تعرض النساء لعنف الرجال في البيت حالة معروفة في المجتمع الألماني، وهناك دراسات عديدة حولها، لكن تعرض الرجال لعنف زوجاتهم "تابو" مسكوت عنه.

إيلاف من برلين: تحدث "مركز إرشاد الرجال" الذي يهتم بقضايا الرجال المضطهدين من زوجاتهم عن 5 بيوت كبيرة في ألمانيا لإيواء الرجال الهاربين من العنف الأسري في بيوتهم. ويعتبر هذا الرقم كبيرًا على الرغم من ارتفاع عدد الألمان حاليًا إلى 83 مليونًا بفضل موجات اللاجئين (81 مليونًا قبل 2015).
&
باكون بصمت

هذه بيوت يلجأ إليها الرجال "الباكون بصمت" في مدن أولدنبورغ واوستيروده ولايبزغ ودريسدن وبرلين، إلا أن هذا الرقم لايقارن بـ70 بيتًا للنساء المضطهدات في ولاية الراين الشمالي التي تعتبر أكبر ولاية ألمانية من ناحية عدد السكان، ويعيش فيها نحو 20 مليون إنسان.

تقول إحصائية "مركز أرشاد الرجال" إن 4000 رجل اشتكى لدى الشرطة في عام 2016 من تعرضه للضرب على يد زوجته. يضاف إلى ذلك نحو 6000 رجل يتعرض للضرب على يد شريكته في الزيجات المسماة "الشراكات". هذا لا يمثل سوى قمة جبل الجليد لأن الرجال يخجلون من الحديث عن تعرضهم للضرب من قبل زوجاتهم، ونادرًا ما يسجل الرجال شكاوى من عنف النساء لدى الشرطة.

ذكر الدكتور فولغانغ كروغر الذي يتخصص بمتابعة قضايا عنف النساء ضد أزواجهن منذ 10 سنوات، أن "رجالًا بقامات طويلة مثل الأشجار يأتون إليه باكين عنف زوجاتهم".

يتعاون كروغر مع مركز "إرشاد الرجال" طوال الفترة المذكورة، ويقول إنه استطلع آراء 100 رجل يتعرض للعنف الأسري في البيت. ويضيف أن الرجال أكثر خجلًا من النساء بالتصريح حول "ضعفهم"، ويتجنبون مكاشفة أقرب أصدقائهم بذلك.
&
تلميحات وغمزات

تحدث بعضهم بأسف عن تقديم شكوى أمام الشرطة، لأنهم لا يستطيعون نسيان تلميحات وغمزات رجال الشرطة وهم يستمعون إلى قصة تعرضه للضرب على يد زوجته. وغالبًا ما يميل رجال الشرطة إلى التخفيف عن الرجل ودفعه إلى المصالحة، لكن غالبًا ما تنتهي العلاقة الزوجية بسبب الضرب.

إذا كان بعض الرجال المضطهدين يميلون إلى الصمت عن تعرضهم للضرب في البيت، فانهم يكذبون أمام الأطباء والمستشفيات، ويختلقون القصص حول آثار الضرب على وجوههم وهم ينشدون العلاج.

المشكلة، بحسب كروغر، هي أن الدولة لا تقدم دعمًا حتى الآن لبيوت الرجال المضطهدين كما تفعل مع بيوت النساء المضطهدات. ومعظم بيوت الرجال مبادرات كنسية وخيرية. ويؤكد ذلك المحامي بيتر تيل الذي يدير مكتبًا لإرشاد الرجال باسم "بيت الحماية من العنف" في برلين. يقول المحامي إن العديد ممن ينشدون النصح لديه هم من الرجال الذين يعانون عوقًا ما، ويتعرضون لاعتداءات زوجاتهم، إلا أن الدولة لا تقدم أي دعم لهم.
&
الرجال أيضًا

أجرى معهد دويسبورغ لاستطلاعات الرأي في القضايا العلمية – الاجتماعية دراسة حول التحرش الجنسي في موقع العمل بتكليف من مكافحة مركز الاضطهاد الألماني.

قال 56 في المئة من الرجال الذين شملهم الاستفتاء انهم يتعرضون للتحرش الجنسي بمختلف أنواعه، في حين أقرت بذلك 49 في المئة من النساء فقط. وهذا يعني أن الاستغلال الجنسي يتعلق مباشرة بالمراتب الإدارية، وهو ما يجعل النساء الأعلى وظيفيًا أكثر جرأة على التحرش بموظفيهن&الشباب.

