بغداد: يواجه البرلمان العراقي انتقادات حادة وازمات متلاحقة وسط تحديات الحرب على الجهاديين والازمة الاقتصادية والفساد المستشري، التي يبدو عاجزا عن معالجتها.

ويشهد مجلس النواب او البرلمان الذي يفترض انه يشكل حجر الاساس في الحياة السياسية، حالة شلل بعد سلسلة من المشاكل كان اخرها اتهامات لرئيسه وبعض اعضائه بالفساد، ما عزز قناعة لدى الغالبية العظمى من العراقيين بعدم جدوى هذه المؤسسة التي يفترض بها تقرير مصير البلاد. 

وقال علي مجيد السعدي (26 عاما) في احد الشوارع التجارية في بغداد "جميع مشاكلنا بسببهم" في اشارة الى اعضاء مجلس النواب. واضاف "انهم مختلفون فيما بينهم ما انعكس على الشعب".من جهته، رأى سيف الدين الخزعلي (33 عاما) الذي يعمل خبير تجميل "ليس لدي اي ثقة (بالبرلمان) ولا اثق باي نائب". واضاف وهو يرد باستياء على سؤال عن رأيه في البرلمان، ان النواب "لا يمثلون الشعب".

وكانت آخر ازمة شهدها البرلمان هي اتهامات وجهها وزير الدفاع خالد العبيدي الى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بالفساد والابتزاز، ودفعت اتهامات وزير الدفاع السلطات القضائية الى منع سفر الجبوري واثنين من نواب البرلمان. في المقابل قدم الجبوري شكوى ضد العبيدي بتهمة التشهير والقذف.

ولم يتمكن البرلمان في بداية العام الجاري وعلى امتداد عدة اسابيع، من التوصل الى اتفاق لدعم جهود رئيس الوزراء حيدر العبادي لتشكيل حكومة وزراء تنكوقراط بسبب معارضة الاحزاب الكبيرة التي تسيطر على مقدرات البلاد. 

وشهد البرلمان حالة من الفوضى العارمة المتكررة وسط مطالب بالاصلاح. وقد وصل الامر الى حد اعتصام عشرات من نوابه وخلافات بلغت حد المطالبة باقالة رئيس المجلس ما دفع اخرين من اعضائه لرئاسة بعض جلساته بدلا عن الجبوري،كما اقتحم متظاهرون اثر غضب على اعضاء المجلس، المنطقة الخضراء حيث يقع البرلمان، وسيطروا على المبنى لعدة ساعات، وقال زيد العلي الخبير الدستوري ومؤلف كتاب "الصراع على مستقبل العراق" ان الثقة في البرلمان بلغت ادنى مستوى لذلك قد لا تؤثر المشاكل الاخيرة على حجم هذه الثقة كثيرا.

نكتة! 

يقول العلي ان "العراقيين البسطاء يعتبرون المؤسسة (البرلمان) نكتة"، وتتزامن كل هذه الامور مع الازمات الاكثر خطورة التي يمر بها العراق في الوقت الحاضر، ويمكن للبرلمان ان يلعب دورا للوقوف بوجه تلك المشاكل لو كان الحال غير ما هو عليه. 

ويخوض العراق حربا ضد تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف الذي استطاع بعد هجوم شرس في حزيران/يونيو 2014، السيطرة على مناطق واسعة في شمال وغرب البلاد، وسط تحذيرات من الامم المتحدة من ان الخلافات السياسية ستخدم الجهاديين، كما يواجه العراق ازمة مالية حادة جراء انخفاض اسعار النفط الذي يعد المورد الرئيسي لميزانية البلاد. وتيزامن ذلك مع سوء الادارة والكسب غير المشروع وتصاعد الغضب بسبب انتشار الفساد وسوء الخدمات في عموم البلاد.

وبينما يعاني البرلمان من مشاكل متكررة في التأخير، عدم فاعليته في اقرار التشريعات ليس جديدا والمؤسسة التي كان يفترض ان تكون واحدة من الهيئات الاساسية للحكم لا تقوم بدورها، ويرى العلي ان "مجلس النواب العراقي كان واحدا من اقل المؤسسات فاعلية منذ 2005". 

عدم تشريع القانون

واكد النائب احمد المساري عن اتحاد القوى اكبر ممثلة للسنة في المجلس، ان "البرلمان لم يكن بالمستوى الذي نطمح له لعدم تشريع قوانين مثل العفو العام والمسائلة والعدالة والنفط والغاز والسبب هو الحاجة الى توافق بين الكتل السياسية". واضاف ان "الخلافات السياسية وعدم التوافق السبب لعدم وصول البرلمان للمستوى المطلوب ".

واعتبر العلي ان "هذا الامر يسبب مشكلة لان دستورنا اسس لعراق برلماني ديموقراطي، ووضع البرلمان في مركز جميع نشاطات الدولة"، ويعمل نواب البرلمان وفقا لتوجهات احزابهم السياسية والطائفية والقومية بدلا من السعي باتجاه وطني، الامر الذي يخلق مشاكل للمجلس. 

 لا توجد جبهة معارضة رسميا في داخل البرلمان اذ ان جميع الاحزاب تشارك بوزراء داخل الحكومة ومن السهل منح اصواتها. لكن يبقى الامر في غاية الصعوبة عند الحاجة لتمرير قوانين وطرح امور مثيرة للجدلواشار العلي الى انه "في القضايا الحيوية مثل الامن، كان البرلمان غير قادر على تمرير اي تشريع تقريبا". واضاف ان "الاصلاح الواسع في العراق غير ممكن، لان البرلمان مؤسسة ليست كفوءة". 

وكان يمكن ان يسمح مجئ نواب جدد بتحسين الوضع، لكن الانتخابات القادمة مقررة فيم 2018، وحتى هذا لا يمكن ان يضمن تحسن اوضاع البلاد، لذلك يبدو العراقيون مضطريم الان للتعايش مع اوضاع بلادهم في ظل برلمان لا يؤمنون بقدراته ولا يحملون له اي ثقة، ويرى علي حسون صحافي عراقي، ان مجلس النواب "مؤسسة غير ضرورية، ومن الافضل ان يلغى".