طهران: عايش مصطفى جويدان الذي يملك محل خياطة في بازار طهران منذ ستين عاما الانقلابات والثورة والحرب، وهو الان ينتظر ما سيحمله رفع العقوبات عن بلاده من ثمار بعد سنة من الاتفاق النووي.

في متجره الصغير الذي اسسه جده في القرن التاسع عشر في عهد السلالة القاجارية، قاوم مصطفى عثرات الزمن وظل متابعا للتوجهات العالمية حتى عندما كانت ايران معزولة عن العالم،&ويقول الرجل الثمانيني ذو العينين اللامعتين خلف نظارته "الاقمشة الفرنسية هي الاكثر اناقة في العالم تليها الاقمشة الايرانية لكن افضلها يصنع في المملكة المتحدة"،&ويستورد المتجر الذي يديره اليوم ابنه سعيد معظم اقمشته من الصين، وهذا احد نتائج تعزيز العقوبات الاقتصادية ابتداء من 2012 ضد ايران.

ويقول سعيد "دفعنا الاوروبيون الى احضان الصين في حين اننا حتى عشر سنوات خلت لم نكن نشتري شيئا منها. ولكن نوعية المنتجات تتحسن. اعتقد ان العقوبات كانت مفيدة للاقتصاد الصيني"،ولا يزال البازار المركز التجاري الرئيسي في طهران حيث يمكن شراء اي شيء من السجاد القديم الى الهواتف الحديثة.

ولم يؤد رفع جزء من العقوبات الدولية على ايران مطلع السنة الى نتائج ملموسة على صغار التجار الذين لا يزالون يتجهون نحو آسيا،&فمعظم الادوات المنزلية المعروضة في السوق من صنع الصين،ويقول علي ماسومي الذي فتح أبوه متجره في البازار في خمسينات القرن الماضي "لدينا ايضا بضائع من ايطاليا والولايات المتحدة لكنها قليلة جدا".

تغييرات نتيجة الاتفاق النووي

ويبدي علي ماسومي شكوكه ازاء التغييرات التي يمكن ان تأتي نتيجة الاتفاق النووي، ويقول "اذا كان سيحدث تغيير فلا بد ان يأتي من الداخل. لكن الحكومة لا ترغب فعلا بذلك"،&ونجحت حكومة الرئيس حسن روحاني الذي تولى الحكم في 2013 في خفض التضخم باكثر من 40% الى نحو 10% حاليا، ولكن كثيرين يعزون ذلك الى التباطؤ الكبير للاقتصاد،&ويأمل روحاني في ان يؤدي رفع العقوبات الى جذب ما بين 30 و50 مليار دولار كاستثمارات سنويا وهو ما تحتاجه ايران لتحقيق نمو من 8%.

ولكن هذه الاستثمارات تأخرت سواء بسبب العقوبات الاميركية على برنامج الصواريخ البالستية الايراني أو حصيلة حقوق الانسان أو دعم ايران لمنظمات تعتبرها واشنطن "ارهابية" مثل حزب الله اللبناني وبعض الفصائل الفلسطينية،&ويقول علي ماسومي "الناس لا يريدون المجازفة بالاستثمار او الانفاق. يريدون ان يطمئنوا الى عدم حدوث تغييرات كبيرة في اسعار الصرف والنظام المصرفي واسعار العقارات"،&ولكن آخرين يرون ان المناخ الايجابي الذي اشاعه الاتفاق النووي اعطى ثماره،&ويقول اسماعيل عيوضي (35 عاما) الذي جاء ليشتري سجادة بعد تحسن اعماله، "تحسنت علاقاتنا مع الشركات الاجنبية بعد الاتفاق وباتت تثق بنا"،&ويملك رجل الاعمال الشاب مصنعا للالعاب يصدر منه الى الدول المجاورة لا سيما العراق واوزبكستان وجورجيا وارمينيا وطاجيكستان،&ويضيف "انا متفائل، فالوضع في السوق سيتحسن والناس لديهم امل بالمستقبل"،&ولكنه يقر بان العراقيل لا تزال مستمرة، لا سيما القيود على استخدام النظام المالي الدولي، فالبنوك الاجنبية وخصوصا الاوروبية تتردد في التعامل مع ايران خوفا من العقوبات الاميركية،&ويؤكد اسماعيل "لا تزال لدينا مشكلات مصرفية. نريد تصدير منتجاتنا الى روسيا ولكننا لا زلنا نواجه مشكلة تحويل الاموال".