حياتها مليئة بالإثارة، فمن بريطانيا إلى إدلب فالرقة ومن التحرر إلى التطرف، إنها "الأرملة البيضاء" التي تعرفت إلى قيادي داعشي عبر الانترنت لتهاجر في ما بعد وتتزوجه، وبعد مقتله ازداد تطرفها، وباتت تدرّب مهاجرات على تنفيذ هجمات في الغرب.
إيلاف من لندن: تتصدر البريطانية الهاربة سالي جونز منذ أكثر من عامين قائمة أخطر الإرهابيات المطلوبات في العالم. ومنذ أن هربت جونز من جنوب انكلترا إلى سوريا للزواج بالجهادي البريطاني جنيد حسين، كانت حفنة من الرسائل على شبكات التواصل الاجتماعي هي كل ما يتوافر من خيوط أو أدلة على حياتها في دولة "الخلافة" التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
من إدلب إلى الرقة
لكن ناشطين في سوريا ومنشقًا عن داعش يقيم الآن في جنوب تركيا قدموا معلومات عن حياة جونز وابنها، البالغ من العمر 11 سنة، جو ديكسون، في مقابلات أجرتها معهم صحيفة دايلي تلغراف.
وبحسب وثائق مسربة من داعش، فإن حسين، الذي كان يعيش في مدينة برمنغهام، عبر من تركيا إلى سوريا في صيف 2013، وبعد ستة أشهر عبرت جونز للالتحاق بحبيبها ذي التسعة عشر عامًا، الذي تعرفت إليه على الانترنت، وهامت به على الفور.
الجهادي البريطاني جنيد حسين الذي تزوجته سالي ويصغرها بعشرات السنين |
تزوج الاثنان فور وصول جونز إلى سوريا أمام عدد من الشهود في حفل زفاف صغير في إدلب. واعتنقت جونز الديانة الإسلامية رسميًا، وغيَّرت اسمها إلى سكينة حسين، واسم ابنها إلى حمزة.
وقال ناشط في شبكة "الرقة تُذبح بصمت" إن العروسين انتقلا إلى الرقة، حيث انفصلا، لتذهب هي إلى معسكر جنوب غرب المدينة، فأمضت ستة أسابيع من الاختبارات، بهدف التوثق من ولائها وتعليمها الشريعة كما يفهمها داعش. وبعد بضعة أسابيع تزوج حسين، الذي يجيد القرصنة الالكترونية، بامرأة ثانية، هي سورية من الرقة. ويُعتقد أن الزوجتين عاشتا في بيت واحد في شارع النور في أحد الأحياء الراقية في وسط المدينة.
مشجعة على الذبح
وقال الناشط لصحيفة دايلي تلغراف إن "جميع مقاتلي داعش متزوجون بامرأتين، وزوجة حسين الثانية لم تكن أيزيدية أو مسيحية مثل غالبية الأخريات، بل كانت مسلمة من أهل المنطقة، كما طلب هو".
تبيّن تغريدات على تويتر أن جونز، التي بدأت تستخدم لقب أم حسين البريطاني، قبلت بزواج حسين بامرأة ثانية، وظلت تتغنى بالحياة الرائعة في دولة الخلافة، داعية أنصار داعش إلى تنفيذ هجمات ضد الغرب، ومدافعة عن عمليات الذبح، التي كان داعش ينشرها على الانترنت.
تضليل أمني
ويُقدر أن جونز جنّدت عشرات النساء في صفوف داعش بهذه الطريقة قبل أن يُغلق حسابها. ويشير آخر ما نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الأرملة البيضاء في الموصل، لكن ناشطين يقولون إن الإيحاء بوجودها هناك مناورة لتضليل أجهزة المخابرات التي تطاردها.
الأرملة البيضاء قبل الجهاد وبعده |
لكن جونز غادرت في مايو عام 2015 إلى الموصل مع حسين. وقال الناشطون الذين علموا بسفرهما إن حسين انتقل إلى الموصل بطلب من قادة داعش "لبناء تكنولوجيا رادارية".
سرعان ما ارتقى حسين في صفوف داعش لقدراته التكنولوجية، وخاصة في مجال القرصنة الالكترونية. وبسبب أنشطته هذه أدرجته الولايات المتحدة على قائمتها السوداء، حيت لم يتقدم عليه إلا أبو بكر البغدادي ومحمد موازي، الذي كان معروفًا بلقب "جهادي جون".
لم تتزوج بعده
في أغسطس عام 2015 قُتل حسين إثر ضربة جوية وجّهتها طائرة من دون طيار حين كان في سيارته. وكان مقتله خسارة كبيرة للتنظيم، وربما خسارة أكبر لزوجته سالي جونز، التي ظلت أرملة في سن السابعة والأربعين، فيما تزوجت امرأته الأخرى الأصغر سنًا بجهادي آخر.
وقال الجهادي المنشق، الذي تحدث لصحيفة دايلي تلغراف، إن "أم حسين لم تتزوج، وهي تُعد كبيرة السن، ومقاتلو داعش يفضلون الشابات".
وأفادت مصادر أن الأرملة البيضاء انتقلت في فبراير من هذا العام إلى شقة في شارع الثكنة في جنوب الرقة مع عائلتي مجاهد فرنسي وآخر أوزبكي تسكنان في العمارة نفسها.
