اعتبر معارضون سوريون أن تركيا تعيش اليوم حالة جديدة بعد فشل الانقلاب العسكري، وأشاروا الى أن الشعب التركي هو من ربح في الساعات القليلة القادمة عندما نزل الى الشارع وقال كلمته بكل وعي.

بهية مارديني: وصفت المعارضة السورية نورا الدندشي في حديث مع "ايلاف" الشعب التركي بأنه "شعب وطني بكل المقاييس"، وقالت أن الشعب التركي" وضع مصلحة وطنه فوق كل المصالح بدليل أنه حتى أشد المعارضين للرئيس رجب طيب أردوغان ولحزب العدالة والتنمية وقفوا ضد هذه المؤامرة التي استهدفت تركيا بالأمس".

وأضافت" أثبت الشعب التركي أن تركيا عصيّة على جميع المؤامرات”، وأشارت الى "أن الشعب التركي وقف من كل الأطياف السياسية ضد هذا الانقلاب العسكري”، واعتبرت "أن التجربة التركية فريدة من نوعها ، وأثبتت بالأمس ان عصر الطغاة والانقلابات العسكرية قد انتهى ، وأن عصر المؤامرات ايضا قد ولى ، وأنه لا يمكن ان تنجح مؤامرة اي مؤامرة على اية على دولة طالما ان الشعب عند المصائب والمؤامرات يقف صفا واحدا بالامس "، ورأت ايضا أن" الشعب التركي بمختلف اطيافه كالبنيان المرصوص".

ولفتت الى “انه لو أن نجح الانقلاب لكانت دخلت تركيا والمنطقة بأسرها في نفق الحروب والصراعات “، وتابعت "أصبحت على يقين أن أمن المنطقة من امن تركيا فهي كفة القبان وان اختل هذا القبان اختل توازن المنطقة ، وقد اثبتت انها دولة متراصة المؤسسات بكل معنى الكلمة”، وفي النهاية رأت" أنهم أرادوا انقلابا لكن ما حصل كان استفتاء شعبي جديد ، وفازت الديموقراطية فيه بأغلبية ساحقة وهذا ما يبشر بالخير في تركيا مستقبلا”.

اسباب خارجية وداخلية

من جانبه قال المحلل السياسي السوري غياث سحلول في تصريح لـ"ايلاف" ان" ما حدث في تركيا له عدة أسباب خارجية وداخلية “، وعن الاسباب الخارجية قال: "ﻻننسى مواقف أردوغان من الحرب في سوريا واستغلال تصريحاته اﻻخيرة حول اعطاء الجنسية للسوريين، كذلك علاقاته المتوترة مع الغرب وأمريكا من طرف واعادة علاقاته مع اسرائيل، اضافة الى علاقة فتح الله غوﻻن باردوغان والمقيم في بنسلفانيا ".

ولفت الى تزامن اﻻنقلاب مع البيان الصحفي لوزيري الخارجية الروسي والأميركي "لافروف وكيري ، خاصة أن كيري لم يدين اﻻنقلاب في اللحظات اﻻولى، وحتى توضحت الصورة بدأت اﻻدانة من الرئيس الاميركي باراك اوباما”، واعتبر سحلول أن "من كان يدعم اﻻنقلاب خارجيا لم يكن على دراية بالتركيبة البنيوية للشعب التركي”، اما حول الأسباب المرتبطة بالناحية الداخلية فقال "هناك أسباب كثيرة أولها اجتماع مجلس الشورى والذي يعقد سنويا ويتم تسريح وترفيع ضباط الجيش وقياداته ثانيا قوة الدولة ثالثا التحول الذي حصل في تركيا خلال 14 سنة، اضافة الى أن هناك عسكريين وحتى سياسيين كانوا غير راضين عما يجري في الفترة اﻻخيرة، وخاصة تحويل تركيا الى دولة رئاسية اضافة الى أنه يجب أﻻننسى الحرب الدائرة مع اﻻكراد، وأن العلويين اﻻتراك غير راضين عن التدخل في سوريا ".

