أثارت فتاة مصرية الجدل، عندما نسبت طفلها إلى نفسها، بعدما رفض أبوه الاعتراف به، وأشركت "إيلاف" القراء في الجدل، وطرحت عليهم السؤال الآتي: "هل تؤيد نسب الطفل إلى أمه في حال رفض الأب الاعتراف به؟"، فأيّدت الغالبية منهم هذا المسلك.

إيلاف: في خطوة صادمة، قررت الفتاة المصرية هدير مكاوي، نسب طفلها آدم إلى نفسها، بعدما رفض الأب الاعتراف به، وأطلقت عليه اسم "آدم هدير مكاوي"، وتسببت في عاصفة من الجدل الديني والاجتماعي في مصر والعالم العربي.

وبينما أيّد البعض الفتاة، ووصفها بـ"الجريئة التي تواجه المجتمع الذكوري"، وصمها البعض الآخر بـ"الزانية"، وطالب بإقامة الحدّ عليها، وخاضت "إيلاف" في ذلك الجدل بشكل إيجابي، وطرحت السؤال الآتي على القراء: "هل تؤيد نسب الطفل إلى أمه في حال رفض الأب الاعتراف به؟، وخيّرتهم بين "نعم" و"لا".

نماذج كثيرة
شارك 1551 قارئًا في الاستفتاء، وأيّدت الغالبية الكاسحة منهم مسلك هدير مكاوي، وبلغ عدد تلك الغالبية 1249 قارئًا، بنسبة 81 بالمائة من المشاركين، بينما رفضت الأٌقلية، وتقدر بـ302 قارئ، بنسبة 19 بالمائة، نسب الطفل إلى الأم في حال رفض الأب الاعتراف به.

لم تكن &المصرية هدير مكاوي الأولى، ولن تكون الأخيرة، بل سبقتها مهندسة الديكور هند الحناوي، عندما خاضت معركة طويلة ضد الفنان أحمد الفيشاوي، الذي رفض الاعتراف بابنته، وانتصرت في النهاية. وأخيرًا خاضت الفنانة زينة المعركة نفسها ضد الفنان أحمد عز، وانتصرت أيضًا بحكم قضائي، نسب طفليه إليه جبرًا.

أطلقت هدير مكاوي مع الجدل ظاهرة جديدة في مصر، هي "single mother"، وبعيدًا عن المؤيدين والمعارضين لتلك الظاهرة، فإن هناك علماء من الأزهر الشريف أكدوا أن من حقها الجهر بمطالبها في نسب طفلها إلى والده، حتى ولو لم تكن هناك أية أوراق ثبوتية.&

أخطاء أسرية
واتهم الداعية الإسلامي عبد الله رشدي، الأسر العربية بارتكاب أخطاء في حق أبنائهم، لاسيما "العاشقين"، وقال: "جملة من الأخطاء اشتركت كل الأطراف فيها بأقدار متفاوتة.. أسرتان وقفتا في وجه عاشقين لأسباب غير مبررة، ولم يرعيا حبهما، وظنا أنه أمر لا يكترث له"، مشيرًا إلى أن "رسول الإنسانية حث الأهل على لم شمل المحبين، وجمع شتات العاشقين، ولو كان أحد الطرفين فقيرًا، وليس للأهل هوى فيه".

وأضاف: "لقد جاء رجل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال إن عندنا يتيمة، وقد خطبها رجل معدم ورجل موسر، وهي تهوى المعدم، ونحن نهوى الموسر، فقال صلى الله عليه وسلم: لم يرَ للمتحابين مثل النكاح.. وبنت قررت التمرد على أهلها، وركبت الصعب، وخرجت عن الذوق العام، متحدية الجميع، وقد يكون التحدي مطلوبًا، ولكن التمرد المطلق من دون قيد ولا روية ليس شجاعة ولا قوة بقدر ما هو شذوذ وتهور".

استطرد مدافعًا عن هدير مكاوي ومن هنّ في مثل موقفها: "إنني وإن كنت أرفض ما فعلته هدير وأدينه، ولا أراه صوابًا، بل تهورا وخطأ محضا، غير مقبول، وخروجًا عن الذوق العام وبعدًا عن المألوف أدبيًا ومعنويًا، ولكنني أراها أكثر رجولة وقدرة على تحمل المسؤولية من ذكرها، الذي ساومها على حملها، ومن أهلها، الذين لم يتحلوا بأية رحمة أو قدر ضئيل من الذكاء الاجتماعي كي يحموا عرض ابنتهم من القيل والقال".

