تؤثر حملات الاعتقال والملاحقة التي تشهدها تركيا عقب محاولة الـ 15 من تموز / يوليو الفاشلة بشكل كبير على حرية الاعلام، وذلك في بلد يتعرض فيه الصحفيون اصلا الى مضايقات تصل الى حد الاعتقال. فقد أصدرت السلطات التركية، كجزء من حملة تطهير الجيش ومؤسسات الدولة ممن تقول إنهم اتباع رجل الدين المنفي في الولايات المتحدة فتح الله غولن، مرسوما اغلقت بموجبه 131 مؤسسة اعلامية لعلاقتها المزعومة بحركة "حزمت" التي يتزعمها غولن. وتتهم الحكومة التركية غولن بالتخطيط للمحاولة الانقلابية، وهي تهمة ينفيها رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة نفيا قاطعا. ومن الجدير بالذكر ان سجل تركيا في مجال حرية الاعلام لم يكن سجلا باهرا اصلا، إذ ادرجتها منظمة صحفيون بلا حدود في قائمة مؤشر حرية الصحافة في العالم في المرتبة 151 من مجموع 180 بلدا. ويشير عدد المؤسسات الاعلامية المستهدفة حاليا الى ان المساحة التي تستطيع الاصوات المعارضة ان تنشط فيها قد انكمشت بشكل كبير. احدى الصحف التي صدر بحقها قرار اغلاق هي صحيفة زمان، التي اتخذت موقفا منتقدا للحكومة بعد تصدع العلاقة بين غولن من جهة والرئيس رجب طيب اردوغان من جهة ثانية في عام 2013. وكانت الصحيفة اخضعت لسيطرة الدولة في وقت سابق من العام الحالي. وصحيفة طرف اليومية صدر بحقها قرار اغلاق هي الاخرى. ويصف البعض هذه الصحيفة بالمعارضة، ولعبت دورا مهما في "قضية ارجينيكون" الشهيرة التي شهدت سلسلة من اكثر من 200 محاكمة لصحفيين وجنرالات اتهموا بالتآمر على الحكومة. وتعرضت معايير طرف المهنية لانتقادات قوية بعدما اتضح ان بعض الوثائق التي نشرتها والتي تدين بعض المتهمين كانت وثائق مزورة. وصدرت اوامر اغلاق المؤسسات الاعلامية عقب اصدرا مذكرات اعتقال في وقت سابق من الاسبوع الحالي بحق 89 صحفيا. وثمة مؤشرات الى ان الحكومة تستغل المحاولة الانقلابية الفاشلة مبررا لاستهداف الصحفيين المعارضين، فالصحفية نازلي ايلتشاك اعتقلت مؤخرا وسط استغراب كبير. فقد قالت صحيفة T24 الالكترونية "ما معنى اعتقال نازلي ايلتشاك، التي قضت جل حياتها في مقارعة الانقلابات؟" بولنت موماي صحفي آخر القت السلطات القبض عليه. كان بولنت الفائز بعدة جوائز يعمل في صحيفة حريت اليومية، وهو ينفي اي دور في المحاولة الانقلابية الفاشلة وعبر عن احتجاجه على اعتقاله بنشر صورة لبطاقة هويته الصحفية على تويتر مع تعليق يقول "هذه هي المنظمة الوحيدة التي انتمي اليها." ولم تتسم علاقة الحكومة بوسائط التواصل الاجتماعي بالسلاسة ايضا، ولكن الرئيس اردوغان لم يتورع عن اللجوء الى هذه الوسائط ليلة المحاولة الانقلابية لتعبئة مؤيديه ضد الانقلابيين - وذلك رغم الانتقادات التي كان يكيلها لتويتر على سبيل المثال. وكانت الحكومة التركية حجبت تويتر بشكل مؤقت في آذار / مارس 2014 بعد ان هدد اردوغان "بسحقها" لأن الخدمة كانت تستخدم لنشر ادعاءات الفساد بحقه وحق ابنه، وهي ادعاءات ينفيها الرئيس التركي.
- آخر تحديث :
التعليقات