وحول أسباب فشل الانقلاب بشكل عام قال أن له "عدة اسباب منها أن اردوغان يملك كاريزما خاصة تتيح له تحريك الشارع وكذلك الوضع الديمقراطي واﻻقتصادي اذ ﻻحظنا أن أحزاب المعارضة وقفت ضده ، وتضامنت مع حزب العدالة والتنمية وفور خروج اردوغان ومطالبته ان يخرج الشعب خرجت المئات بل اﻻلاف وكان هناك صدام واضح، لكن ارادة الناس واصرارهم كان له الدور الأكبر".

 كذلك أشار الى "أن أردوغان خلال فترة حكمه استطاع افشال ثلاث محاوﻻت انقلابية واستطاع السيطرة على اﻻمن والمخابرات والشرطة واستطاع قصقصة اجنحة الموالين لفتح الله غوﻻن وهذا ادى الى انقسام ضمن الدولة حيث كان الشعب داعم لهذه اﻻجهزة واستطاع ان يفشل اﻻنقلاب “، اما من الناحية اﻻقتصادية فلفت الى أن "كبار رجال اﻻعمال وقطاع المال دعم الحكومة الحالية حتى يستمر اﻻستقرار اﻻقتصادي ﻻن اﻻنقلاب سيؤدي الى تدهور كبير ".

النضج الوطني

وقال المعارض السوري محمد صبرا ان الشعب التركي والأحزاب السياسية في تركيا وقوات الجيش والأمن اظهرا الكثير من النضج الوطني الذي يدعو للإعجاب ، واضاف:” ان فشل الانقلاب لأسباب كثيرة من أهمها وقوف الشعب بشكل حاسم دفاعا عن إرادته الحرة ودفاعا عن قيم الديمقراطية التي أثبتت أنها نظام الحكم القادر على إدارة البلاد بشكل رشيد”، ولفت الى ان" موقف الأحزاب السياسية المعارضة والأشد عداء لحزب التنمية والعدالة كان موقفا مشرفا ووطنيا بامتياز ، ولم يكونوا انتهازيين متلونين، وهذا يدل على نضج هذه الأحزاب ولا سيما حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطية وحزب الحركة القومية ، هم لم ينظروا لما حدث أنه قد يشكل فرصة لهم للخلاص من حزب العدالة ، بل رؤوا فيه تهديدا لقيم الديمقراطية التي أثبت الجميع أنهم مؤمنين بها”.ولفت الى “ أن موقف الجيش التركي ومن ضمنهم موقف الإنقلابيين أنفسهم ، لم يمارسوا ذلك العنف المجنون ، ولم يفتحوا النار على المدنيين ، وكل عمليات القصف التي قاموا بها ، كانت لمقار حكومية ورسمية بعيدا عن تعريض المواطنين للخطر”، 
وأكد ان قوات الجيش الموالية للحكومة المنتخبة والتي رفضت الانقلاب ، لم تنزل إلى الشوارع لتخوض حربا مع الانقلابيين وهذا موقف رائع يعبر عن رفض الجيش لإحداث حالة انقسام بين صفوفه ، وترك الأمر لقوات الأمن والشرطة لضبط الأمور وذلك لتجنيب الجيش أي هزة عنيفة من داخله . 

رفع العلم التركي

ولقد تم رفع العلم التركي ، وليس رايات الأحزاب وصور الزعماء هي التي واجهت الدبابات الانقلابية ، هذا تعبير عن الحالة الوطنية الجامعة، كما انه لم يتم إذلال وإهانة الجنود المشاركين بالانقلاب وضربهم أثناء اعتقالهم ، بل تم الاكتفاء باعتقالهم تمهيدا لمحاكمتهم بكل احترام لهم .
وختم صبرا بالقول:” إن هذه الدروس يجب أن يتعلمها السوريون مواطنون معارضون أو مؤيدون وكذلك السياسيون والفصائل المقاتلة ، ومشكلتنا أن البعض يتناقض مع نفسه إلى حد الجنون والعبث الفكري والأخلاقي ، فهو ضد الانقلاب وبنفس الوقت يعتبر الديمقراطية كفر ، أو هو علماني يتشدق بالديمقراطية ويتمنى قيام الجيش بسحق الحكومة المنتخبة . هذا تعبير عن انفصام في الحالة الفكرية فضلا عن انحدار إخلاقي ، من يقف مع الحكومة المنتخبة يجب ان يكون وقوفه مع الديمقراطية لأنها اسلوب حياة راق يحترم إرادة الإنسان وإنسانيته”.