تدريب المهاجرات
بعد مقتل زوجها حسين أناط داعش بالأرملة البيضاء مهمة تدريب "الجهاديات" الأوروبيات أو "المهاجرات". وتولت جونز قيادة الجناح النسائي السري لكتيبة أنور العولقي، وهي وحدة استحدثها زوجها، وتتألف من المقاتلين الأجانب حصرًا، ومهمتها التخطيط لهجمات في الغرب وتنفيذها.
كانت جونز تعلم "الجهاديات" استخدام السلاح والقتال وتنفيذ عمليات انتحارية ضد أهداف غربية. وهي تتقاضى من داعش راتبًا شهريًا يبلغ 700 دولار زائد مخصصات قدرها 300 دولار تُدفع كل فترة لكونها أرملة جهادي "شهيد". وبحسب معلومات الناشطين، فإن جونز أصبحت "أكثر شراسة" بعد مقتل حسين، وازدادت كراهيتها للغرب.
وأكد منشق سوري، ترك صفوف داعش، وهرب إلى غازي عنتاب في تركيا، دور الأرملة البيضاء، قائلًا: "إن داعش يحترمها لأنها أرملة جنيد حسين، الذي كان مهمًا جدًا في التنظيم".
رسائل تشجيعية
أضاف المنشق، الذي قدم نفسه باسم أبو رحمن، "إنهم يريدون أن يوجّهوا رسالة إلى مقاتليهم المهمين بأنهم سيحترمون عائلاتهم ويضمنون لهم حياة مريحة بعد مقتلهم". لكنه أوضح أن "أم حسين متنفذة عن جدارة، وهي السبب في تمكن داعش من تجنيد الكثير من الفتيات الغربيات للمجيء إلى الرقة. إذ ليس من السهل إقناع فتاة مسيحية ترقص على موسيقى الروك بأن تصبح متطرفة".
إحدى تغريدات جونز على تويتر |
وتشير المعلومات إلى أن سالي جونز أو أم حسين واحدة من امرأتين فقط تنهضان بأدوار قيادية في داعش، والثانية هي العراقية أم سياف، أرملة المسؤول المالي السابق للتنظيم.
وقال الخبير في مكافحة الإرهاب ومستشار عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي مايكل سمث لصحيفة دايلي تلغراف إن شكوكًا ساورته منذ زمن طويل بأن الأرملة البيضاء أكثر من "عروس جهادية". وأشار سمث إلى أن استخدام مقاتلات وانتحاريات، لا سيما نساء قُتل لهن رجال، أصبح ممارسة شائعة في داعش.
تأهيل الابن
وكانت السلطات الفرنسية أحبطت يوم الأحد هجومًا في وسط باريس خططت لتنفيذه أول خلية نسائية بالكامل تنتمي إلى داعش في الغرب. كما سجلت جونز ابنها جو في معسكر الأشبال للصبيان دون سن الرابعة عشرة في منطقة طبقة في غرب الرقة، حيث يجري تعليمهم العربية والانكليزية والفرنسية، وتأويل داعش للشريعة، واستخدام السلاح، ليتمكنوا من الالتحاق بالوحدات القتالية الميدانية.
... ومع ابنها جو ديكسون الذي أصبح اسمه لاحقًا حمزة |
وظهر صبي بريطاني في شريط فيديو دعائي نشره داعش أخيرًا. لكن تغريدة على تويتر باسم سالي جونز يوم الأحد نفت أن يكون الصبي ابنها، وقالت إنه شبل "باسل" آخر من أشبال الخلافة.
ويقدر الناشطون أن لدى داعش ما بين 3000 و3500 مقاتل، ما زالوا في مدينة الرقة، 1200 منهم عرب غير سوريين، و400 إلى 500 مقاتلون أجانب. وأرسل المقاتلون عائلاتهم إلى أرياف الرقة تحسبًا لهجوم يجري الحديث عنه منذ فترة لطرد داعش من المدينة.
مدن أهم من الرقة
وقال ناشط ترك الرقة في إبريل الماضي إنه لا يعتقد أن داعش سيقاتل بضراوة من أجل الرقة، مؤكدًا أن "المدينة ليست مهمة إلا في الإعلام، ولكن أماكن حقيقية مثل دير الزور والبوكمال (جنوب غرب سوريا قرب الحدود الأردنية) أهم للتنظيم".
عن الحياة في المدينة، قال مواطنون من سكانها، إن هناك أزمة في المواد الغذائية، وبسبب عدم وجود منشآت تصفية أصبح الماء غير صالح للشرب.
الغالبية تريد الخلاص
وأكدت أم وسيم من سكان الرقة لصحيفة دايلي تلغراف حدوث الكثير من حالات التسمم بسبب الماء الملوث. وقالت "تعيّن عليّ أن أطلب من عائلتي في خارج سوريا أن يرسلوا إلينا 500 دولار لشراء فلتر ماء كي لا نموت من العطش". وتقدر أم وسيم أن "2 في المئة فقط من السكان راضون بالعيش تحت سيطرة داعش، لكنهم قلة نادرة من المنتفعين ماليًا من حكم داعش، وغالبيتنا تنتظر تحرير المدينة والخلاص من هذا الجحيم".
أعدت "إيلاف" المادة نقلًا عن صحيفة دايلي تلغراف
يمكنكم قراءة المادة الأصل على الرابط:
http://www.telegraph.co.uk/news/2016/09/11/revealed-isil-white-widow-sally-joness-role-in-training-female-r/
التعليقات