفون عندما دخل زوج مي-سو إلى مكان عملها مع طفلها الثاني، وقال إنه سوف يأخذ إجازة لكي يتركها تعمل، وتجنبًا لفقدانها وظيفتها، فهل ستتحول القضية من دراما تلفزيونية إلى واقع معيشي داخل كوريا الجنوبية؟!.

&

أعدت "إيلاف" المادة عن صحيفة ذي إيكونوميست

المادة الأصل على الرابط التالي:​&

http://econ.st/1XdWEsc

&

&