شن الطيران الروسي غارات مكثفة الثلاثاء على جنوب مدينة حلب مؤازرة لقوات النظام السوري، ما أبطأ الهجوم الذي تشنه الفصائل المعارضة، في محاولة لتخفيف الحصار عن الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرتها في المدينة.

بيروت: مع استمرار حدة المعارك، حضّ وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاثنين النظام السوري وحليفته روسيا والفصائل المعارضة على ضبط النفس في المعارك الدائرة في هذا البلد ولا سيما في مدينة حلب.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان "الغارات الروسية المكثفة لم تتوقف طوال ليل الاثنين الثلاثاء" على جنوب غرب حلب.

تقدم النظام
وتدور منذ الاحد معارك غير مسبوقة بعنفها بحسب المرصد، بين قوات النظام وحلفائها من جهة والفصائل المعارضة والمقاتلة وبينها تنظيم فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) من جهة اخرى.

وبحسب عبد الرحمن، ادت الغارات الروسية الى "ابطاء الهجوم المضاد الذي تشنه الفصائل، وسمح لقوات النظام باستعادة السيطرة على خمسة مواقع من اصل ثمانية كانت الفصائل المعارضة قد استولت عليها من دون ان تتمكن من تعزيز مواقعها".

ويسعى مقاتلو الفصائل من خلال هجومهم الاخير الى استعادة السيطرة على حي الراموسة الواقع على الاطراف الجنوبية الغربية لحلب، ما سيمكنهم من فتح طريق امداد نحو الاحياء التي يسيطرون عليها في شرق وجنوب شرق حلب من جهة، وقطع طريق امداد رئيسي لقوات النظام والمدنيين في الاحياء الغربية من حلب من جهة اخرى.

وتشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة وتبادلا للقصف بين الفصائل المقاتلة في الاحياء الشرقية وقوات النظام التي تسيطر على الاحياء الغربية. وتحاصر الاخيرة بالكامل الاحياء الشرقية منذ 17 يوليو، ما اثار مخاوف من ازمة انسانية تطال نحو 250 الف شخص يعيشون في شرق حلب.

واسفرت المعارك بين الطرفين منذ بدء الهجوم الاحد عن مقتل خمسين شخصا من الفصائل المقاتلة والعشرات من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، بحسب المرصد. كما قتل نحو ثلاثون مدنيا جراء قذائف اطلقتها الفصائل المقاتلة على الاحياء تحت سيطرة قوات النظام في حلب.

وبحسب مصدر عسكري سوري، يشارك نحو خمسة الاف مقاتل موالين للنظام في المعارك المحيطة بحلب، بينهم مقاتلون ايرانيون وعناصر من حزب الله اللبناني.

الفرصة الاخيرة
وبحسب المرصد، يعد هذا الهجوم الاكبر للفصائل المقاتلة منذ الهجوم الذي شنته في العام 2012 ومكنها من السيطرة على نصف مساحة المدينة التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا.

ويرى عبد الرحمن ان "هذه المعركة هي الفرصة الاخيرة لمقاتلي المعارضة"، موضحا "ان خسروها فسيكون من الصعب لهم ان يشنوا هجوما اخر لفك الحصار". ويضيف "بالنسبة الى النظام ايضا، انها مسألة حياة او موت. فهو يعدّ منذ اشهر لهذه المعركة وخسارتها ستشكل ضربة قاسية لقواته".

في موازاة ذلك، نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" الثلاثاء ان "عشرات العائلات خرجت اليوم من الاحياء الشرقية عبر ممر الشيخ سعيد جنوب المدينة". وذكرت ان "عددا من المسلحين سلموا أنفسهم واسلحتهم الى عناصر الجيش العربي السوري لتسوية أوضاعهم".

واعلنت موسكو الخميس عن فتح "ممرات انسانية" من الاحياء الشرقية امام المدنيين والمسلحين الراغبين بالمغادرة. وافاد الاعلام السوري الرسمي في عطلة نهاية الاسبوع بخروج عائلات عدة وعدد من مقاتلي الفصائل من شرق حلب، لكن ناشطين معارضين وسكان محليين نفوا صحة ذلك، واصفين تلك الانباء بانها "اكاذيب".

على جبهة اخرى، افاد المرصد السوري برصد "عشرين حالة اختناق في بلدة سراقب في محافظة ادلب (شمال غرب) الثلاثاء" ونقل عن سكان البلدة "اتهامهم قوات النظام بالقاء غاز الكلورين" من دون ان يتمكن من تأكيد صحة ذلك. وكان المرصد افاد صباحا عن "قصف طائرات مروحية بالبراميل المتفجرة ليل امس مناطق في بلدة سراقب".

تاتي هذه الاتهامات غداة مقتل خمسة جنود روس الاثنين اثر اسقاط مروحية كانوا يستقلونها في ريف سراقب الشمالي الشرقي.&ويسيطر "جيش الفتح" وهو عبارة عن تحالف فصائل اسلامية على رأسها جبهة فتح الشام على محافظة ادلب منذ الصيف الماضي.

مؤشرات مقلقة
ومع استمرار المعارك على اكثر من جبهة، اعتبر وزير الخارجية الاميركي في مؤتمر صحافي الاثنين انه "من الضروري أن توقف روسيا ونظام الأسد الهجمات، كما هو من مسؤوليتنا حض المعارضة على الا تكون طرفا في هذه العمليات" لا سيما في حلب.

واعترف كيري ضمنا بفشل مشروع بدء مرحلة الانتقال السياسي والذي كان مقررا في الأول من أغسطس. وقال "حدد هذا التاريخ في سياق التوافق على ان الاطراف المعنية ستتمكن من الحضور الى المباحثات وستباشر التفاوض على الفور"، مضيفا "لكن بسبب الهجمات المستمرة التي يشنها نظام الاسد وجدت المعارضة نفسها عاجزة عن الحضور الى جنيف للمشاركة في المفاوضات في حال لم تتوقف المواجهات".

واضاف "هذه الايام مهمة لتحديد اذا كان اي من نظام الاسد او روسيا سيحترم توصيات الامم المتحدة ام لا"، موضحا ان "المؤشرات حتى الان مقلقة جدا للجميع". وتابع "سنرى خلال الساعات القليلة المقبلة ما اذا كان في امكاننا تغيير هذه المعادلة".

وأعرب مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا قبل اسبوع عن امله في استئناف محادثات السلام السورية "اواخر اغسطس"، معتبرا أنه لا يمكن للمحادثات أن تنتظر تحسن الأوضاع في دمشق وحلب.