العنف الأسري في وجهه الجندري المستشري

الفرق هنا أن معظم حالات التحرش باليد أو الاحتكات يمارسها الرجال في مواقع العمل، في حين تلجأ النساء أكثر إلى الايحاءات الجنسية والرسائل الإلكترونية مع الضغط النفسي والاحتكاك.

ظهر من الدراسة أن 82 في المئة من المتعرضين للتحرش من الجنسين، لا يعرفون أن القانون الألماني يقسر رب العمل أو المدير على توفير الحماية لهم. واعترفت نسبة 70 في المئة منهم بأنهم لا يعرفون أين يجدون العون عند تعرضهم للتحرش أو الاستغلال الجنسي.
&
نساء تعرضن للعنف

على الرغم من آلاف الرجال الذين يتعرضون للضرب، يبقى العنف الأسري ظاهرة ذكورية في الأساس وتصيب ملايين النساء. وتشير دراسة لوزارة العائلة الألمانية إلى أن 40 في المئة من النساء الألمانيات تعرضن خلال حياتهن للعنف الجسدي والجنسي ولو مرة واحدة. وتحدث 25 في المئة من أعمال العنف ضد النساء في بيت الزوجية.

تعرض 13 في المئة من الألمانيات، ممن يزيد عمرهن على 16 سنة، لتحرش جنسي يقع تحت طائلة القانون. ويتعرض 42 في المئة منهن لعنف نفسي يتجسد في التهديد والإهانة والحرمان من الأطفال ...إلخ. وأكثر النساء عرضة للضرب في البيت هن الراغبات في الانفصال أو الطلاق.

لا يمضي العنف الجسدي ضد النساء من دون آثار. وتقول الدراسة إن العنف ترك آثارًا جسدية، مثل الندوب والقروح القديمة، عند 51 في المئة من النساء المضطهدات، واضطر 33 في المئة لزيارة عيادة الطبيب أو المستشفى للعلاج من مضاعفات الضرب.
أقر 37 في المئة من النساء اللواتي تعرضن إلى العنف الجسدي، و47 في المئة ممن تعرضن للعنف الجنسي، بأنهن لم يخبرن أحدًا بما تعرضن إليه.
&
المتزوجات اكثر عرضة

ذكر البروفيسور كاي ديتلف بوسمان، استاذ القانون في جامعة هالة، أن العائلة التي يفترض أن تكون ضمانًا للسلم والحب والإنسجام، تحولت إلى ساحة معركة ومصدر خطير للعنف، وذلك بعد نشره دراسة جديدة عن العنف ضد النساء في ألمانيا.

تشي الدراسة بأن نساء العائلات يتعرضن لعنف واعتداءات تزيد 10 مرات عما تتعرض له النساء العازبات. وحذر بوسمان المجتمع الألماني من ظاهرة العنف ضد الزوجات مخاطبًا النساء: "إذا أردت أن تزيدي مخاطر تعرضك للاعتداء، فأسسي عائلة!". واستدرك قائلًا إن هذا الاستنتاج "إحصائي"، لكنه صحيح.

تثبت الدراسة أن 20 في المئة من الأطفال في ألمانيا تعرضوا للعنف. وتعرض 2 إلى 3 ملايين طفل، خلال مرحلة الطفولة، لعنف بالغ مرة واحدة في الأقل، في أثناء تربيتهم على يد الأهل والأقارب. استنتج بوسمان من هذه النتائج أن العنف في العائلة يربي الجيل القادم على ممارسة عنف أكبر في عوائلهم، وفي ما بينهم. وتميل المرأة التي تعرضت للعنف في عائلتها إلى استخدام عنف اكبر ضد أولادها وضد الآخرين.

قال بوسمان إنه لم يسبق لألمانيا أن شهدت مثل هذا العنف الأسري الذي تشهده العوائل اليوم. وينبغي معالجة هذا العنف من جذوره من طريق الكف عن ممارسة العنف في تربية الأطفال. ولاحظ الباحث أن وقف العنف بالقانون ليس سيئًا، لأن إصدار قانون &"حظر العنف" في عام 2000 في العائلة أدى فعلًا إلى إنقاذ الكثير من النساء من "جحيم" عائلاتهن.
&