تواصل "إيلاف" نشر أهم ما ورد في نصوص التحقيقات مع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة، الذي عزله الرئيس السيسي، ويحاكم حالياً بتهمة تتعلق بـ"نشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وتكدير الأمن والسلم العام، والإضرار بالإقتصاد المصري"، على خلفية تصريحات صحافية قال فيها إن قيمة الفساد في مصر 600 مليار جنيه، خلال العام الماضي. وأدانت إفادات غالبية الشهود جنينة بـ"إصدار تصريحات غير صحيحة للإعلام".


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قال رئيس الجهاز المركزي السابق هشام جنينة في التحقيقات التي تجريها معه نيابة أمن الدولة العليا في مصر، إنه يرفض تحريات هيئة الرقابة الإدارية، في القضية التي يحاكم فيها بتهمة "نشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وتكدير الأمن والسلم العام، والإضرار بالإقتصاد المصري"، على خلفية تصريحات صحافية قال فيها إن قيمة الفساد في مصر 600 مليار جنيه، خلال العام الماضي.

وأوضح الرئيس السابق لأكبر جهاز رقابي في مصر، أن الجهاز يمتلك تقارير صدرت منذ فترة طويلة قبل هذه التحريات، تكشف استغلال بعض رؤساء هيئة الرقابة السابقين لسلطاتهم.

وكشف جنينة أن بعض مسؤولي الجهاز تعرضوا لمعاملة غير لائقة في هيئة الرقابة الإدارية؛ عندما كان يتم التحقيق معهم، مشيراً إلى أنه تلقى العديد من الاتصالات من بعض الأعضاء بأنه تم تجميعهم في غرفة واحدة، وتم سحب جميع هواتفهم، وتم منعهم من الخروج إلى دورات المياه.

ولفت إلى أنه حاول التوصل إلى المستشار هشام بدوي لإبلاغه بتضرر أعضاء اللجنة من سوء المعاملة والترهيب الذي يتعرضون له، وعندما علم ذلك وعدوه&بإنهاء الأمر.

وكشف في التحقيقات أن نشر تفاصيل تقارير الجهاز محظور، وقال: النشر المحظور هو لكافة تفاصيل التقارير، أما العناوين الرئيسة المتعلقة بأمور عامة لكشف الفساد أو إبراز دور مؤسسات الدولة في مكافحة الفساد وحماية المال العام وفق الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وأصبحت مصر ملزمة بتطبيق هذه الاتفاقية وتعلو في درجتها على القوانين المحلية ومن شأن هذه الاتفاقية إلزام الدول الموقعة بالافصاح والشفافية في ما تعده من تقارير لحماية المال العام ومكافحة الفساد.

ورداً على سؤال النيابة العامة: ما هو مفهوم الفساد وفق الاتفاقيات الدولية المطبقة في مصر؟، أوضح جنينة أن "هناك أكثر من تعريف للفساد، ولكن التعريف المستقر عليه في مصر وفقًا للجنة التنسيقية لمكافحة الفساد والتنسيق الاستراتيجي المشترك، فإن الفساد هو سوء استغلال موارد الدولة استغلالا أمثل واستغلال النفوذ الوظيفي من أجل تحقيق مصلحة أو منفعة للمسؤول أو تربيح الغير معناه أنه يشمل الجرائم العمدية وغير العمدية".

واستمعت النيابة العامة إلى أقوال الشهود في القضية ومنهم مسؤولين في الجهاز المركزي للمحاسبات، وجاءت معظم أقوال الشهود تحمل إدانة لـ"جنينة". وقال أمين محمد علي مسعود، عضو مجلس النواب إن جنينة نشر أخبارا كاذبة في جريدة "اليوم السابع" تحت عنوان "600 مليار جنيه تكلفة الفساد في 2015"، مشيرا إلى أن هذا التقرير تضمن تصريحات كاذبة، حول تكلفة الفساد في مؤسسات الدولة المصرية، وهو ما من شأنه تكدير الأمن العام وإضعاف الثقة المالية بالدولة وهيبتها.

"إيلاف" تنشر تحقيقات رئيس أكبر جهاز رقابي في مصر 2/1

وورد على لسان الشاهدة، غادة علي عبد المنعم موسى، مديرة مركز الحوكمة في وزارة الدولة للتنمية الإدارية، إنها مختصة بترسيخ مفهوم الحوكمة لدى القطاعات المختلفة في مصر ومنها مفهوم مكافحة الفساد، وباختصاصها، في إطار اتفاقية مبرمة بين وزارة الدولة للتنمية الإدارية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لتعزيز حوكمة الجهاز الإداري للدولة، مشيرة إلى أنها كلفت بإعداد دراسة وطنية بشأن تحليل تكاليف الفساد في مصر، ولاعتبارات فنية حددت مدة الدراسة بالفترة من عام 2008، حتى عام 2012 وقسمت إلى خمسة أقسام اختص الجهاز المركزي للمحاسبات بأحدها وموضوعه التكاليف المالية للفساد، ولذلك جرت مخاطبة من وزير التخطيط للمتهم، بصفته رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات آنذاك، على أساسها تم ترشيح عضوين بالجهاز لإعداد قسم الدراسة المسند للجهاز.

