سكارامنغاس: قال قاسم السبسبي السوري الذي لجأ في الخريف الماضي الى المانيا "الأهم ان نكون جميعنا معا، اينما كان" ساعيا الى جمع عائلته عبر الحدود الاوروبية التي تفرق بين افرادها.

ففي الوقت الحاضر ينعم افراد عائلة السبسبي بفرحة اللقاء في سكارامنغاس، المنطقة الصناعية القريبة من مرفأ بيريوس في اثينا، حيث تقيم الوالدة والاولاد الثماني منذ وصولهم الى اليونان في فبراير في مخيم يتسع لحوالى ثلاثة الاف شخص تحيط به رافعات ورش بناء السفن.

وكالعديد من عائلات اللاجئين التي فرق بينها اغلاق الحدود الذي اوقف منذ نهاية فبراير تدفق المهاجرين باتجاه شمال الاتحاد الاوروبي، تبدو عائلة السبسبي مؤهلة للاستفادة من تدابير لم شمل العائلات.

لكن كل الجهات التي لجأت اليها العائلة، من المفوضية العليا للاجئين وادارة المخيم ومنظمة غير حكومية تقدم الاستشارات القانونية، نصحتها بالصبر.
فلا احد يعلم تماما كم قد تستغرق هذه الالية، اشهرا ربما ستة او تسعة او اكثر.

غير ان هذه المهلة لا تحتمل بالنسبة الى قاسم. فالضابط السابق في سلاح الجو السوري البالغ 45 عاما يعاني من سرطان اهمله سابقا و"لا يدري فعلا كم من الوقت" تبقى لديه. فقد دفعه المرض، الى جانب دوافع اخرى، الى التوجه نحو اوروبا في سبتمبر الفائت انطلاقا من تركيا، بعد فرار العائلة كاملة من حلب شمال سوريا قبل ثلاث سنوات.

انذاك كان طريق البلقان ما يزال سالكا، فانطلق من جزيرة ليسبوس اليونانية، نقطة الوصول الاولى، عبر مقدونيا الى بلدة بيبرا في وسط المانيا حيث وجد ملاذه ومنح اقامة لثلاث سنوات مع تغطية طبية. كما تمكن من الحصول على "اجازة 14 يوما" للعودة الى اليونان لمقابلة عائلته.

وفيما تجمعت العائلة كلها في المنزل الجاهز المكيف في المخيم تجنبا للشمس الحارقة، قالت اسراء كبرى اولاد قاسم البالغة 19 عاما "لم نصدق اعيننا عندما رايناه واصلا، كان امرا رائعا".

- وضع "صعب" للاولاد البالغين -
وصلت الوالدة والاولاد الثمانية، واصغرهم فتاتان توأمان في السادسة من العمر، الى ليسبوس اواخر فبراير. لكن فيما وصلوا قبل بدء تطبيق اتفاق الاتحاد الاوروبي وتركيا للهجرة الذي ينص على اعادة جميع الوافدين اعتبارا من 20 مارس الى تركيا، لم يحل ذلك دون بقائهم في الاراضي اليونانية.

ويشاطر مصيرهم عدد كبير من النساء والاطفال السوريين والعراقيين والافغان الذين انتظروا فترة للحاق بازواجهم الذين انطلقوا في صيف 2015 للاستطلاع. في تلك الفترة شدد عدد من الوجهات كالمانيا والنمسا والسويد والدنمارك شروط لم شمل العائلات. اكد قاسم انه، لو لم يكن مريضا وملتزما بمواعيد شهرية لتلقي علاج كيميائي، لكان اختار بشكل شبه مؤكد البقاء في اليونان. فهو، ناهيك عن الانتظار، قلق على مصير ابنتيه الكبريين اسراء وشقيقتها البالغة 18 عاما. واضاف "ابلغوني ان المسألة ستكون صعبة بالنسبة اليهما".

واكد المحامي في المجلس اليوناني للاجئين سبيروس كولوهيريس هذه المعلومات لوكالة فرانس برس، اي ان لم شمل العائلة "ليس تلقائيا للاولاد البالغين، وهو رهن بقرار بلد الاستقبال". تابع ان "ذلك يطرح مشكلة كبرى في حالة البالغين الشباب الوافدين من محيط عائلي محافظ، نظرا الى ظروف الاستقبال في اليونان".

اضاف قاسم "في الثقافة الاوروبية ربما من الطبيعي ترك الاولاد يغادرون منزل العائلة في سن الـ18. لكن لدينا هذا الامر محال، فالفتيات لن يتحملن هذا الانفصال"، الامر الذي ايدته اسراء. كما ان الفتاتين تساعدان والدتهما التي تعاني من مشاكل في عظام الظهر (ديسك) في العناية بالاولاد الاصغر.

وتخفف الزوجة من اشادات قاسم بالضيافة اليونانية مؤكدة "لا اشعر بالامان هنا"، غداة مشاداة بين لاجئين ايزيديين وسوريين في المخيم ادت الى اصابة 11 جريحا. لكن البسمات تعود مع ترديد التوامين الاحرف الابجدية باليونانية، في اطار تلقي دروس يقدمها اساتذة متطوعون. وقالت احداهم بوبي باراسكيفوبولو "لم تبدا حتى الان دروس الالمانية، لكنها واردة في البرنامج. جميعهم يطالبوننا بها".