الإشهار ليس ركنًا
ورفض الداعية الإسلامي اتهامها بالزنا، وقال في تصريح له: "إلى أولئك الذين يتهمونها بالزنا.. دعوني أهمس في أذنكم مذكرًا بأن مذهب أبي حنيفة يرى في الأب وكيلًا لا وليًا، وأن هذا المذهب هو المعمول به في مصر منذ قرون خلت من الزمان.. وقد قرر الأئمة الثلاثة ذلك في مذاهبهم ما يفيد أن من تزوجت من دون ولي وفق مذهب أبي حنيفة، فإن نكاحها صحيح، ولا يسوغ رميها بالزنا.. ولعل البعض يتساءل عن الإشهار، والإشهار إنما هو من سنن عقد النكاح، لا من أركانه، على ما تقرر في فقه جماهير أهل السنة والجماعة".

وأشار إلى أن توثيق الزواج مهم في هذا العصر: "تبقى مسألة قضية توثيق النكاح، وهي غير شرط في صحة عقد النكاح، اتفاقًا، لكنه يجب الأخذ بها في هذا الزمن صيانة للأعراض، وحفظًا للأنساب من الاختلاط، لاسيما وقد كثر أشباه الرجال ممن لا يتقون الله، ولا يعرفون شيئًا عن الشهامة والرجولة، اللتين تأبيان على الإنسان أن يفعل مثل ذلك".

في المقابل، تقدَم المحامي سمير صبري ببلاغ إلى النائب العام ضد هدير مكاوي، متهمًا إياها بالزنا. وقال في بلاغه: "من خلال صورة تجمعها بطفلتها التي لم تبلغ سوى ساعات قليلة، نشرت هدير مكاوي منشورًا عبر حسابها على فايسبوك أعلنت فيه قدوم طفلتها إلى العالم، والتي قررت الاحتفاظ بها، بعد رفض والدها الاعتراف بها، مؤكدة أنها اتخذت قرار الاعتناء بالطفلة بمفردها".

لا تناسب ديننا
استشهد المحامي بتصريحات للدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر قال فيها: "إن ما سمعنا عنه عن الفتاة التي تسمى "هدير مكاوي" يُعد نموذجًا غريبًا عن المجتمع المصري والعربي ويثير القلق".

أضاف أن "هذه التجربة الغريبة لا يقرُّها الدين الإسلامي، ولا تناسبنا إطلاقًا، ولو كانت تناسب المجتمعات الغربية، فنحن لا علاقة لنا بذلك، إذ إن هويتنا إسلامية، ومجتمعاتنا لا بد أن ترفض هذه الأعمال التي يروِّجها الغرب، ونحن نحذر منها".

ووصف العلاقة التي أنتجت الطفل بـ"الزنا"، حتى ولو كان بعض أهلها يعرفون، لكن الزواج افتقد شروطًا مهمة كـ"عقد الزواج" و"الوليّ"، ولا يصح أن نتعاطف مع هذه النماذج؛ حتى لا تنتشر".

وشدّد عضو مجمع البحوث على محاسبة الطرفين، قائلًا "هما فعلا ذلك بإرادة حرة منهما، ولذلك لا بد من تحمُّل المسؤولية، فهذا الشاب أَقدم على ذلك بإرادته، فينبغي محاسبتهما، والتحقيق في الواقعة لا بد أن يتم، ولو كان ذلك عن طريق الـDNA في حالة إنكاره لذلك، والتحقق هل فعل هذه الجريمة أم لا، وتوقيع العقوبة".

التعاطف خطر
أردف: "نرفض التعاطف مع هذا النموذج، كي لا يتكرر المشهد، فنرى الأطفال اللقطاء"، مؤكدًا أن "هذه أعمال تقضي على مؤسسة الزواج، ونظام الأسرة، وتعمل على انحلال المجتمع".

تابع ناصحًا: "نقول للشباب المتعاطفين معهم على مواقع التواصل الاجتماعي، انتبهوا هذا عمل خاطئ، ويدق ناقوس الخطر للقضاء على المجتمع، وزيادة أطفال الشوارع بتداعياتها الخطيرة على البلاد".

وأكد أن هدير ارتكبت إحدى الكبائر، وتحدَّت شرع الله، ولا بد أن يُقام عليها حد "التعزير" الذي يبدأ بتوبيخها، ويمكن أن يصل إلى ضربها وجلدها، عن طريق ولي أمرها، الممثل في أهلها، أو السلطة القضائية في الدولة.

وبناء على فتوى الشيخ الجندي، طالب المحامي سمير صبري، بـ"التحقيق في هذه الجريمة البشعة، وتقديم المدعوّة هدير مكاوي إلى المحاكمة الجنائية، وتنفيذ حدّ "التعزير على هدير مطاوي".


&