وأضافت: في هذا الإطار عقدت عدة لقاءات بين الجهات المعنية بإجراء الدراسة تناولت أهداف الدراسة ومدتها ونهجها ومفهوم الفساد المستمد من الاتفاقيات الدولية والتشريعات المقارنة والذي يقتصر على الجرائم العمدية، وأنهت كل جهة القسم المعهود به إليها فيما عدا الجهاز المركزي للمحاسبات، إذ قدم ممثلاه دراسة للقسم المالي تضمنت أرقامًا وبيانات غير دقيقة ثبت لها من مطالعتها عدم وضوح منهجية البحث وإدراج بعض الوقائع غير ذات الصلة بمفهوم الفساد، فضلا عن تعرضها لأشخاص معينين بما يخرج الدراسة عن إطار البحث العلمي المجرد، وانتهت إلى عدم جدوى ما أعداه".

وتابعت: "لذلك أعيد إلى الجهاز لتدقيق ما ورد به، وعلى أثر ذلك خاطب المتهم - بصفته رئيس الجهاز- وزير التخطيط مؤيدًا عدم دقة القسم المعد ومقترحًا تشكيل لجنة جديدة لإنجاح الدراسة بالاستعانة بالجهات المعنية بمكافحة الفساد في مصر"، وقالت إن تصريح جنينة بأن تكلفة الفساد وصلت إلى 600 مليار جنيه غير دقيق.

وكشف الشاهد لطفي محمد حامد مهدي، رئيس الإدارة المركزية للتقارير وشؤون مجلس النواب في&الجهاز المركزي للمحاسبات، أن "جنينة" عقد اجتماعا بوكلاء الجهاز في يناير 2016، وأخبرهم أنه أدلى بتصريح صحافي عن تكلفة الفساد وقدرها ب600 مليار جنيه في العام الماضي، وقال إن "هذا التصريح غير صحيح، لكون التقارير الصادرة عن الجهاز غير معنية بتحديد الفساد، فضلا عن التقارير الخاصة بمخالفات عام 2015 لم تنته بعد". على حد قوله بالتحقيقات.

وحسبما ورد على لسان الشاهد، محمد حسين صلاح الدين طه، وكيل أول في الجهاز المركزي للمحاسبات، فإن الجهاز قام بتدقيق دراسة أعدت في وزارة التخطيط عن تحليل تكاليف الفساد في مصر ولعدم دقة تلك الدراسة أعد مذكرة اعتمدها "جنينة" بتشكيل لجنة لإعداد تلك الدراسة، وإثر إنهاء أعضاء اللجنة أعمالهم أشار عليها المتهم &بتاريخ 29/11/2015، بإضافة أجزاء أخرى إلى الدراسة المعدة شملت قطاعات المشروعات القومية والاتصالات والتعليم والنقل، ولاستعجال وزارة التخطيط أعد - أي الشاهد - مشروع خطاب مقترحاً فيه إرسال الدراسة بحالتها دون مراجعة من المكتب الفني، كما أعد مذكرة اقترح فيها عدم تضمين الدراسة نتائج أو توصيات أو أرقاماً إجمالية أشار عليها المتهم بالموافقة، وعلى إثر ذلك أرسلت الدراسة إلى رئاسة الجمهورية ووزارة التخطيط، كما أضاف أن المتهم التقى به عقب تصريحه في جريدة "اليوم السابع" وأبلغه بتصريحه بذلك ولكن عن الفترة من عام 2012 حتى عام 2015".

فيما شهد محمود علي حنفي محمود، مدير إدارة في الجهاز المركزي للمحاسبات بـ"عدم صحة تصريح المتهم هشام جنينة عن تكلفة الفساد في مصر"، مشيرا إلى أن "التقارير السنوية للجهاز عن عام 2014/2015 لم تنته بعد وأن الجهاز غير معنيّ بتحديد الفساد أو تقدير قيمته".

وبمواجهة النيابة رئيس الجهاز السابق، بأقوال الشهود، التي أكدوا فيها أن الجهاز غير معني بتحديد الفساد وعدم صحة التصريح الصادر منه خاصة أن التقارير الخاصة بعام 2015 لم تكن انتهت، قال جنينة: "هذا كلام غير دقيق، لأن لو كان الجهاز غير معني بتحديد الفساد، ما كانت &وزارة التخطيط طلبت مشاركته في هذه الدراسة، أما بالنسبة إلى التقارير السنوية عن عام 2015 يراجع في ذلك المكتب الفني لأني لا تساعدني الذاكرة&إن كانت انتهت أم لا".

وأضاف أن "الجهاز دأب طول عمله على توصيف الوقائع أو إصباغ أوصاف قانونية عليها، مثلما جرى إهدار المال العام في أعمال وتقاريره السابقة"، وضرب مثالاً بتقارير سابقة أعمل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات سنة 2011، انتهت إلى أن المبالغ المالية التي صرفت كبدلات حضور جلسات قيمتها 100 &مليون جنيه خلال عامين تشكل جريمة إهدار مال عام".